آخر تحديث :الجمعة - 15 أغسطس 2025 - 12:23 م

قاعة عزاء أم مجلس قات؟

الجمعة - 15 أغسطس 2025 - الساعة 10:26 ص

علي محمد سيقلي
الكاتب: علي محمد سيقلي - ارشيف الكاتب



في الجنوب، كان العزاء يوماً ما مناسبة تتشح بالوقار، وتُسكب فيها دموع الصبر، ويُصغى فيها إلى كلمات المواساة التي تشد أزر أهل الفقيد.
كانت رائحة البخور تعبق في الأرجاء، ممتزجة بخشوع الحاضرين، فيما يتسلل صوت تلاوة القرآن الكريم إلى كل زاوية من المكان، يمنحه سكينة وهيبة تليق بالمقام.

لكن، ومنذ الوحدة المشؤومة، تسلل إلينا وباء اجتماعي غريب على بيئتنا وعاداتنا، بتحويل صالات العزاء إلى مقيل قات جماعي. يجلس المعزون على أرضية القاعة، أكياس القات في أحضانهم، وأصوات الضحك والممازحة تغطي على صوت الفاتحة.
لا فرق بين عزاء وجلسة "شوهة" في مقيل، إلا أن الجدران زمان كانت مزينة بصورة المرحوم، أما اليوم فمزينة بصور المنتفخة خدودهم، والمشوهة وجوههم.
الأدهى أن المشهد يختلط فيه الحزن بالهزل، معزون مشغولون بمضغ أوراق خضراء "مخدرة" وأحاديث جانبية عن صفقة أراضٍ أو أزمة وقود، بينما أهل الفقيد ينظرون بحرج إلى هذا الانقلاب على معنى العزاء. كأن احترام الميت صار ترفا، والخشوع للروح الراحلة بات رفاهية لا يطيقها المنتشي.
هذه الظاهرة القبيحة ليست من نسيجنا الجنوبي، بل تسربت إلى ثقافتنا مع باقة من العادات الذميمة التي جاءت من الشمال، لتفرغ العزاء من رمزيته وتحوله إلى مقيل موسع.
وحتى لا نصبح أسرى لهذا الوباء الاجتماعي، لا بد من وقفة واعية تعيد للعزاء قدسيته، كتخصيص قاعات العزاء للمواساة فقط، ومنع دخول القات إليها تماماً، وتذكير الناس بأن الميت أحق بالدعاء له من الضحك على نكتة أو تعليق سياسي.

إن التخلص من هذه العادة لا يحتاج إلى قوانين فقط، بل إلى إرادة اجتماعية تحيي قيمنا القديمة، حين كان الناس يواسون بقلوبهم لا بأكياسهم، ويخرجون من العزاء وهم أكثر قرباً من الميت وأهله، لا وهم يتساءلون: "من أين أشتريت قاتك اليوم يا جني؟".




شاهد أيضًا

موظفة بجامعة عدن براتب 7 آلاف ريال.. معاناة مستمرة ...

الجمعة/15/أغسطس/2025 - 10:40 ص

تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي قصة الموظفة المتعاقدة العمة أروئ، العاملة في ديوان جامعة عدن منذ 2011 براتب 7 آلاف ريال يمني فقط. وأوضح المصد


وفاة غامضة لطفلة في لحج.. علامات على الرقبة تثير الشبهات وتح ...

الجمعة/15/أغسطس/2025 - 09:30 ص

باشرت شرطة مديرية تبن في محافظة لحج تحقيقًا عاجلًا في وفاة طفلة تبلغ من العمر 15 عامًا، وُجدت عليها علامات احمرار واضحة في منطقة الرقبة عند وصولها الم


دواء الفقراء.. تجارة الموت في قبضة الاحتكار ...

الجمعة/15/أغسطس/2025 - 09:00 ص

في وقت يتطلع فيه المواطن اليمني إلى بارقة أمل مع بدء تعافي سعر صرف العملة وتحسن مؤشرات الاقتصاد، يطل قطاع الأدوية كأحد أكثر القطاعات فسادًا واستغلالًا


استقرار نسبي في أسعار الصرف بعدن وحضرموت… وفارق كبير مع صنعا ...

الجمعة/15/أغسطس/2025 - 08:40 ص

شهدت أسعار صرف العملات الأجنبية صباح اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 استقرارًا نسبيًا في العاصمة عدن ومحافظة حضرموت، حيث بلغ سعر الدولار الأمريكي 1617 ريال