في عملية وُصفت بأنها الأضخم منذ سنوات، تمكنت الأجهزة الأمنية في العاصمة عدن، وبإشراف مباشر من جهاز مكافحة الإرهاب بقيادة اللواء شلال علي شائع، من إحباط واحدة من أخطر محاولات تهريب السلاح إلى مليشيات الحوثي.. العملية التي جرت تحت إشراف النيابة الجزائية المتخصصة وبحضور اللجنة الرئاسية، كشفت عن حجم غير مسبوق من المعدات العسكرية والمصانع المتكاملة الخاصة بتجميع الطائرات المسيرة والأسلحة المتطورة، ما شكّل ضربة موجعة للحوثيين وأعاد التأكيد على أهمية الموانئ الجنوبية كخط دفاع أول في مواجهة الإرهاب والتهريب.
تفاصيل الشحنة المضبوطة
الشحنة، التي تم الإعلان عن توقيفها لأول مرة مطلع أغسطس الماضي، تبين أنها تضم 58 حاوية ضخمة بوزن إجمالي يتجاوز 2500 طن. ووفقاً للمصادر الأمنية، فقد احتوت على مصانع إنتاج طائرات مسيرة، ومحركات نفاثة، وأجهزة اتصالات عسكرية، إضافة إلى معدات تجسس متقدمة، كما ضمت قطع غيار لأسلحة خفيفة ومتوسطة، ومواد خام لصناعة الهياكل والأجسام الكربونية، وآلات صناعية متعددة الاستخدام في مجال تصنيع الطائرات والأسلحة.
هذه الكمية الهائلة لم تكن مجرد شحنة تقليدية، بل أشبه بمصنع متنقل قادر على رفد الحوثيين بقدرات قتالية نوعية، الأمر الذي يوضح مدى خطورة استمرار استغلال ميناء الحديدة كمنفذ رئيسي لتهريب الأسلحة القادمة عبر طرق ملتوية، من بينها الموانئ الإقليمية.
كيف تم الاكتشاف؟
مصادر ميدانية أكدت لـ"العين الثالثة" أن اكتشاف الشحنة جاء نتيجة يقظة أمنية وإجراءات تفتيش دقيقة في ميناء الحاويات بعدن، فقد أثارت الحاويات المُشتبه بها شكوك المفتشين، ليتم إخضاعها لفحص شامل كشف عن حقيقة ما بداخلها.
وأشارت المصادر إلى أن جهاز مكافحة الإرهاب بقيادة اللواء شلال علي شائع لعب دوراً محورياً في قيادة العملية ومتابعة تفاصيلها ميدانياً، ما ضَمِن نجاحها وإدارتها في مسار قانوني واضح تحت إشراف النيابة الجزائية المتخصصة.
دلالات أمنية وعسكرية
عملية الضبط هذه لا تمثل مجرد إحباط لشحنة تهريب، بل تعكس – وفق قراءة العين الثالثة – تحولاً استراتيجياً في المعركة مع الحوثيين، إذ أن امتلاك المليشيات لهذه المعدات كان سيمنحها قدرة على إنتاج الطائرات المسيرة بشكل مستقل، وبالتالي تصعيد الهجمات ليس فقط على الداخل اليمني بل أيضاً على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب.
إن توقيف هذه الشحنة في عدن، العاصمة التي صارت اليوم مركزاً لإدارة الملف الأمني، يؤكد أن الجنوب أصبح خط الدفاع المتقدم عن الأمن الإقليمي والدولي، وأن نجاحاته الأمنية تمثل درع حماية ليس لليمنيين فقط، بل للمنطقة برمتها.
إنجاز للجنوب.. ارتباك للحوثيين
هذا الإنجاز أربك حسابات الحوثيين، الذين وجدوا أنفسهم أمام انتكاسة جديدة في محاولاتهم لتطوير قدراتهم العسكرية بعيداً عن أعين الرقابة الدولية.. الرسالة التي وصلت عبر هذه العملية واضحة: أن الأجهزة الأمنية في عدن قادرة على التصدي لأكثر عمليات التهريب تعقيداً، وأن ميناء الحديدة لم يعد بوابة آمنة للمليشيات كما كان في السابق.
ما وراء الخبر
ترى "العين الثالثة" أن ما حدث لا ينبغي النظر إليه كواقعة عابرة، بل كحدث كاشف يسلط الضوء على:
-
حجم التهديد الحقيقي الذي يشكله الحوثيون من خلال اعتمادهم على التهريب لبناء ترسانة متطورة.
-
الدور المركزي لعدن والموانئ الجنوبية في حماية الأمن القومي.
-
الحاجة الملحة لدعم الجهود الأمنية بأدوات تقنية ومعلوماتية لتعزيز الرقابة وكشف محاولات التهريب المستقبلية.
العملية الأمنية الأخيرة في ميناء عدن لم تحبط فقط محاولة تهريب ضخمة، بل وجهت رسالة مزدوجة: للحوثيين بأن طرقهم باتت مكشوفة، وللمجتمع الدولي بأن الجنوب يقف في مقدمة المعركة ضد التهريب والإرهاب، وبينما يحاول الحوثيون الاستفادة من الفوضى لتمرير أسلحتهم، يؤكد الجنوب عبر هذه النجاحات أن عينه مفتوحة، وأن الحقيقة تُرصد بعينين.. وتُقدَّم بعين ثالثة.