آخر تحديث :الخميس - 24 يوليو 2025 - 05:40 ص

اخبار العالم


مفاوضات روسية - أوكرانية في تركيا: التسوية بعيدة عن واقع الميدان

الأربعاء - 23 يوليو 2025 - 11:28 م بتوقيت عدن

مفاوضات روسية - أوكرانية في تركيا: التسوية بعيدة عن واقع الميدان

العين الثالثة/ متابعات

انطلقت مساء الأربعاء في تركيا جولة جديدة من محادثات السلام بين الوفدين الروسي والأوكراني، بعد أكثر من ثلاث سنوات على اندلاع الحرب التي أنهكت الطرفين وأثقلت كاهل الأمن الأوروبي والدولي، وسط تصعيد عسكري مستمر وعجز دولي عن فرض تسوية نهائية للنزاع.

وتلقى الخطوة ترحيبا حذرا من المجتمع الدولي، لكن هذه المبادرة الدبلوماسية التي تُعد الثالثة من نوعها بعد جولتين سابقتين فاشلتين، لا تزال تواجه شكوكا واسعة في قدرتها على تحقيق اختراق حقيقي، وسط استمرار التصعيد العسكري وتباعد جذري في مواقف الطرفين.

وجاءت المفاوضات في إسطنبول مدفوعة بضغط مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أعاد إحياء خطابه التصعيدي تجاه موسكو، مانحا الكرملين مهلة لا تتجاوز خمسين يوما للتوصل إلى اتفاق سلام، وإلا فستُفرض عليه عقوبات أميركية “صارمة وغير مسبوقة”.

ويقول مراقبون إن هذه المهلة شكلت دافعا حاسما لعقد الجولة الثالثة من المحادثات المباشرة في إسطنبول، بعد فشل جولتي مايو ويونيو في تحقيق اختراق حقيقي، باستثناء بعض التفاهمات الإنسانية المتعلقة بتبادل الأسرى واستعادة جثث الجنود.

ورغم المحاولات المتكررة لإنهاء النزاع عبر المسار الدبلوماسي، لم تفض الجولات السابقة من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا إلى نتائج ملموسة تُخرج الحرب من مأزقها الدموي.

وانعقدت الجولة الأولى في مايو 2023 في إسطنبول، وسط أجواء من التوتر العسكري المتصاعد، وبدون جدول أعمال متفق عليه مسبقا، مما جعلها أقرب إلى محادثات استكشافية لم تُحقق أي اختراق جوهري.

إجراء محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا في ظل استمرار القصف العنيف يعكس هشاشة الأجواء التفاوضية

وفي يونيو من العام ذاته، عقدت الجولة الثانية، وكانت التوقعات حينها أعلى نسبيا بعد اتفاق أولي على إطلاق سراح عشرات الأسرى من الجانبين، لكن الخلافات العميقة حول مستقبل الأراضي المحتلة، والموقف من انضمام أوكرانيا إلى الناتو، إضافة إلى غياب الثقة المتبادلة، سرعان ما أفشلت المسار، لتتحول هذه الجولة إلى مجرد مناورة دبلوماسية سمحت لكل طرف بتثبيت مواقفه أمام الرأي العام الدولي.

ويرى مراقبون أن فشل تلك الجولات لا يعود فقط إلى تعنّت الطرفين أو تمسّك كل منهما بشروطه القصوى، بل أيضا إلى غياب مظلة دولية فاعلة وقادرة على فرض أو ضمان الالتزامات الناتجة عن أي تفاهم محتمل. كما أن تعدّد الوسطاء وتضارب الأجندات الخارجية، من تركيا إلى الصين والولايات المتحدة، زادا من تشتيت الجهد التفاوضي، بدل توحيده.

ومن جهة أخرى، مثّل غياب الإرادة السياسية الصادقة لدى بعض الأطراف عاملا إضافيا لإفشال الجولات السابقة. فموسكو استخدمت المفاوضات غالبا كوسيلة لربح الوقت وإعادة التموضع العسكري، بينما اتخذت كييف، بدعم من الغرب، موقفا أكثر تشددا، رافضة أي تنازلات تُفهم كاعتراف بـ”شرعية الاحتلال الروسي”.

وبهذا، تحوّلت الجولات السابقة إلى محطات رمزية أكثر منها محاولات جدّية، في ظل غلبة الحسابات العسكرية على الرؤية السياسية، ما يجعل الجولة الحالية في إسطنبول موضع شك واسع حول قدرتها على كسر الحلقة المفرغة التي لازمت المفاوضات السابقة.

ومع أن تركيا نجحت في استضافة هذه الجولة الجديدة، فإن سقف التوقعات لا يزال منخفضا جدا، كما عبّر عن ذلك المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، حين وصف المحادثات بأنها ستكون “صعبة جدا”، وأكد أن “لا أحد يتوقع مسارا سهلا أو نتائج فورية”.

غياب الإرادة السياسية الصادقة لدى بعض الأطراف مثّل عاملا إضافيا لإفشال الجولات السابقة

وتشير المعطيات الأولية إلى أن الخلافات الجذرية بين الجانبين لا تزال على حالها، بل ربما ازدادت اتساعا.

وتطالب روسيا بانسحاب أوكراني كامل من المناطق الأربع التي أعلنت موسكو ضمها عام 2022، فضلا عن الاعتراف بسيادتها على شبه جزيرة القرم، ووقف الدعم العسكري الغربي لكييف، ورفض الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). لكن كييف تعتبر هذه المطالب شروط استسلام، لا يمكن القبول بها في أي تسوية جادة.

وفي المقابل، تشترط أوكرانيا انسحابا روسيا كاملا من أراضيها، وضمانات أمنية حازمة من الحلفاء الغربيين، واستمرار تدفق الأسلحة والدعم السياسي، بل وتطالب بوقف إطلاق نار مؤقت لمدة ثلاثين يوما كخطوة أولى، وهو ما ترفضه موسكو بشدة بحجة تفوقها الميداني.

ويعكس إجراء المحادثات في ظل استمرار القصف العنيف هشاشة الأجواء التفاوضية.

وفي الساعات التي سبقت انطلاق المفاوضات، أعلنت وزارة الدفاع الروسية السيطرة على قرية إستراتيجية في منطقة سومي، بينما أكدت أوكرانيا أن 71 طائرة مسيّرة روسية استهدفت أراضيها ليلا، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين.

ومن جهة أخرى، تواصل أوكرانيا هجماتها داخل العمق الروسي عبر مسيّرات هجومية، في مؤشرات تدل على أن المعركة لا تزال في أوجها، وأن الرهان على تسوية قريبة لا يتناسب مع الواقع الميداني.

وباستضافتها الجولة الجديدة، تسعى تركيا إلى استعادة دورها كوسيط محوري في الأزمة، مستندة إلى ما حققته سابقا في ملف “اتفاق الحبوب” الذي أبرم في إسطنبول عام 2022، إلا أن التحديات الحالية أكبر، فغياب الثقة بين الطرفين، وتعدّد اللاعبين الدوليين المتدخّلين في الحرب، وتعقيد المطالب، كلها عوامل تحدّ من قدرة الوساطة التركية على التأثير الفعلي في مجريات المفاوضات.

وتضعف ضبابية موقف الولايات المتحدة، التي تضغط باتجاه التسوية من جهة، وتواصل تسليح أوكرانيا من جهة أخرى، من فرص بناء بيئة تفاوضية مستقرة.

ويرى محللون أن مفاوضات إسطنبول تفتقر إلى الزخم السياسي الحقيقي اللازم لإحداث اختراق فعلي في جدار الحرب.

ومع اقتراب المهلة الأميركية من نهايتها، تبقى كل السيناريوهات مفتوحة، من تمديد غير معلن، إلى تشديد العقوبات، أو حتى توسيع رقعة الحرب.

شاهد أيضًا

هزة أرضية بقوة 5.3 ريختر في بحر العرب ...

الأربعاء/23/يوليو/2025 - 11:11 م

سجل مركز رصد الزلازل هزة أرضية متوسطة في بحر العرب بقوة 5.3 على مقياس ريختر في تمام الساعة 02:02 مساءً. ويبعد مركز هذا الزلزال حوالي 235 كم جنوب جنوب


الرئيس الزُبيدي يعلن مرحلة جديدة من العمل المؤسسي في المجلس ...

الأربعاء/23/يوليو/2025 - 06:31 م

عقدت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم الأربعاء، اجتماعها الدوري، برئاسة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس، وبحضور الوزراء ونوا


النخبة الحضرمية في مهب التدخلات: دور بن حبريش وتأجيج الانقسا ...

الأربعاء/23/يوليو/2025 - 04:17 م

تشهد محافظة حضرموت خلال الفترة الأخيرة حالة من التوتر السياسي والاجتماعي والقبلي المتصاعد، في ظل محاولات ممنهجة لإضعاف المنجزات الأمنية والعسكرية التي


أمن عدن يوجه صفعة جديدة للجريمة: الإطاحة بعصابة سرقة بطاريات ...

الأربعاء/23/يوليو/2025 - 08:30 ص

في إنجاز أمني جديد، تمكنت الأجهزة الأمنية في مديرية المنصورة بالعاصمة عدن، من تفكيك عصابة إجرامية مكوّنة من ثلاثة أفراد تورطوا في سلسلة سرقات لبطاريات