في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها المواطنون في عدن، وفي وقت يعاني فيه الشعب من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وصعوبة الحصول على لقمة العيش، يصل إلى مسامع الجميع خبر غداء "متواضع" أقامه أمين عام مجلس الوزراء، مطيع دماج، بتكلفة وصلت إلى نحو 2 مليون ريال يمني.
عودة مثيرة للجدل: مطيع دماج في عدن
بعد غياب استمر لمدة 4 أشهر دون سبب قانوني واضح، عاد أمين عام مجلس الوزراء، مطيع دماج، إلى العاصمة عدن الأسبوع الماضي، واحتفالاً بعودته، أقام دماج مأدبة غداء وصفت بالمتواضعة في مطعم القوزي الشهير في مديرية خورمكسر، المطعم الذي يتردد إليه دماج يومياً، إلا أن تكلفة هذه المأدبة أثارت الجدل، إذ تجاوزت الفاتورة 2 مليون ريال يمني، وفقاً لشهادة أحد العاملين في المطعم.
شهادة من داخل المطعم: بذخ مقابل جوع المواطنين
وقد نشر أحد المتواجدين في المطعم حينها على صفحته في "فيسبوك" تفاصيل الحادثة، قائلاً: "لقد كان صديقي متعجباً من اعتراض موظف المطعم على دخولنا قاعة الـ VIP. ظننا في البداية أن هذه المائدة الكبيرة كانت لحفل عرس، لكننا تفاجأنا بدخول مطيع دماج وعدد قليل من أصدقائه لا يتجاوز عددهم 9 أشخاص، وعندما سألنا أحد العاملين في المطعم عن الفاتورة، علمنا أنها تجاوزت 2 مليون ريال وأن التكلفة تم تقييدها على حساب رئاسة الوزراء."
وأضاف الشاهد: "المصيبة الأكبر أن العديد من الأطباق على الطاولة لم يلمسها أحد. شعرنا بالحسرة ونحن نرى هذا البذخ من قيادات الدولة، في الوقت الذي يعاني فيه الناس في عدن من الجوع والحرمان."
غضب شعبي: تناقض بين القيادة والشعب
هذا الحدث لم يكن سوى تأكيداً آخر على التناقض الصارخ بين واقع المسؤولين في الحكومة الشرعية وواقع الشعب الذي يئن تحت وطأة الفقر، في وقت يعاني فيه المواطنون من الانهيار الاقتصادي وتدهور الأوضاع المعيشية، يأتي هذا الحدث ليكشف عن حجم الفجوة بين القيادة والشعب.
تساءل العديد من المواطنين عن مدى إدراك المسؤولين لحالة الشعب، إذ عبر أحد الحاضرين في المطعم عن استغرابه بالقول: "هل يعلم مطيع دماج أن الناس في عدن يتضورون جوعاً؟"
مأساة شعب في ظل فساد مستشري
تثير هذه الحادثة، مثل العديد من الوقائع المشابهة، تساؤلات حول كيفية استخدام الموارد العامة في ظل أزمة مالية خانقة تعصف بالبلاد. ما يزيد من حالة الغضب الشعبي هو أن هذه الحادثة ليست فردية أو معزولة، بل هي جزء من نمط متكرر من الفساد والإسراف في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من نقص الاحتياجات الأساسية.
الفساد يقوض ثقة الشعب في الحكومة
مثل هذه الأخبار تعزز من تآكل الثقة بين الشعب والقيادات في السلطة، فبينما كان المواطنون يتوقعون خطوات حقيقية لمعالجة الأزمة الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية، تأتي هذه الأنباء لتؤكد على أن الأولوية بالنسبة للكثير من المسؤولين هي رفاهيتهم الشخصية وليس رفاهية الشعب.
إن الأزمة التي تعيشها عدن واليمن ككل تتطلب من القيادات تحمل مسؤولياتهم وتوجيه الموارد لخدمة الشعب بدلاً من التبذير والإسراف. الشعب يحتاج إلى قيادات تشعر بمعاناته، وتعمل من أجل تحسين حياته، وليس قيادات تنعم بالترف على حسابه.
تساؤلات مطروحة
تبقى تساؤلات كثيرة مطروحة حول مدى جاهزية الحكومة الشرعية لمواجهة الأوضاع المتدهورة، ومدى قدرتها على اتخاذ خطوات جادة للحد من الفساد وإعادة توجيه الموارد لخدمة الصالح العام، لكن ما لا شك فيه هو أن الشعب لن يتوقف عن المطالبة بحقوقه في العيش الكريم، وسينظر بعين المراقب لكل خطوة تتخذها حكومته.