آخر تحديث :الثلاثاء - 16 ديسمبر 2025 - 08:25 م

قضايا


العليمي.. رئاسة بلا تفويض تهدد بانفجار مجلس القيادة الرئاسي

الأربعاء - 17 سبتمبر 2025 - 08:40 ص بتوقيت عدن

العليمي.. رئاسة بلا تفويض تهدد بانفجار مجلس القيادة الرئاسي
.

العين الثالثة/ متابعة خاصة

منذ أن أعلن الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي، في إبريل 2022، تفويض سلطاته إلى مجلس القيادة الرئاسي، كان الرهان أن هذا المجلس بتركيبته الجماعية المكوّنة من ثمانية أعضاء، سيكون صيغة توافقية مؤقتة لإدارة المرحلة الحرجة، وصولًا إلى إسقاط الحوثيين وإعادة الكلمة للشعب ليقرر مصيره عبر صناديق الاقتراع، لكن ما حدث على أرض الواقع خالف جوهر التفويض، وأنتج واقعًا مرتبكًا قوامه نزعة فردية خطيرة تجسدت في شخص رشاد العليمي، الذي حوّل المجلس الجماعي إلى منصة سلطوية خاصة، مكرّسًا نفسه رئيسًا مطلق الصلاحيات في مشهد أقرب للانقلاب الناعم على الشراكة المفترضة.


تفويض جماعي.. وانقلاب فردي
ما سلّمه هادي لم يكن تفويضًا لشخص العليمي، بل للمجلس بكامل أعضائه الثمانية، ليقودوا المرحلة المؤقتة بصورة جماعية، غير أن العليمي تجاوز هذا الإطار منذ اللحظة الأولى، فبدأ يرفع صوره في الداخل والخارج باعتباره "رئيس الجمهورية"، وهو لقب لم يمنحه له أحد، ولم يكتسبه عبر انتخاب، بذلك صادر صلاحيات رفاقه وحوّلهم إلى مجرد ديكور سياسي، فيما استأثر لنفسه بسلطة القرار الفردي.

تصرفات العليمي هذه فجّرت أزمة ثقة داخل المجلس، وأنتجت ردود فعل متوقعة، أبرزها قرارات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو المجلس القائد عيدروس الزُبيدي، التي جاءت كرد طبيعي على الغطرسة السياسية والاستحواذ السلطوي.

غطرسة تُنتج الانقسام
القرارات الأخيرة للزُبيدي لم تكن نزوة فردية أو محاولة لتقويض المجلس كما روّج خصومه، بل انعكاس طبيعي لواقع الانسداد الذي فرضه العليمي بتجاهله الآخرين، عندما تُسلب الشراكة وتُختزل مؤسسة جماعية بشخص واحد، فمن الطبيعي أن يلجأ الآخرون إلى ممارسة صلاحياتهم دفاعًا عن مكانتهم ودورهم، وإلا تحولوا إلى شهود زور على مسرحية سياسية فاشلة.

تحذيرات مبكرة.. تجاهلها العليمي
القائد فرج البحسني، عضو مجلس القيادة الرئاسي، كشف بوضوح مكمن الخلل فمنذ تأسيس المجلس كان يفترض أن يتم إقرار لائحة عمل تُنظم المهام وتوزع الصلاحيات، لكن العليمي تهرّب عمدًا من ذلك، تاركًا فراغًا إداريًا خطيرًا.

هذا الفراغ، كما يصفه البحسني، أفسح المجال لقوى خفية لإدارة الأمور وفق مصالحها، وأدخل المحافظات المحررة في دائرة فساد وانفلات أمني.

المحافظات بين الانفلات والفساد
النتيجة المباشرة لاحتكار القرار من قِبل العليمي كانت واضحة: محافظات كانت نموذجًا في الإدارة والعمل العسكري، مثل حضرموت وعدن، تحولت إلى بؤر للفوضى والفساد وغياب القانون، في حين ظل "المركز الرئاسي" في عزلة كاملة عن نبض الشارع، يكرر الشعارات الفارغة ويتصرف وكأنه سلطة سيادية مستقرة، بينما الواقع ينزف كل يوم.

من المسؤول حقًا؟
حين ننظر إلى المشهد بعدسة "العين الثالثة"، يصبح السؤال الأبرز: من الذي فجّر هذا الانقسام؟ الحقيقة أن العليمي لم يكتفِ بفرض نفسه رئيسًا غير منتخب، بل صادر حق بقية الأعضاء في اتخاذ القرار، فأجبرهم على خيارات فردية حفاظًا على ما تبقى من حضورهم، بهذا المعنى، فإن كل قرار منفرد يصدر من أي عضو لاحقًا ليس انقسامًا بحد ذاته، بل نتيجة طبيعية لمسار الانحراف الذي كرّسه العليمي منذ اليوم الأول.

لحظة الحقيقة.. تصحيح المسار أو الانهيار
المجلس الرئاسي اليوم أمام لحظة اختبار تاريخية، فإما أن يعود إلى جوهر التفويض الجماعي الذي قام عليه، عبر إقرار لائحة تنظيمية واضحة توزع الصلاحيات وتُلزم الجميع بالعمل المشترك، أو أن يتحول إلى ساحة صراع شخصي يقودها العليمي نحو الانفجار الكامل.

المطلوب اليوم ليس شعارات ولا مجاملات سياسية، بل مواجهة جذرية: تكليف واضح لكل عضو، توزيع مسؤوليات شفافة، وقطع الطريق على أي نزعة فردية تعيد إنتاج "الرئيس الأوحد"، فالجنوب وشعبه لم يعد يقبل أن يُحكم بعقلية الفرد الواحد، والتاريخ لن يرحم من يصرّ على تجاهل نبض الشارع.

رشاد العليمي يعيش اليوم في وهم الرئاسة المطلقة، لكنه يتجاهل حقيقة جوهرية: لا شرعية بلا شراكة، ولا تفويض بلا جماعة، وإذا استمر في هذا المسار، فإن انهيار المجلس لن يكون مجرد سيناريو محتمل، بل نتيجة حتمية. وحينها، لن يجد العليمي من يحمله المسؤولية سواه.

شاهد أيضًا

المدوري: الجنوب العربي اختار مسار الدولة والاستقرار وطيّ صفح ...

الثلاثاء/16/ديسمبر/2025 - 07:30 م

أكد الناشط السياسي عادل المدوري أن الجنوب العربي تحرر من “عباءة اليمن المثقل بالتطرف والإرهاب”، مشيرًا إلى أن هذا الواقع لم يجنِ لشعوبه سوى الفساد وال


ناشط سياسي: الخلافات داخل التحالف تعرقل الحسم وقضية الجنوب ل ...

الثلاثاء/16/ديسمبر/2025 - 07:25 م

حذّر الناشط السياسي سعيد جداد أبو عماد من تداعيات استمرار الخلافات غير المعلنة بين دول التحالف العربي وحلفائها المحليين، مؤكدًا أن هذه التباينات باتت


ناشط سياسي يتساءل: هل يقترب جنوب اليمن من استعادة دولته؟ ...

الثلاثاء/16/ديسمبر/2025 - 07:08 م

تساءل الناشط السياسي أحمد بن طهيف عمّا إذا كان جنوب اليمن يتجه فعليًا نحو العودة كدولة مستقلة، في ظل تطورات سياسية وعسكرية متسارعة تشهدها الساحة الجنو


الإرادة الشعبية في جنوب اليمن.. حكاية نهوض لا تُهزم ...

الثلاثاء/16/ديسمبر/2025 - 06:38 م

لم تكن حرب صيف 1994 مجرد خسارة عسكرية للجنوب، بل شكّلت لحظة سقوط دولة ومحاولة كسر إرادة شعب كامل عبر الإقصاء والتهميش وتفكيك المؤسسات ونهب الأرض والثر