تابعت العين الثالثة ما نشره الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور يحيى شايف الجوبعي على صفحته في موقع "فيسبوك"، وحصلت على نسخة من مقاله التحليلي الذي قدّم من خلاله قراءة شاملة لمسار المجلس الانتقالي الجنوبي، باعتباره نموذجًا سياسيًا متفرّدًا في الصمود والثبات أمام الأزمات.
وأكد الجوبعي في تحليله أن المجلس، بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي، استطاع تحويل التحديات المعقدة سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا إلى فرص للنهوض المؤسسي والإصلاح السياسي، مجسدًا رؤية قيادية تتعامل مع الأزمات كمنصة لتعزيز القوة والمصداقية.
من الإقصاء إلى التمكين
بحسب ما أورده الجوبعي، فإن مرحلة تأسيس المجلس الانتقالي عام 2017 كانت لحظة مفصلية في التاريخ الجنوبي، إذ وُلد الحامل السياسي الجنوبي من رحم محاولات الإقصاء والتهميش، لكن القيادة الجنوبية نجحت في تحويل تلك المحاولات إلى دافع لإعادة بناء الذات السياسية على أسس مؤسسية متماسكة، جعلت الانتقالي “الممثل الحقيقي للمشروع الوطني الجنوبي”.
من المواجهة إلى الشرعية
وتشير الدراسة – التي اطلعت عليها العين الثالثة – إلى أن المواجهات العسكرية والسياسية التي خاضها المجلس في أعوام 2018 و2019 مكنت الانتقالي من تثبيت نفوذه الميداني والسياسي، وصولًا إلى توقيع اتفاق الرياض، الذي منحه اعترافًا رسميًا كشريك فاعل في إدارة المرحلة الانتقالية، لينتقل من كيان مقاوم إلى مؤسسة سياسية شرعية.
الإدارة الذاتية والإصلاح الاقتصادي
ولفت الجوبعي إلى أن إعلان الإدارة الذاتية عام 2020 لم يكن تمردًا، بل “خيارًا سياسيًا تكتيكيًا” لحماية مصالح المواطنين وتعزيز مبدأ الإدارة المحلية.
كما أوضح أن المجلس واجه الانهيارات الاقتصادية المتتالية بسياسات إصلاحية شجاعة، شملت تثبيت سعر الصرف، مكافحة الفساد، وضبط الأسواق، ما أعاد الثقة الشعبية بالمجلس وقدرته على تحويل الأزمات إلى فرص اقتصادية للنهوض.
وحدة الصف والدبلوماسية الهادئة
وأبرز التقرير أن العام 2023 شهد نقلة نوعية عبر الحوار الجنوبي – الجنوبي الذي أفضى إلى إقرار الميثاق الوطني الجنوبي، موحدًا مختلف القوى في إطار سياسي واحد.
كما توسع الدور الدبلوماسي للمجلس في العامين 2024 – 2025، من خلال تأسيس مجلس العموم الجنوبي وتوسيع الحضور الخارجي، ما جعل الانتقالي – بحسب الجوبعي – “ينتقل من الدفاع إلى التوسع المؤسسي والدبلوماسي المتزن”.
وخلص الدكتور الجوبعي – وفق ما تابعته العين الثالثة – إلى أن تجربة المجلس الانتقالي الجنوبي تمثل “نموذجًا قياديًا استثنائيًا في بيئة الأزمات”، مشيرًا إلى أن القيادة برئاسة عيدروس الزبيدي أثبتت أن السياسة ليست مواجهة الظروف فحسب، بل فن تحويلها إلى فرص حقيقية للتقدم والاستقرار.
“كلما اشتدت الأزمات، ازداد الانتقالي صعودًا وثباتًا” – بهذه العبارة اختتم الجوبعي تحليله، في وصف دقيق لمسيرة كيانٍ سياسي صنع من الأزمات وقودًا لبناء مشروع وطني صلب.