آخر تحديث :الجمعة - 05 ديسمبر 2025 - 01:00 م

قضايا


وادي حضرموت.. لحظة الانعتاق وبداية صفحة جديدة

الجمعة - 05 ديسمبر 2025 - 11:55 ص بتوقيت عدن

وادي حضرموت.. لحظة الانعتاق وبداية صفحة جديدة
.

العين الثالثة/ تقرير خاص

في مشهد امتزجت فيه مشاعر الفرح مع الإحساس باستعادة الحق، طوى وادي حضرموت خلال الأيام الماضية واحدة من أكثر الصفحات قتامة في تاريخه الحديث، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة تتقدّم فيها الإرادة الشعبية على كل محاولات فرض الهيمنة.


لقد جاءت التطوّرات الأخيرة لتُعيد رسم المشهد الأمني والسياسي في الوادي، وتثبت أن التحولات الكبرى لا تُصنع بالقوة وحدها، بل بإصرار الناس وتمسّكهم بحلم الاستقرار بعد عقودٍ من الإقصاء والتهديد.

قراءة في ما وراء التحوّل
من زاوية رصد معمّق، تُظهر الوقائع أن ما حدث في وادي حضرموت لم يكن مجرد انتقال عسكري تقليدي، بل تغيّرًا جذريًا في معادلة القوة.. العين الثالثة تنظر إلى المشهد باعتباره حصيلة سنوات من الاحتقان الشعبي، ترافقت مع فشل بنية أمنية كانت بعيدة عن الناس، وأقرب إلى أدوار سياسية متشابكة خدمت جماعات متنافسة أكثر من خدمتها للمجتمع المحلي.

القوات الجنوبية.. استجابة لنداء الوادي
تقدّمت القوات الجنوبية إلى وادي حضرموت استجابة واضحة لمطالب الأهالي الذين عاشوا طويلاً تحت قبضة تشكيلات أمنية لم تمثّلهم، هذا التقدّم لم يكن تحركًا مفاجئًا، بل جاء في سياق تصاعد الضغط الشعبي، وارتفاع الأصوات المطالبة بإعادة الوادي إلى حضنه الطبيعي ضمن منظومته الجنوبية.

ومع دخول القوات إلى مناطق الوادي، بدا واضحاً أن السكان ينظرون إليهم كقوة منقذة تنهي فصولاً طويلة من التعسف والاعتقال والقمع، وتفتح الباب أمام مرحلة يمكن فيها للمواطن أن يعيش بلا خوف، ويُعبر عن مطالبه بلا تهديد.

ثلاثة عقود من القمع.. وسؤال العدالة
عاش أبناء الوادي والصحراء أكثر من ثلاثين عامًا في ظل منظومة أمنية وُجهت نحو ضبط المجتمع بقبضة الحديد والنار، بدل بناء علاقة طبيعية مع المواطن، خلال تلك العقود، تراكمت ملفات الانتهاكات، وتصاعد الشعور بالتمييز، لا سيما مع توسّع نفوذ جماعات مسلحة مرتبطة سياسيًا بمراكز نفوذ خارج حضرموت.

هذه الحقبة، رغم طولها، لم تستطع طمس هوية الوادي ولا إرادة أهله، بل جعلت الرغبة في التحرر أكثر عمقًا، وأقرب إلى أن تكون مطلبًا جماعيًا لا يقبل المساومة.

مليشيا الحوثي.. أكبر الخاسرين
على الرغم من أن الحسابات الميدانية تبدو في ظاهرها محصورة بين القوات الجنوبية وما تبقى من قوات المنطقة العسكرية الأولى، إلا أن الخسارة الأكبر وقعت على مليشيا الحوثي، فالمليشيا التي استفادت سابقًا من حالة التناقض السياسي والعسكري داخل الوادي، فقدت اليوم أحد أهم مرتكزات نفوذها غير المباشر.

إسقاط الغطاء الذي كانت تحصل عليه عبر تحالفات مع جماعات أخرى يعني أنها باتت معزولة في محاولات تمدّدها، ومجرّدة من أي قدرة على الاستثمار في الفوضى داخل حضرموت.

العين الثالثة تشير هنا إلى أن هذه المتغيرات ستُعيد ترتيب الخارطة الأمنية في الشمال والجنوب على حد سواء، مع تقلص المساحات التي اعتاد الحوثي النفاذ منها.

احتفالات شعبية.. ومشهد يعكس حجم الانفراج
لم يكد التغيير الأمني يترسّخ حتى شهدت مدن وادي حضرموت موجة من الابتهاج الشعبي، خرج الناس إلى الشوارع، رفعوا الأعلام الجنوبية، وهتفوا لاستعادة الاستقرار، وكأنهم يودّعون مرحلة قاسية بكل ما حملته من خوف وتهديد واعتقالات.

هذه الاحتفالات بدت في جوهرها إعلانًا رمزيًا عن نهاية عهد وتجدد آخر، أكثر قربًا من نبض الناس وإحساسهم بالكرامة.

وفي قراءة العين الثالثة، فإن هذا التفاعل الشعبي يمثّل مؤشرًا مهمًا على مستوى الثقة التي اكتسبتها القوات الجنوبية منذ اللحظة الأولى لدخولها الوادي.

عودة الاستقرار.. المكسب الذي لا يمكن التفريط به
اليوم، ومع خروج عناصر المنطقة العسكرية الأولى، يلمس المواطنون بداية انتظام للحياة العامة، وتراجع المظاهر المسلحة، وعودة الحركة التجارية بشكل طبيعي، فالتحسن الأمني السريع أعاد للأهالي شعورًا افتقدوه طويلاً، وهو أن أمنهم مرتبط بقوة حريصة على خدمتهم، لا على حكمهم بالقوة.

كما أن المؤسسات المحلية بدأت تتنفس، وبدأت الإدارات المدنية تعمل بعيدًا عن الضغوط التي كانت تكبّلها.. وفي هذا السياق، تشير العين الثالثة إلى أن رهان الوادي الآن ليس فقط على الأمن، بل على بناء نموذج إداري قادر على استعادة الثقة بالدولة.

وادي حضرموت يستعيد روحه
ما يشهده الوادي اليوم ليس حدثًا عابرًا، بل محطة فارقة ستنعكس على مستقبل المنطقة بأكملها.. لقد عاد الوادي إلى موقعه الطبيعي، وعادت الجماهير إلى الشوارع دون خوف، وتراجعت المليشيات التي كانت تشكّل مظلة لسنوات طويلة من الفوضى والتدخل.

إنها خطوة أولى في طريق طويل، لكنّها خطوة تعكس إصرار الناس على حماية أرضهم وهويتهم واستقرارهم، وتكشف بوضوح أن إرادة حضرموت لا يمكن كسرها، مهما طال زمن الظلم.

شاهد أيضًا

تحليل: الجنوب عند بوابة عُمان: كيف نفهم ما يجري في حضرموت وا ...

الجمعة/05/ديسمبر/2025 - 12:15 م

مع أولى ساعات صباح الخميس 4 ديسمبر، دوّى اسم وادي حضرموت مجدداً، بعدما اندلعت اشتباكات عنيفة في الهضبة المحيطة بمنشآت بترومسيلة النفطية بين قوات من “ا


وادي حضرموت.. لحظة الانعتاق وبداية صفحة جديدة ...

الجمعة/05/ديسمبر/2025 - 11:55 ص

في مشهد امتزجت فيه مشاعر الفرح مع الإحساس باستعادة الحق، طوى وادي حضرموت خلال الأيام الماضية واحدة من أكثر الصفحات قتامة في تاريخه الحديث، إيذانًا ببد


عاجل | للمرة الخامسة.. إيقاف قيد نادي الوحدة بسبب لاعبه السا ...

الجمعة/05/ديسمبر/2025 - 05:15 ص

أصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" قرارًا جديدًا يمنع نادي الوحدة من تسجيل لاعبين جدد، وذلك للمرة الخامسة، نتيجة شكاوى متعددة تقدمت بها ج


عاجل.. عرض سعودي يهدد انضمام حامد حمدان الصفوف الزمالك في ين ...

الجمعة/05/ديسمبر/2025 - 04:45 ص

كشف سمير الحاوي، وكيل أعمال الفلسطيني حامد حمدان، لاعب وسط فريق بتروجت عن تلقيه اهتمامًا من قبل نادي الشباب السعودي للانضمام لصفوفه في فترة الانتقالات