آخر تحديث :الثلاثاء - 22 يوليو 2025 - 02:20 ص

منوعات


الاحتواء الأسري بداية تمكين ذوي الهمم من الزواج

الإثنين - 21 يوليو 2025 - 12:35 م بتوقيت عدن

الاحتواء الأسري بداية تمكين ذوي الهمم من الزواج

العين الثالثة/ متابعات

أثبتت واقعة زواج شاب وفتاة في مصر من ذوي الهمم أن قبول المجتمع بحق تلك الفئة في تكوين أسرة، لن يتحقق بلا احتواء أسري للأبناء المصابين بإعاقة والدفاع عنهم، وحثهم على تلك الخطوة، وعدم الاكتراث بما يثار من تعليقات سلبية تطالب بحرمانهم من الزواج بذريعة الإعاقة، أو عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات العلاقة الزوجية.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بتداول صورة لفتاة تُدعى سما رامي أثناء حفل خطبتها على الشاب أدهم تامر، وهما من ذوي الهمم، حيث أن سما مصابة بمتلازمة داون، وأدهم به إعاقة مرتبطة بصعوبات في التعلم وعدم القدرة على النطق السليم، لكن جاءت ردة فعل الأسرتين لتُسكت الأصوات الساخرة والمتنمرة التي طالبت بحرمان تلك الفئة من الزواج بدعوى الإعاقة.

كان موقف الأسرتين لافتا للانتباه، حيث خرج كل من الأبوين والأمين ليتهموا المجتمع بالجهل والعنصرية والتمييز، مقابل الدفاع عن حق الابن والابنة في الزواج وتكوين الأسرة، ودأب كل طرف منهم على ذكر مزايا سما وآم، وأنهما يتمتعان بصفات تكاد لا تكون موجودة في غيرهما، من حيث الذكاء وحب العمل والروح الطيبة والطموح غير المحدود وعدم الاستسلام للظروف الصحية والسعي نحو النجاح المستمر.

الميزة الأكبر في الاحتواء الأسري لذوي الهمم هي أنه يمنح جرعة شجاعة وثقة بالنفس لدى الأبناء مهما كان نوع الإعاقة

وأمام الهجمة التي قادها ذوو الأسرتين توارت التعليقات السلبية أمام الإشادة الواسعة بموقفهما في دعم الشاب والفتاة في خطوة الزواج، وهو الموقف الذي أكد أن احتواء المجتمع مهما كانت طقوسه وأعرافه وتقاليده لزوجين من ذوي الهمم لا يمكن أن ينشأ دون دعم معنوي وشجاعة في مواجهة بعض المحرمات التي أصبحت تشبه المقدسات، وهو ما ظهر في تعاطف الكثيرين مع حق سما وتامر في الزواج.

الميزة الأكبر في الاحتواء الأسري لذوي الهمم، وفق جمال فرويز استشاري الطب النفسي في القاهرة، هي أنه يمنح الأبناء جرعة شجاعة وثقة بالنفس مهما كان نوع الإعاقة، على عكس رفض الأسرة زواج ابنها أو ابنتها المصابة بإعاقة لأن ذلك يقود إلى أذى نفسي مستدام، حيث يكتسب الأبناء المعاقون الثقة والقدرة على النجاح من أسرهم في مواجهة المحيطين بهم.

ولا يخلو أي مجتمع من فئة ذوي الهمم، وتتفاوت نسبة القبول لزواجهم والاعتراف بكونهم قادرين على تكوين أسرة، حسب الوعي الثقافي والفكري ومستوى التعليم ومدى هيمنة العادات والتقاليد، وهنا يكون دور العائلة متقدما على أي طرف آخر في التشجيع على الخطوة وتأكيد الثقة بالنفس وتعزيز الصفات الإيجابية، على الأقل ليكون الابن قادرا على مواجهة الساخرين.

والتحدي الحقيقي أمام زواج ذوي الهمم عندما يكون المجتمع نفسه محكوما بلغة الوصاية على تصرفات وأفعال الناس والتحكم في أدق تفاصيل وقرارات حياتهم الشخصية، ومن هنا يأتي دور الأسرة لمواجهة تلك الوصاية الفجة بلغة تمنح الأبناء الثقة وتدفعهم نحو الاستمرار في التعايش كباقي الأفراد دون انتقاص من حقوقهم أو الطعن في قدراتهم مهما بلغت طبيعة الإعاقة.

هكذا فعلت أم العروس سما رامي، حيث خرجت بتصريحات تنتقد كل من حاول التقليل من قدرة ابنتها على الزواج وإدارة شؤون أسرة وأبناء، وقالت “ابنتي كباقي الفتيات لا ينقصها أي شيء، ومن حقها أن تُحِب وتُحَب وتتزوج وتُنجب أبناء وتكون قائدة لأسرة صغيرة عظيمة، ومن يعتقد أن الإعاقة ستمنعها من ذلك، فهو نفسه المعاق وليست ابنتي.”

وفعلت أم العريس تامر نفس الأمر، وخرجت في العديد من وسائل الإعلام لتذكر مزايا ابنها، وقالت “إذا كان يعاني من بعض الصعوبات في التعلم فإن ذكاءه شديد ويفوق الكثيرين من المجتمع، وليس هذا فحسب وإنما هو يعمل ويعتمد على نفسه ويسافر بحرية دون أن يساعده أحد، ومسؤول أكثر من غالبية أبناء جيله، ويفهم أدق التفاصيل وأي مشكلة معقدة يحلها بسهولة.”

وقال الاستشاري النفسي جمال فرويز لـ”العرب” إن شجاعة الأسرة في مواجهة أي تعليق سلبي على زواج ذوي الهمم نقطة مفصلية في دفعهم نحو تكوين عائلة شبه طبيعية، لأن تلك الفئة لديها حساسية تجاه أي تعليق سلبي وتحتاج إلى إظهار محاسنها وقدراتها وصفاتها الإيجابية، وهذا في حد ذاته يُحسب للأسرة، لكن المعضلة في التعليقات السلبية التي تقلل أحيانا من قدرات ذوي الهمم.

التحدي الحقيقي أمام زواج ذوي الهمم عندما يكون المجتمع نفسه محكوما بلغة الوصاية على تصرفات وأفعال الناس والتحكم في أدق تفاصيل وقرارات حياتهم الشخصية

وأضاف “قدرة الأبناء المصابين بإعاقات على الزواج ترتبط بمدى القوة والشجاعة التي يستمدونها من الأسرة باعتبارها السند ومصدر الإلهام، على عكس الذين تخلت عنهم أسرهم أو استسلمت لكونهم مصابين، لأن هذه الفئة تكتسب الطمأنينة والراحة النفسية والعزيمة من أقرب الناس إليها، والمهم التأهيل الأسري المبكر للزواج والرعاية باستمرار خلال الفترة الأولى بعد الارتباط.”

ويفترض قبل أن تتغير نظرة المجتمع إلى حق الأبناء من ذوي الهمم في الزواج، إذا كانت قدراتهم تسمح بذلك، أن يكون هناك خطاب توعوي مكثف من الإعلام والمؤسسات الدينية والثقافية والفكرية والأعمال الفنية والدرامية، كي تتغير نظرة الناس إلى تلك الفئة، ويصبح حقها في الزواج هدفا مجتمعيا لا يحتاج إلى دعم أسري في مواجهة الفئة الرافضة، بل يصبح الأمر ثقافة مجتمع بأكمله.

وهناك شريحة لديها رؤية منطقية نسبيا في مبررات رفضها لزواج ذوي الهمم بأنهم لن يستطيعوا تكوين أسرة طبيعية، لكن فئة أخرى ترى في ذلك تدخلا غير مبرر وفرضا للوصاية، لأن حق الزواج من عدمه يجب أن يكون وفق رؤية طبية أولا، ثم قرار الأسرتين بناء على قدرات أبنائهما لا وفق نظرة المجتمع، وطالما أن المعاق لديه الحد الأدنى من الوفاء بمتطلبات الحياة الزوجية يجب منحه هذا الحق.

وحالة سما وآدم أثارت جدلا مصريا واسعا، فكلاهما لديه إعاقة تختلف عن الآخر، ثم أنهما رضيا بذلك وبينهما علاقة حب ومودة ونجحا في الوصول إلى فترة الخطوبة دون منغصات، أيّ أنهما متوافقان إلى حد بعيد في بعض الصفات التي يمكن أن تساعدهما على النجاح مستقبلا مع استمرار دعم الأسرتين لهما بعد الزواج، ما يجعل الرؤى المجتمعية الرافضة لارتباط ذوي الهمم منقوصة وظالمة.

ومن المهم أن يقتنع المجتمع بأن كل صاحب إعاقة ليس مختلا ولا عاجزا عن أن يكون قادرا على تحقيق النجاح في حياته الزوجية، وهناك أصحاء فشلوا في المهمة رغم توافر كل الإمكانيات أمامهم، وفي النهاية تظل العبرة بمدى قيام الأسرة بتأهيل أبنائها المعاقين وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم كخطوة يمكن البناء عليها لإقناع الآخرين بأن تلك الفئة بينها القادر على الزواج، وعلى المجتمع احترام هذا الحق.

شاهد أيضًا

الرئيس الزُبيدي من قلب المصفاة: مصافي عدن شريان استراتيجي.. ...

الإثنين/21/يوليو/2025 - 02:38 م

قام الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، اليوم الإثنين، بزيارة تفقدية إلى شركة مصافي عدن


عدن على حافة فقدان أملٍ طبي.. "وحدة المناظير" في مستشفى الصد ...

الأحد/20/يوليو/2025 - 10:30 م

في قلب العاصمة عدن، وتحديداً داخل مركز الأورام بمستشفى الصداقة، تقاوم "وحدة المناظير" في صمت الانهيار الوشيك الذي يهدد بقاءها، وسط ظروف اقتص


جنوبٌ على حافة التحوّل.. ما بين هيكلة القوة وبناء السيادة ...

الأحد/20/يوليو/2025 - 10:00 م

في زمن التقلّبات الإقليمية والعواصف الداخلية، لا تُولد الدول إلا من رحم النظام والانضباط، ومن هنا، يعيد الجنوب ترتيب بنيته العسكرية ليس كاستعراض قوة،


الرئيس الزُبيدي يعين أنور التميمي ناطقًا رسميًا باسم المجلس ...

الأحد/20/يوليو/2025 - 09:09 م

أصدر الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم الأحد الموافق 20 يوليو، القرار رقم (14) لعام 2025، قضت مادته الأولى بتعيي