آخر تحديث :الجمعة - 27 يونيو 2025 - 08:55 م

قضايا


أموال طائلة تُصرف والصيانة غائبة.. من يراقب صندوق الطرق؟

الجمعة - 27 يونيو 2025 - 04:00 م بتوقيت عدن

أموال طائلة تُصرف والصيانة غائبة.. من يراقب صندوق الطرق؟

العين الثالثة/ تقرير خاص

في وقت تعاني فيه معظم المحافظات اليمنية من تهالك البنية التحتية وتدهور شبكات الطرق، فجّر طلب صادر عن صندوق صيانة الطرق والجسور الحكومي موجة غضب واسعة، بعد مطالبته بتعزيز مالي جديد قدره خمسة مليارات ريال يمني لتغطية نفقات الربع الثاني من عام 2025، في ظل انعدام الشفافية والرقابة، وشكوك متزايدة حول أوجه الصرف السابقة.


طلب عاجل.. وأرقام مثيرة للجدل
جاءت المطالبة بالمبلغ عبر مذكرة رسمية موجّهة إلى الجهات العليا، يشير فيها الصندوق إلى حاجته لتعزيز ميزانيته "بصورة عاجلة"، معللاً ذلك بعدم كفاية الموارد الحالية لاستمرار أعماله في صيانة وتأهيل الطرق، ومشيراً إلى أن النفقات السابقة قد تم صرفها "بحسب خطة التصفية" المعتمدة.

لكن التفاصيل المرفقة بالمذكرة أثارت تساؤلات حادة حول حقيقة استخدام هذه الأموال، إذ تُظهر الوثائق أن أكثر من 3 مليارات و100 مليون ريال صُرفت لصالح مستخلصات مع مقاولي القطاع الخاص، فيما ذهب ما تبقى – حوالي 880 مليون ريال – في صورة مصاريف تشغيلية داخلية، بينها بنود اعتبرها ناشطون "فوق الحاجة ومثيرة للشبهات".

تفاصيل الصرف تثير الغضب
وفقًا للبيانات، تنوّعت النفقات التشغيلية على النحو التالي:
• 360 مليون ريال كمكافآت، أجور، وبدلات إشراف وإدارة.
• 220 مليون ريال إكراميات موسمية بمناسبة رمضان وعيد الفطر.
• 120 مليون ريال كمخصص غير واضح للوزارة المعنية.
• 100 مليون ريال في بنود تشمل وقود، إيجارات، مساعدات علاجية وبدلات سفر.
• 80 مليون ريال لإنفاق إعلامي في وسائل إعلام محلية.

هذه الأرقام أثارت موجة تساؤلات واسعة في الشارع، خصوصًا أن عدداً من المناطق لا تزال تعاني من طرق محفّرة ومقطوعة، في حين يبذل المواطنون جهوداً ذاتية لإصلاح طرقاتهم، كما فعل سكان يافع مؤخرًا الذين رمموا الطرق الداخلية عبر التبرعات والمبادرات المجتمعية.

يافع تشتغل.. والصندوق يصرف؟
المفارقة التي فجّرت الغضب الشعبي أن ما أنفقه الصندوق خلال ربع عام في بنود مكافآت وإكراميات وإعلانات، يساوي أضعاف ما تنفقه المبادرات المجتمعية في ترميم طرقات نائية ظلت لعقود خارج حسابات الحكومة.

أحد نشطاء محافظة لحج قال ساخرًا: "بينما تطلب الحكومة 5 مليارات للصيانة، قام شباب يافع بردم الطرق بأنفسهم. من يعمل فعلاً لأجل البلد؟".

أين الرقابة؟
يرى مراقبون أن ما يحصل يعكس غيابًا شبه كامل للرقابة المالية والتدقيق على الصناديق الحكومية، التي تحولت – في نظر كثيرين – إلى أوعية مالية مفتوحة، تُنفق فيها أموال ضخمة بلا محاسبة حقيقية.

ويقول الخبير في الشأن المالي عبدالكريم الصبري: "هناك غياب تام للحوكمة في مؤسسات الدولة، خصوصًا الصناديق ذات الطابع المالي والإنتاجي. يجب أن تكون كل المصروفات معلنة ومرتبطة بمؤشرات أداء حقيقية، لا مجرد أرقام إنشائية على الورق".

دعوات للتحقيق.. ومحاسبة الفاسدين
في ظل هذا الجدل المتصاعد، طالب ناشطون وصحفيون ومواطنون بفتح تحقيق رسمي وعاجل في أوجه الإنفاق داخل صندوق الطرق، والكشف عن الجهات المستفيدة من الإكراميات والمخصصات، والوقوف على مشاريع الصيانة التي تم تنفيذها فعلياً على الأرض.

وكتب الصحفي عثمان عامر: "من غير المعقول أن يُصرف 220 مليون ريال تحت بند إكراميات في بلد يتضور فيه الموظفون جوعًا. من يتكرم على من؟ هذه أموال شعب تُصرف دون رقيب".

الطريق إلى أين؟
أمام هذا الواقع المربك، تتجدد التساؤلات حول مصير الطرق التي تنهار يوميًا، والآليات التي تُدار بها صناديق المال العام، ومدى جديّة الحكومة في محاربة الفساد وتحقيق الشفافية، في بلد يُعدّ ضمن الدول الأشد فقرًا، ويعتمد غالبية سكانه على المساعدات والمنح الخارجية.

فهل تفتح هذه القضية الباب لمراجعة شاملة لأداء الصناديق الحكومية؟ أم أن الأمور ستستمر كما كانت... "أموال تُطلب، وأرقام تُصرف، وطرقات تبقى محفّرة؟"

شاهد أيضًا

ثلاث سنوات من الجمود: هل فشل مجلس القيادة الرئاسي في إنقاذ ا ...

الجمعة/27/يونيو/2025 - 07:00 م

في أبريل 2022، وُلد مجلس القيادة الرئاسي في لحظة اعتبرها البعض "فرصة استثنائية" لإنقاذ المسار السياسي والعسكري في اليمن، وإعادة توحيد الصفوف


معلمة رياضيات في قبضة العدالة.. فضيحة جنسية تهز مدرسة! ...

الجمعة/27/يونيو/2025 - 06:40 م

في فضيحة مدوية، قبضت السلطات الأمريكية على معلمة رياضيات في ولاية فلوريدا تبلغ من العمر 32 عامًا، بتهمة إقامة علاقة مع أحد طلابها داخل الغرفة الصفية خ


صحفي استقصائي يكشف: ناقلة نفط إماراتية تتجه إلى رأس عيسى بعد ...

الجمعة/27/يونيو/2025 - 06:20 م

كشف الصحفي الاستقصائي فاروق الكمالي، في منشور على صفحته بموقع فيسبوك، تابعته "العين الثالثة"، عن تحرك ناقلة النفط CHIL 1 (التي كانت تُعرف سابقًا باسم


وزارة الداخلية.. من مؤسسة سيادية إلى أداة تهميش: عدن تدفع ال ...

الجمعة/27/يونيو/2025 - 06:10 م

من المفترض أن تمثل وزارة الداخلية حجر الزاوية في تعزيز الاستقرار، وبناء المؤسسات الأمنية، وترسيخ النظام في بلدٍ تمزّقه الصراعات، إلا أن الواقع في العا