تتصاعد موجة الغضب والاستياء الشعبي في العاصمة عدن، بعد أن كشفت تحقيقات صحفية عن فساد واسع النطاق داخل مصلحة الهجرة والجوازات، ويتمثل هذا الفساد في فرض رسوم تعسفية وابتزاز المواطنين، وتقديم خدمات سيئة، في انتهاك صارخ للقوانين والأنظمة.
أكدت مصادر مطلعة لـ "العين الثالثة" أن مواطنين عديدين اشتكوا من مطالبتهم بدفع مبالغ مالية كبيرة تفوق بكثير الرسوم الرسمية لاستخراج الإقامات، حيث يتم إجبارهم على شراء استمارات بأسعار خيالية، ولا يحصلون على إيصالات رسمية بالمبالغ المدفوعة.
وأضافت المصادر أن موظفي المصلحة يمارسون شتى أنواع الابتزاز والتعجيز، مما يتسبب في معاناة كبيرة للمواطنين، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وتأتي هذه الفضائح في الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء اليمني قد دعا المواطنين إلى الإبلاغ عن أي حالات فساد أو ابتزاز، إلا أن هذه الدعوات لم تجد طريقها إلى التطبيق على أرض الواقع، والذي يشير إلى أن مثل هذه الممارسات لا تزال قائمة، مما يضع المزيد من الضغوط على الحكومة للتحرك بشكل فعّال.
وأعرب عدد من المواطنين الذين تحدثت إليهم "العين الثالثة" عن استيائهم الشديد من هذه الممارسات، مؤكدين أنهم يضطرون لدفع هذه المبالغ الإضافية رغماً عنهم، خوفاً من التأخير في إنجاز معاملاتهم.
وطالب المواطنون الجهات المعنية بسرعة التدخل لوضع حد لهذه الممارسات غير القانونية، ومحاسبة المتورطين فيها، وإعادة النظر في الإجراءات المتبعة في مصلحة الهجرة والجوازات.
وتقول أمينة، وهي ربة منزل تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، إنها اضطرت لدفع مبلغ خيالي لاستخراج إقامة لابنها المريض، رغم أن المبلغ المطلوب رسميًا لا يتجاوز ألفي ريال.
وتضيف: "شعرت باليأس والإحباط، فكيف لي أن أجمع هذا المبلغ في ظل هذه الظروف الصعبة؟".
قصتها ليست فريدة، بل هي قصة يعيشها الكثير من المواطنين في عدن، الذين يجدون أنفسهم مضطرين لدفع الرشاوى للحصول على أبسط الخدمات."
وتقول أم أحمد، وهي أم لثلاثة أطفال، إنها اضطرت إلى بيع ما تبقى من ذهبها لتدفع الرشوة اللازمة للحصول على جواز سفر لابنها المريض، الذي يحتاج للسفر للعلاج في الخارج.
وتضيف بمرارة: 'لقد فقدت الأمل في أن أحصل على حقوقي، وأصبحت أشعر باليأس والإحباط'
وحذر مراقبون من أن استمرار هذه الممارسات الفاسدة في مصلحة الهجرة والجوازات من شأنه أن يؤدي إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في العاصمة عدن، ويهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية، ويؤثر سلباً على سمعة البلاد.
وطالب ناشطون حقوقيون بإجراء تحقيق شفاف ومحايد في هذه الفضائح، ومحاسبة جميع المتورطين فيها، بغض النظر عن مناصبهم، وذلك لردع الآخرين عن ارتكاب مثل هذه الجرائم.
تعتبر هذه الفضائح دليلاً واضحاً على انتشار الفساد في مؤسسات الدولة اليمنية، مما يتطلب تضافر الجهود لمكافحته والقضاء عليه، وإعادة الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم.