في تقرير موسّع لصحيفة نيويورك تايمز، كُشفت كواليس الحملة الأمريكية ضد الحوثيين في البحر الأحمر، والتي أطلقها الرئيس السابق دونالد ترامب بهدف إعادة فتح الملاحة البحرية، لكنها انتهت بوقف مفاجئ للعمليات بعد خسائر عسكرية باهظة وعدم تحقيق أهداف ملموسة.
في الأيام الثلاثين الأولى من الضربات، والتي أطلق عليها اسم "عملية الفارس الخشن"، أسقط الحوثيون سبع طائرات أمريكية بدون طيار من طراز MQ-9 (سعر الواحدة 30 مليون دولار)، وأسقطت طائرتان مقاتلتان من طراز F/A-18 سوبر هورنت من حاملة الطائرات هاري إس ترومان، في حوادث فنية مرتبطة بالتوتر العملياتي.
أوهام النصر تتبخر
ترامب، الذي ضغط منذ البداية لرؤية نتائج خلال 30 يوما، تلقى تقارير غير مُرضية من البنتاغون، رغم تنفيذ أكثر من 1100 غارة.
الحملة استنزفت أكثر من مليار دولار في شهر واحد فقط، مع استمرار الحوثيين في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على السفن والطائرات الأمريكية، بل وأصابوا الدفاعات الجوية الإسرائيلية بصاروخ باليستي، في تطور يُظهر قدرتهم على المناورة والردع.
عُمان تُقدم "مخرج طوارئ"
بحسب التقرير، فإن سلطنة عُمان قدمت لترامب مخرجا عبر وساطة مع إيران تقضي بوقف الغارات مقابل تعهد الحوثيين بعدم استهداف السفن الأمريكية، دون وقف هجماتهم على الملاحة الإسرائيلية.
ترامب استجاب للعرض وأعلن وقف العمليات، وذهب إلى حد الإشادة بالحوثيين و"شجاعتهم وقدرتهم على تحمل العقاب".
حسابات خاطئة وقيادات مشوشة
الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية، الذي دفع باتجاه حملة عسكرية ضارية، أُربك بمحدودية التأثير.
وفيما دعمت السعودية خطة كوريلا وأعدّت قائمة اغتيالات لقيادات حوثية، أبدت الإمارات ترددا، إدراكا منها لقدرة الحوثيين على الصمود.
داخل الإدارة، انقسمت الآراء: نائب الرئيس جيه دي فانس، ومديرة الاستخبارات تولسي غابارد، ووزير الخارجية ماركو روبيو، وحتى رئيس الأركان الجديد الجنرال دان كين، عارضوا التورط المطوّل، معتبرين أن الحملة تستنزف موارد يُفترض أن تُخصص لردع الصين في المحيط الهادئ.
الختام المحرج: الحوثيون يحتفلون بـ"النصر"
في نهاية المطاف، قرر ترامب إعلان النجاح ووقف الهجمات، بينما الحوثيون بدورهم أعلنوا "النصر" على أمريكا، وأطلقوا وسم "اليمن يهزم أمريكا".
بينما ترى إدارة ترامب أنها أنجزت "صفقة جيدة" قللت من تهديدات الحوثيين، يؤكد محللون أن الخطوة تعكس استخفافاً خطيراً بقدرات جماعة مسلحة أثبتت أنها تملك تكتيكات ميدانية متطورة ومرونة في التعامل مع القوة العظمى في العالم.