آخر تحديث :الجمعة - 05 ديسمبر 2025 - 06:31 م

اخبار وتقارير


حضرموت بين تشابك النفوذ وتحوّلات اللحظة.. كيف أعاد الانتقالي ترتيب موقعه في معادلة المحافظة؟

الجمعة - 05 ديسمبر 2025 - 05:40 م بتوقيت عدن

حضرموت بين تشابك النفوذ وتحوّلات اللحظة.. كيف أعاد الانتقالي ترتيب موقعه في معادلة المحافظة؟
.

العين الثالثة/ تقرير خاص


في محافظة تمثّل إحدى أكثر جبهات الجنوب حساسيةً وتركيباً، تتداخل فيها الجغرافيا بالثروة، والقبيلة بالسياسة، تبدو حضرموت اليوم كأنها مرآة مكبّرة للتجاذبات الإقليمية والمحلية على حدّ سواء.. ومع هذا المشهد الذي يقترب أحياناً من حافة الانقسام، برز المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة سياسية تحاول تشكيل طوق توازن وسط سيولة الأطراف وتعدّد المشاريع.

منذ سنوات، تتقاطع مصالح القوى المتنافسة داخل ساحل حضرموت وواديها، ما أنتج مشهداً هشّاً يفتقد إلى المرجعية الجامعة، وفي هذا الفراغ، استطاع الانتقالي تعزيز حضوره تدريجياً، مستنداً إلى تنظيم سياسي منضبط ورؤية تضع حضرموت كركيزة في مشروع الجنوب، لا مجرد مساحة نفوذ عابرة.. وقد شكّل هذا النهج – وفق ما ترصده العين الثالثة – نقطة فارقة في تعامل الشارع الحضرمي مع القوى الفاعلة، وسط تزايد الحاجة إلى طرف يقدّم مقاربة أكثر واقعية وأقل ضجيجاً.

حاجة حضرموت إلى مظلة استقرار لا طرف إضافي في الصراع
تدرك مختلف القوى داخل المحافظة حساسية أي اختلال قد يصيب النسيج الاجتماعي أو الأمني، كون حضرموت لا تمثّل مجرد مساحة جغرافية واسعة، بل مركزاً سياسياً وثقافياً تتجاوز تأثيراته حدودها، ولذا باتت أي محاولة لجرّ المحافظة نحو صدامات داخلية مخاطرة لا يملك أحد ترف تحمل كلفتها.

في هذا السياق، برز الانتقالي باعتباره طرفاً يسعى إلى تقديم مظلة سياسية يمكن أن تُسهم في تحقيق استقرار نسبي، مستفيداً من شبكة تواصل متنامية مع القوى المحلية، ودعمه الواضح لفكرة الإدارة الحضرمية المتوازنة، القائمة على تمكين أبناء المحافظة في المؤسسات الأمنية والخدمية.

توازنات معقّدة ومشاريع متنافسة
تُظهر قراءة العين الثالثة للتطورات الأخيرة أن حضرموت أصبحت ساحة تتقاطع فيها مشاريع متعددة، بعضها محلي، وآخر إقليمي، وثالث يحاول إعادة إنتاج نفوذ قديم، هذا التزاحم جعل المحافظة مهددة بأن تتحول إلى ساحة تصفيات سياسية، وهو ما دفع قطاعات موسعة من المجتمع الحضرمي للبحث عن قوة سياسية أكثر ثباتاً، تتجنب الانزلاق نحو مستنقع التجاذبات.

ومع أن الانتقالي لا يملك الحلول السحرية لكامل تعقيدات المشهد، إلا أن حضوره المنظم وابتعاده عن سياسة الصدام العشوائي جعلاه خياراً مطروحاً بقوة لدى فئات عديدة، خصوصاً مع حرصه على تثبيت الأمن ورفضه تجارب فرض الإرادة بالقوة أو إدخال المحافظة في حسابات تتجاوز حدودها.

خطاب يركّز على التهدئة وتمكين أبناء المحافظة
اعتمد الانتقالي خطاباً سياسياً حاول من خلاله الاستجابة لمخاوف الحضرميين من الفوضى، مركّزاً على أهمية إدارة أمنية متماسكة، وإشراك النخب المحلية في صناعة القرار الجنوبي،رفعت هذه الرسالة من مستوى الثقة بينه وبين الشارع، خصوصاً بعد حالات التوتر التي شهدتها محافظة مجاورة انعكست بشكل مباشر على حضرموت.

وتشير شواهد عديدة إلى أن المجلس حرص على العمل خارج دائرة المناكفات السياسية، مفضلاً الدفع نحو حلول عملية تخفف من مركزية القرار وتعيد الاعتبار لدور القوى الحضرمية.

الانتقالي… “الضابط الإيقاعي” في مشهد قابل للاشتعال
في ظل تنامي محاولات بعض القوى لإعادة رسم خارطة النفوذ في حضرموت وفق اعتبارات لا تراعي حساسية المحافظة، بات وجود جهة سياسية تمتلك مشروعاً واضحاً وقدرة على ضبط الإيقاع ضرورة يقرّ بها حتى من يختلف مع الانتقالي، فالتوازنات الحالية لا تسمح بأي فراغ، ولا تحتمل طرفاً يعيد إنتاج الاستقطاب الذي شهدته محافظات أخرى.

وتقدّم القراءة الميدانية لـ العين الثالثة صورة لواقع تتجه فيه قطاعات واسعة من المجتمع إلى خيار يتسم بالثبات والقدرة على حماية الاستقرار، بعيداً عن صخب المزايدات أو محاولات فرض وصاية جديدة على المحافظة.

حضرموت أمام مفترق طرق
رغم تراكم التحديات، تبدو حضرموت اليوم أقرب إلى لحظة إعادة تشكيل للمشهد السياسي، حيث تتداخل المخاوف مع التطلعات، وتتزاحم المشاريع مع رغبة الناس في نموذج إداري وأمني يخدمهم أولاً، وفي قلب هذا المشهد، يرتفع حضور المجلس الانتقالي الجنوبي كخيار واقعي، لا لكونه الطرف الوحيد، بل لكونه الأكثر قدرة – حتى الآن – على لعب دور الضامن النسبي للاستقرار ومنع انزلاق المحافظة نحو فوضى يصعب التحكم بمساراتها.

وبينما تستمر التجاذبات على خطوط الوادي والساحل، يبقى السؤال مفتوحاً: هل تنجح حضرموت في انتزاع الصيغة التي تمنحها إدارة مستقرة وقراراً محلياً محفوظاً؟ وحتى تتضح الإجابة، يظل الانتقالي أحد أبرز المرشحين لمرافقة هذا الانتقال والتحول، في مرحلة تحتاج قبل أي شيء آخر إلى عقلانية، واستقرار، وتحصين لقرار أبناء حضرموت من محاولات التوظيف السياسي.

شاهد أيضًا

حضرموت بين تشابك النفوذ وتحوّلات اللحظة.. كيف أعاد الانتقالي ...

الجمعة/05/ديسمبر/2025 - 05:40 م

في محافظة تمثّل إحدى أكثر جبهات الجنوب حساسيةً وتركيباً، تتداخل فيها الجغرافيا بالثروة، والقبيلة بالسياسة، تبدو حضرموت اليوم كأنها مرآة مكبّرة للتجاذب


تحوّل مفصلي في الشرق الجنوبي.. قراءة معمّقة في مسار التقدم ا ...

الجمعة/05/ديسمبر/2025 - 04:01 م

تشهد الجغرافيا الجنوبية في الأيام الأخيرة إعادة تشكّل واضحة في معادلة القوة، بعد أن أحرزت القوات المسلحة الجنوبية تقدّمًا نوعيًا في محافظة المهرة، ممه


تحليل: الجنوب عند بوابة عُمان: كيف نفهم ما يجري في حضرموت وا ...

الجمعة/05/ديسمبر/2025 - 12:15 م

مع أولى ساعات صباح الخميس 4 ديسمبر، دوّى اسم وادي حضرموت مجدداً، بعدما اندلعت اشتباكات عنيفة في الهضبة المحيطة بمنشآت بترومسيلة النفطية بين قوات من “ا


وادي حضرموت.. لحظة الانعتاق وبداية صفحة جديدة ...

الجمعة/05/ديسمبر/2025 - 11:55 ص

في مشهد امتزجت فيه مشاعر الفرح مع الإحساس باستعادة الحق، طوى وادي حضرموت خلال الأيام الماضية واحدة من أكثر الصفحات قتامة في تاريخه الحديث، إيذانًا ببد