آخر تحديث :الجمعة - 15 أغسطس 2025 - 11:10 ص

قضايا


دواء الفقراء.. تجارة الموت في قبضة الاحتكار

الجمعة - 15 أغسطس 2025 - 09:00 ص بتوقيت عدن

دواء الفقراء.. تجارة الموت في قبضة الاحتكار

العين الثالثة/ متابعة خاصة

في وقت يتطلع فيه المواطن اليمني إلى بارقة أمل مع بدء تعافي سعر صرف العملة وتحسن مؤشرات الاقتصاد، يطل قطاع الأدوية كأحد أكثر القطاعات فسادًا واستغلالًا لمعاناة الناس، وسط اتهامات لشركات كبرى بتحقيق ثروات طائلة على حساب حياة المرضى والجرحى، ورفضها خفض الأسعار رغم الانخفاض الملحوظ في تكاليف الاستيراد.


قطاع حيوي تحت هيمنة المال
بحسب رصد العين الثالثة، يمثل قطاع الأدوية شريان حياة للملايين، خاصة لأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة ومستعصية، ويحتاجون إلى العلاج بشكل دائم للحفاظ على حياتهم.. ومع ذلك، تحوّل هذا الشريان إلى ساحة للابتزاز التجاري، حيث تواصل شركات الأدوية بيع منتجاتها بأسعار مرتفعة، غير آبهة بالانخفاض الكبير في سعر الدولار خلال الأسابيع الأخيرة.

مصادر اقتصادية تؤكد أن حجم الأموال المتداولة في تجارة الأدوية في اليمن يصل إلى مليارات الدولارات سنويًا، ومعظمها يتركز في يد عدد محدود من التجار والشركات الكبرى، التي تستورد وتوزع الأدوية دون وجود رقابة صارمة أو تسعيرة موحدة ملزمة.

الحكومة تكبح الأسواق.. والدواء خارج المعادلة
في الأسابيع الماضية، اتخذت الحكومة والبنك المركزي اليمني جملة من الإجراءات للحد من ارتفاع الأسعار، شملت ضبط أسعار المواد الغذائية والمحروقات ومواد البناء، وإغلاق العشرات من محلات الصرافة غير المرخصة التي كانت تضارب بالعملة وتتسبب في انهيار الريال.. غير أن هذه الإجراءات لم تشمل حتى الآن قطاع الأدوية، ما فتح المجال أمام استمرار الاحتكار و"المتاجرة بدماء وصحة المواطنين"، كما يصفها نشطاء.

العين الثالثة رصدت شهادات لمرضى وجرحى أكدوا أنهم اضطروا للاستغناء عن بعض العلاجات الضرورية بسبب أسعارها الباهظة، الأمر الذي أدى إلى تدهور حالاتهم الصحية، بل ووفاة بعضهم لعدم قدرتهم على شراء الدواء.

تعنت الشركات ومطالبات بالإجراءات الحاسمة
رغم الدعوات المتكررة من مواطنين وأطباء ومنظمات مجتمع مدني لخفض أسعار الأدوية بما يتناسب مع تحسن سعر الصرف، إلا أن شركات الأدوية واصلت التعنت، مبررة موقفها بوجود تكاليف تشغيلية مرتفعة وتعقيدات في عملية الاستيراد. هذه التبريرات يصفها مراقبون بأنها "ذريعة لنهب جيوب المرضى".

ناشطون جنوبيون أطلقوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملات شعبية تحت شعارات:
#الأدوية_خط_أحمر
#لا_لابتزاز_المرضى
#خفضوا_سعر_الدواء
وطالبوا فيها الحكومة بإصدار قرارات عاجلة بإغلاق الصيدليات التي ترفض الالتزام بخفض الأسعار، وإحالة الشركات المخالفة للتحقيق، باعتبار أن "الصحة العامة" قضية أمن قومي لا تحتمل المساومة.

الفساد في قلب القطاع الصحي
يرى خبراء تحدثوا إلى العين الثالثة أن ما يحدث في قطاع الأدوية ليس مجرد جشع تجاري، بل هو جزء من شبكة فساد أوسع تشمل التلاعب في المواصفات، وتهريب أدوية منتهية الصلاحية، وغياب الرقابة على المخازن والمنافذ.

ويضيف أحد الصيادلة: "هناك شركات كبرى تُدخل أصناف أدوية بأسعار زهيدة من الخارج، ثم تبيعها هنا بأضعاف مضاعفة، مستغلة غياب الرقابة واحتكار السوق".

نحو رقابة ومساءلة
أمام هذا الواقع، تتعالى الأصوات المطالبة بوضع قطاع الأدوية تحت المجهر، وإلزام الشركات بالتسعيرة الرسمية التي تحددها وزارة الصحة والبنك المركزي، وفرض رقابة صارمة على عمليات الاستيراد والتوزيع، بما يضمن وصول الدواء إلى المواطن بسعر معقول وجودة مضمونة.

كما يقترح اقتصاديون إنشاء "هيئة وطنية لرقابة الأدوية" تتمتع بصلاحيات واسعة، وتكون مستقلة عن نفوذ التجار، لضمان عدم تكرار سيناريو الاحتكار الذي يدفع ثمنه المواطنون اليوم.

في بلد أنهكته الحروب والأزمات، يصبح الدواء قضية حياة أو موت، ومع استمرار استغلال المرضى لتحقيق أرباح غير مشروعة، تبرز الحاجة الماسة لقرار سياسي حازم يضع صحة المواطن فوق مصالح الشركات، ويكسر قبضة الفساد التي أحكمت سيطرتها على واحد من أهم القطاعات الحيوية في اليمن.. "حين يتحول الدواء إلى سلعة للمساومة، تتحول حياة الناس إلى ورقة رابحة بيد تجار الموت".

شاهد أيضًا

موظفة بجامعة عدن براتب 7 آلاف ريال.. معاناة مستمرة ...

الجمعة/15/أغسطس/2025 - 10:40 ص

تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي قصة الموظفة المتعاقدة العمة أروئ، العاملة في ديوان جامعة عدن منذ 2011 براتب 7 آلاف ريال يمني فقط. وأوضح المصد


وفاة غامضة لطفلة في لحج.. علامات على الرقبة تثير الشبهات وتح ...

الجمعة/15/أغسطس/2025 - 09:30 ص

باشرت شرطة مديرية تبن في محافظة لحج تحقيقًا عاجلًا في وفاة طفلة تبلغ من العمر 15 عامًا، وُجدت عليها علامات احمرار واضحة في منطقة الرقبة عند وصولها الم


دواء الفقراء.. تجارة الموت في قبضة الاحتكار ...

الجمعة/15/أغسطس/2025 - 09:00 ص

في وقت يتطلع فيه المواطن اليمني إلى بارقة أمل مع بدء تعافي سعر صرف العملة وتحسن مؤشرات الاقتصاد، يطل قطاع الأدوية كأحد أكثر القطاعات فسادًا واستغلالًا


استقرار نسبي في أسعار الصرف بعدن وحضرموت… وفارق كبير مع صنعا ...

الجمعة/15/أغسطس/2025 - 08:40 ص

شهدت أسعار صرف العملات الأجنبية صباح اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 استقرارًا نسبيًا في العاصمة عدن ومحافظة حضرموت، حيث بلغ سعر الدولار الأمريكي 1617 ريال