أبدت نيودلهي اهتماماً متزايداً بالحصول على منظومة الدفاع الجوي الروسية المتقدمة “إس-500 بروميتي”، وذلك استناداً إلى ما وصفته بـ”تجربتها الناجحة” مع منظومة “إس-400 تريومف” التي بدأت الهند في إدخالها للخدمة منذ عام 2021. وبحسب ما أفادت به وسائل إعلام هندية، فإن موسكو عرضت بيع المنظومة في إطار صفقة حكومية مباشرة (G2G)، تتضمن نقل التكنولوجيا (ToT) والتصنيع المشترك داخل الهند.
ويهدف هذا الترتيب إلى تمكين الهند من تصدير منظومة إس-500 إلى دول أخرى، متجاوزةً القيود الاقتصادية المفروضة على شركات السلاح الروسية نتيجة العقوبات الغربية. كما يتماشى مع طموح الهند المستمر منذ عام 2021 في الحصول على سربين إضافيين من إس-400 إلى جانب الأسراب الخمسة التي سبق التعاقد عليها، مما يعزز من قدراتها الدفاعية الجوية في مواجهة التهديدات المتنامية.
تُعد منظومة إس-500 بروميتي، من إنتاج شركة “ألماز-أنتي” الروسية، من أحدث أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي في العالم، وتتميز بقدرتها على التصدي لطيف واسع من التهديدات، بما في ذلك الصواريخ الباليستية، والأسلحة الفرط الصوتية، والطائرات الشبحية، وحتى الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض. ويصل مداها في مواجهة الأهداف الجوية إلى 600 كيلومتر، بينما يبلغ مداها في التصدي للصواريخ الباليستية 500 كيلومتر، ما يجعلها تتفوق على منظومة إس-400. كما تم تزويدها برادارات متقدمة مثل رادار القيادة 91N6E والصواريخ الاعتراضية 77T6، مما يسمح لها باستهداف أهداف على ارتفاع يصل إلى 200 كيلومتر
وأكد مسؤولون هنود في أكثر من مرة فعالية منظومة إس-400 بعد نشرها على الحدود الغربية والشمالية للهند، لتعزيز قدراتها الدفاعية الجوية في مواجهة الصين وباكستان. ووفقًا لهم، خلال عملية “سيندور” التي نفذها الجيش الهندي في مايو 2025، “لعبت المنظومة دوراً محورياً في تحييد التهديدات الجوية الباكستانية، بما فيها مقاتلات JF-17 بلوك 3 و J-10CE المزودة بصواريخ PL-15E الصينية”.
ويُنظر إلى عرض موسكو للتصنيع المشترك للـS-500 في الهند كخطوة استراتيجية تهدف إلى الالتفاف على العقوبات الغربية التي فرضت بعد اندلاع الصراع في أوكرانيا، والتي حدّت من قدرة شركات الدفاع الروسية مثل “ألماز-أنتي” على دخول الأسواق العالمية. من خلال الشراكة مع الهند، تسعى روسيا إلى تنويع سلاسل الإمداد لديها والاستفادة من بيئة التصنيع الدفاعي الهندية المتنامية، ما يمكنها من تصدير المنظومة إلى دول صديقة في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، تتحفظ على التعامل المباشر مع روسيا.
وسيسمح نقل التكنولوجيا والتصنيع المشترك للهند بإنتاج مكونات رئيسية من منظومة إس-500 مثل الرادارات، وأنظمة الاعتراض، وأنظمة القيادة والسيطرة، وهو ما ينسجم مع مبادرة “صُنع في الهند” التي تركز على التصنيع المحلي ونقل التقنية. وترى روسيا في الهند شريكاً موثوقاً يمكن أن يلعب دور منصة تصدير للمنظومة نحو الأسواق العالمية، مستفيدة من سجل الهند المتنامي في تصدير الأسلحة، كما في حالة بيع منظومة الصواريخ “بيناكا” إلى أرمينيا، واهتمام دول مثل السعودية، وفيتنام، وإندونيسيا بالتعاون الدفاعي مع نيودلهي.
كما سيساهم هذا النموذج المشترك في تقليص المخاطر على الشركات الروسية من خلال حمايتها من التعرض المباشر للعقوبات. وتُعتبر الهند مرشحاً مثالياً لتسويق إس-500 بفضل شبكة علاقاتها الواسعة ومكانتها الجيوسياسية.
ويأتي اهتمام الهند بالمنظومة في سياق حاجتها إلى نظام دفاع متعدد الطبقات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، في ظل تنامي قدرات الصين في مجال الصواريخ الفرط الصوتية مثل DF-21D وDF-26، وسعي باكستان لتطوير صواريخ باليستية وكروز متقدمة مثل “بابور”. ويزعم الروس أن الإس-500 قادر على التعامل مع الأهداف الفرط الصوتية وحتى الأقمار الصناعية، وهو عنصر مكمل لمنظومتي إس-400.
وكانت الهند قد وقعت صفقة بقيمة 5.43 مليار دولار لشراء خمس كتائب من إس-400، وبدأت عمليات التسليم في ديسمبر 2021، مع نشرها لحماية مناطق استراتيجية مثل العاصمة نيودلهي والحدود مع الصين وباكستان. غير أن التوترات الروسية الأوكرانية والعقوبات ذات الصلة أدت إلى تأخر بعض عمليات التسليم