آخر تحديث :الخميس - 22 مايو 2025 - 12:50 ص

الوحدة اليمنية وفك الارتباط

الأربعاء - 21 مايو 2025 - الساعة 09:35 م

أديب السيد
الكاتب: أديب السيد - ارشيف الكاتب



لقد شكل اعلان فك الارتباط في 21 من مايو 1994، حلا سريعا وجذريا، لفشل مشروع الوحدة اليمنية الذي كان سيجنب الشمال والجنوب حروبا وصراعات مستمرة منذ أكثر من 30 سنة.
فك الارتباط هو ما كان يجب ان يتم مبكرا وتجنب كل دوامات الصراع وانهيارات البلد الاقتصادية والامنية. لكن النية المبيتة من قبل قادة اليمن الشمالي لاحتلال دولة الجنوب كان مخطط له منذ توقيع مشروع الوحدة.

حيث تسببت تلك النوايا الهمجية ونظرة اليمن الشمالي وقادته وأحزاب وقبائله وحتى مثقفيه لمشروع الوحدة اليمنية إلى فرع عاد للاصل، وتحويلة الى نهب وغنائم وتدمير واغتيالات وجرائم، هي لن تسقط بالتقادم.

اليوم في ظل الحروب المستمرة والصراعات داخل اليمن الشمالي، لم يعد من مخرج من الفوضى الا باستعادة دولة الجنوب وانهاء تلك الوحدة الفاشلة. لعزل الجنوب اولا وتحقيق الاستقرار فيه، ومن ثم يمكن أن يكون منطلقا لاحداث استقرار في اليمن الشمالي.

إن السلبيات التي رافقت ” الوحدة اليمنية ” يجب أن توضع موضع الوزن الصحيح ، وتحليل دقيق وصادق للوضع الراهن، حيث يمكن للقارئ ان لا يرى في الوحدة اليمنية بمفهومها ومشروعها السياسي اي نجاح او حققت أي انجاز للشعب، حتى ولو على المستويات الدنيا ، ولو كانت كذلك ، لما وصلت الحالة الى ما هي عليه اليوم ، والتي يراها الجميع جلياً بأنها مرحلة انهيار تام وشامل وضعت الشعبين في الشمال والجنوب على حافة الهاوية وصراع دموي مستمر وانقسامات متواصلة، تكمن خطورتها على كافة الاتجاهات والأصعدة السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية .

لقد انتهت الوحدة اليمنية منذ إصرار صنعاء على موقفها واستمرارها بالقضاء على ما تبقى من شكل لاتفاقيات الوحدة اليمنية ونقض كل الاتفاقيات، وإصدار الفتاوى التكفيرية وتحليل دماء شعب الجنوب، ومن ثم الغزو العسكري على الجنوب واحتلال دولته عام 94م، ومن ثم انتهاج الشمال سياسة التدمير والقضاء على كل ما له صلة بدولة الجنوب ، واعتباره ” فراعاً عاد للأصل ” .
ونهب كل ممتلكات ومكتسبات دولة الجنوب وشعبها ، باعتبارها غنيمة حرب ، ومعاملة الشعب الجنوبي على أنه اقلية ومن درجات مواطنة متاخرة .

كما خطط نظام الشمال واحزابه بسعي حثيث لإجراء طمس كامل لشعب الجنوب وهويته ، وتغيير ” ديموجرافيته ” وهذه بحد ذاتها جريمة عظمى ودليل على تصفية الوحدة اليمنية .

إضافة إلى ممارسات مشينة استعمارية حاقدة ، اي ممارسة صنعاء دور المنتصر على المهزوم وفرض عنصرية عرقية وثقافية وإجتماعية مرفوضة ، ومحاولة اجتثاث تاريخ الجنوب وأجياله السابقة وثقافته المتقدمة وقيمه وانظمته المتطورة ..

سقطت الوحدة اليمنية فعليا وانتهت، وهناك اعترافات كثيرة لقيادات من الصف الاول في اليمن الشمالية بفشل تلك الوحدة وتحولها إلى استعمار. إذ جاء ذلك على السنة عدد من قيادات الدولة الموحدة ابرزهم القائد العسكري الكبير علي محسن الاحمر، في خطاب رسمي القاه في العام 2011، اثناء خرج الشعب لإسقاط نظام علي عبدالله صالح فيما سمي بثورة الربيع العربي.

كما اكد الحوار الوطني اليمني عام 2013، بفشل الوحدة وتحويل البلد إلى اقاليم،
وهنا يمكن التأكيد ، أن ما ذهب اليه ” حوار صنعاء ” الذي انطلق في 18 مارس 2013م ، وتجاوز مدته المحددة باشهر نتيجة تعقيد ” قوى صنعاء ” ورؤيتها الرافضة بالاعتراف بــ” القضية الجنوبية ” كقضية واقعية ، حال دون الافصاح بشكل واضح عن الحلول الجوهرية لتلك القضية ، لكنه اكد وبشكل صريح فشل ” الوحدة اليمنية الاندماجية ” القائمة منذ 22 مايو 90م ، وقام باسقاطها نهائياً ، وتحويلها إلى ” دولة اتحادية ” بموافقة كافة اطرافه الشمالية ، والخروج برؤية لتقسيم ” اليمن الموحد ” الى ” ستة اقاليم – 4 في الشمال – و2 في الجنوب ” ، رغم عدم مشاركة ممثلي الشعب الجنوبي فيه ، ومشاركة بعض الافراد الجنوبيين المحسوبين على احزاب يمنية ، بعد مقاطعة مكونات الجنوب والحراك الجنوبي السلمي للحوار اليمني بشكل كامل.

من هنا فإنه لا يمكن ان يرى أي سياسي واقعي ومنصف أن هناك انجازاً للوحدة اليمنية ، الا ( وحدة جغرافية ) أزالت الحدود والبراميل بين الدولتين وفتحت حرية التنقل والسكن للشعبين ، وهذه من منطلق واقعي ليست وحدة بقدر ما هي أشياء طبيعية يجب بقاءها واستمرارها حتى بعد استعادة الدولتين لمكانتيهما المستقلتين .

ولهذا فإن استعادة استقلال دولة الجنوب من خلال ( فك ارتباط – أو تقرير المصير ) يجب أن يكون واقعا لتلافي أخطاء الماضي وعدم تكرارها، وبات شيئاً ملحاً ومن مصلحة الشعبين في الجنوب والشمال، لكون الحقائق الموضوعية والأسباب التأريخية والظروف الحالية بعد حرب 2015 اصبحت امر واقعاً وتحتم انهاء تلك الوحدة اليمنية وعودة دولتي الشمال والجنوب لوضعهما قبل تلك الوحدة الفاشلة، بل انها صارت أمراً موضوعياً من اجل حماية أمن المنطقة العربية والامن والسلم والدوليين .




شاهد أيضًا

سباق مع الموت: فريق سعودي يُعيد الحياة ليمنية توقف قلبها 20 ...

الخميس/22/مايو/2025 - 12:10 ص

في واحدة من أكثر الحالات الطبية تعقيدًا وإثارة، تمكن فريق طبي تطوعي سعودي تابع لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، من إنقاذ حياة امرأة يمنية


ليلى عبد اللطيف: اضطرابات أمنية قد تُغلق مطارات.. وصفقات اقت ...

الأربعاء/21/مايو/2025 - 11:55 م

أثارت خبيرة التوقعات اللبنانية ليلى عبد اللطيف جدلاً واسعاً بعد كشفها عن سلسلة تنبؤات جديدة لعام 2025، كان أبرزها ما يتعلق بمصر، حيث توقعت حدوث "اضطرا


وزير الدفاع يعلن ترتيبات أمنية لفتح الطرقات ...

الأربعاء/21/مايو/2025 - 10:10 م

ترأس وزير الدفاع اليمني، الفريق الركن محسن الداعري، اليوم الأربعاء، اجتماعاً موسعاً في العاصمة المؤقتة عدن، ضم قيادات الوزارة ورؤساء الهيئات ومديري ال


المركزي يحسم الجدل: لا طباعة للعملة.. والتمويل التضخمي "خط أ ...

الأربعاء/21/مايو/2025 - 09:50 م

نفى مصدر مسؤول في البنك المركزي اليمني بعدن صحة المزاعم المتداولة بشأن نية البنك طباعة كميات جديدة من العملة المحلية لتمويل عجز الموازنة، مؤكدًا أن هذ