في تطور مثير للجدل، ظهرت أدلة ووثائق تثبت تورط مسؤولين بارزين في قطاع الاتصالات اليمني في صفقة مشبوهة تتعلق بخدمة الإنترنت الفضائي المقدمة من شركة "ستار لينك" الأمريكية.
وتواجه اليمن في الآونة الأخيرة أزمة تتعلق بشركة ستار لينك، حيث تفجرت فضيحة فساد تهدد مستقبل قطاع الاتصالات في البلاد.
وفقًا لمعلومات حصرية حصل عليها "العين الثالثة" تم الكشف عن وجود صفقة مشبوهة تشمل مسؤولين بارزين في وزارة الاتصالات، مما أثار قلقًا واسعًا في الأوساط المحلية والدولية.
هذه الصفقة التي تمت وسط غياب الشفافية وخرق القانون، تضع مستقبل قطاع الاتصالات اليمني على المحك.
الخلفية
تعود جذور هذه القضية إلى توقيع اتفاقية خدمات الإنترنت الفضائي بين شركة "ستار لينك" ومؤسسة الاتصالات السلكية واللاسلكية في اليمن.
هذا الاتفاق تم بتواطؤ من شخصيات قيادية رفيعة، حيث تشير الوثائق إلى أن وائل طرموم، مدير عام مؤسسة الاتصالات، ومنصور الوليدي، مدير عدن نت، وقعا الاتفاق في الأردن بعد وفاة وزير الاتصالات نجيب العوج بأربعة أيام.
تم هذا الاتفاق بوساطة هشام القربي، مما أثار علامات استفهام حول دور السماسرة في هذه الصفقة الحساسة.
خروقات قانونية
الوثائق المسربة تكشف عن خرق واضح وصريح لقانون الاتصالات اليمني رقم (38) لعام 1991م، الذي يخوّل فقط للشركة اليمنية للاتصالات الدولية "تيليمن" تسويق وبيع خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية.
ومع ذلك، تجاوزت المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية هذا القانون وتولت مهام التفاوض والتوقيع مع "ستار لينك"، في انتهاك صريح للأنظمة المعمول بها.
السؤال المطروح الآن: لماذا تم تجاهل قانون الاتصالات وتكليف مؤسسة الاتصالات السلكية واللاسلكية بدلاً من "تيليمن" بالتوقيع على الاتفاقية؟
الرسائل المرفقة
واحدة من الوثائق التي تثير الجدل هي رسالة رسمية موجهة من الرئيس التنفيذي لشركة "تيليمن" في 13 مارس 2014م إلى وزير الاتصالات وتقنية المعلومات.
هذه الرسالة تؤكد أن "تيليمن" هي الجهة الوحيدة المخولة قانونياً بالتعامل مع خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية.
وعلى الرغم من هذا الطرح القانوني الواضح، تم إقالة الرئيس التنفيذي في إبريل 2024م، مما يثير تساؤلات حول دوافع هذه الإقالة.
بالإضافة إلى ذلك، تظهر رسالتان أخريان خللاً واضحاً في التراتبية القيادية والتنظيمية بين السلطات الرئاسية والتنفيذية في اليمن.
إذ تثبت الوثائق أن المدير التنفيذي لمؤسسة الاتصالات السلكية واللاسلكية، الذي يتبع وزارة الاتصالات، خاطب مباشرةً رئيس مجلس القيادة الرئاسي بشأن استكمال الإجراءات التعاقدية مع "ستار لينك"، متجاوزاً الأطر القانونية والتنظيمية المعتادة.
تداعيات الصفقة
تفتح هذه الفضيحة بابًا واسعًا للتساؤل حول مدى تأثير هذه الصفقة على قطاع الاتصالات في اليمن.
إذ يمكن أن يؤدي هذا الخرق الواضح للقوانين إلى تفاقم حالة الفساد التي تضرب جذور القطاع، ما يهدد جودة وسلامة الخدمات المقدمة للمواطنين.
علاوة على ذلك، فإن إضعاف "تيليمن"، الجهة الشرعية في تقديم خدمات الإنترنت الفضائي، يعرض مستقبل الاتصالات الدولية في اليمن للخطر.
الردود الرسمية
حتى الآن، لم تصدر أي تصريحات رسمية من الجهات المعنية للرد على هذه الاتهامات، فيما تتصاعد الضغوط على الحكومة اليمنية ووزارة الاتصالات لتوضيح ملابسات الصفقة واتخاذ إجراءات قانونية ضد المسؤولين المتورطين.
الخلاصة
فضيحة "ستار لينك" تلقي بظلالها على قطاع الاتصالات اليمني وتفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى تفشي الفساد في هذا القطاع الحساس.
ويبقى السؤال: هل ستتخذ الجهات الرسمية إجراءات صارمة لحماية مصالح المواطنين ومحاسبة المتورطين؟ أم أن هذه الفضيحة ستضيع في غياهب البيروقراطية والفساد المستشري؟
الوثائق المرفقة تدعم هذه الحقائق وتكشف النقاب عن خلل عميق في طريقة إدارة هذا القطاع الحيوي.
وتظل هذه الفضيحة تسلط الضوء على الفساد المستشري في المؤسسات اليمنية، مما يهدد مستقبل الاتصالات في البلاد ويزيد من قلق المواطنين.
ويتطلب الأمر تحقيقًا شاملًا وشفافًا لمعالجة هذه الانتهاكات وضمان عدم تكرارها في المستقبل.
يتعين على الحكومة اليمنية أن تتحمل مسؤولياتها وأن تعمل على حماية حقوق المواطنين وضمان سلامة قطاع الاتصالات.