آخر تحديث :الثلاثاء - 09 سبتمبر 2025 - 01:10 ص

هوامش حول: الأسفار وخرائط الشرق وسبعة أكتوبر

الإثنين - 08 سبتمبر 2025 - الساعة 08:27 م

أحمد عبداللاه
الكاتب: أحمد عبداللاه - ارشيف الكاتب


تم اجترار تاريخ الشرق الأدنى القديم من خلال \"أسفار حديثة\" تُستغل فيها الفكرة الدينية لإعادة رسم الخرائط.
وهناك حالات من التشابك في الكيمياء السياسية عبر الزمن انعكست في وعود وعهود الدول الكبرى، مع فارق الأهداف. منذ كورش (قورش) الفارسي الى آرثر بلفور الإنجليزي وحتى أباطرة البيت الأبيض الذي أكد أحدهم: \"لو لم تكن هناك إسرائيل لاخترعناها\".
جاء احتلال فلسطين بعد ٢٥٠٠ عام تقريباً من كتابات عزرا الكاهن الذي أعاد إنتاج الأسفار مستلهماً بعض من التراث البابلي. وأظهر التناص في الروايات العلاقة بين المعتقد والأسطورة. ليس أولها وصايا شروباك أو حتى (القُفّة) السابحة على المياه النهرية نحو عتبات القصر. وهذه الأخيرة تشارك في حكايتها سرجون الأكدي (في النصوص السومرية) و كليم الله (في النصوص التوراتية).
عزرا الكاتب هو ذاته الذي علّم الشعب العائد إلى أورشليم (من أمهات المدن القديمة) طقوس دين \"يهوه\" وشريعته. لكن السؤال يظل: ما نوع الطقوس قبل السبي البابلي إذن؟! الجواب؛ لا شيء يمكن تأكيده. أما الآن فقد اضاف لها الزمن عمقاً جديداً في تجمع الحاخامات وأحزابهم.

هل يصدّق اليهود أسفارهم حرفياً أم يعتبرونها أو جزءاً منها نوعاً من القصّ الشعبي؟ نعم هناك من يصدق، خاصة الشرائح المتدينة، رغم أن (التناخ) بمحتوياته و تعبيراته لا يكفي أن يجعل الدين ايديولوجيا طاغية.
لكن المثير أن كثيراً من الإسرائيليين يفضّلون تصديق علماء الأركيولوجيا اليهود.. حتى حين يقول عالم الآثار الشهير إسرائيل فينكلشتاين بعد سنين طويلة من المسح الميداني: \"سامحنا أيها الملك سليمان لأننا لم نجد أثراً لك في أرض الميعاد\". وكذا الحال ينطبق على سيناء ومصر الفرعونية: لا أثر جلي و مادي للرواية التوراتية.

وبالرغم من كل ذلك فقد نجح الصهاينة في وضع التراث الملتبس في سياق إيديولوجي أنتج كيان فاشي توسعي يستحضر \"مأساة التاريخ اليهودي\" ويفرغها في جسد فلسطين أرضاً وشعباً. كما تم تأويل تاريخ فلسطين وفقاً للرواية التوراتية وتحويل الأسفار من نصوص أسطورية متآكلة إلى مشاريع جيوسياسية لتغيير خرائط الشرق.

لكن هاجس الخوف لم يبارحهم أبداً. لهذا يؤمن كثير منهم بإمكانية زوال دولتهم لأسباب عديدة، مستندين إلى وقائع تاريخيّة سابقة. وقد أظهر الكثير من رموز النخبة العلمانية والدينية مخاوفهم من فرضية نهاية الحلم الصهيوني كأي استعمار على وجه الأرض، فيما ذهب البعض إلى الاعتقاد بأن نتنياهو و التوليفة الحاكمة قد تتسبب في وقوع ما تسمى ب\"لعنة العقد الثامن\" من خلال الانقسام الداخلي. وكأن الخوف صفة سلوكية أنثروبولوجية عند اليهود منذ \"السبي البابلي\" وحتى اليوم.

وفي هذا السياق يمكن تفسير عملية السابع من أكتوبر 2023، رغم الاختلاف الكبير حولها، على أنها امتداد لفلسفة المقاومة التي تقوم في جوهرها الأعمق على زرع الخوف في الكيان المحتلّ، الذي يعيش على أرضٍ لا ميعاد له فيها ولا ذاكرة. وكأن المقاومة حاولت أن تكتب بطريقتها فصلًا أوليًا من “سِفر شيموت” الخاص بذلك الكيان، سيما وقد بلغ تخوم العتبة الزمنية المزعومة لـ”مملكة داوود” و”الحشمونائيم”. غير أن ذلك الأخير متروك للتأويل باعتباره مسالة خارج الحسابات الواقعية.
يبقى السؤال إذن: هل كانت 7 أكتوبر ضرورة تفرضها معادلة المصير، أم مغامرة غير محسوبة وقفزة في الظلام؟
إسرائيل تعمدت إحداث صدمة للشرق الأوسط من خلال دماء غزة لكنها في الحقيقة صدمت العالم بسلوكها المتوحش المرعب وأحدثت صحوة تاريخية في الوعي العالمي. والأيام ستكشف عن طبيعة ارتداداتها التي قد تشكل لعنة تنتظرها دولة الإحتلال.




شاهد أيضًا

عاجل .. الخارجية السورية: الهجمات الإسرائيلية تمثل انتهاكا ص ...

الثلاثاء/09/سبتمبر/2025 - 01:10 ص

عاجل .. الخارجية السورية: الهجمات الإسرائيلية تمثل انتهاكا صارخا لسيادة سوريا


عاجل. . الخارجية السورية تدعو المجتمع الدولي ومجلس الأمن لا ...

الثلاثاء/09/سبتمبر/2025 - 01:08 ص

عاجل. . الخارجية السورية تدعو المجتمع الدولي ومجلس الأمن لاتخاذ موقف حازم ضد الاعتداءات الإسرائيلية


عاجل | وزارة الخارجية السورية: الاعتداءات الإسرائيلية تمثل خ ...

الثلاثاء/09/سبتمبر/2025 - 01:06 ص

عاجل | وزارة الخارجية السورية: الاعتداءات الإسرائيلية تمثل خرقا صارخا لسيادة سوريا وتهدد أمنها واستقرارها الإقليمي


عاجل | قوات الاحتلال تطلق قنابل الغاز تجاه الفلسطنيين العالق ...

الثلاثاء/09/سبتمبر/2025 - 12:33 ص

عاجل | قوات الاحتلال تطلق قنابل الغاز تجاه الفلسطنيين العالقين عند مدخل شمال غرب القدس