أمهلت المحكمة العليا الإسرائيلية، مساء الأربعاء، حكومة بنيامين نتنياهو مدة ثلاثين يوماً لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر 2023، في خطوة تعد أول تحد قضائي داخلي مباشر للحكومة بعد إعلان انتهاء الحرب على غزة.
ويأتي القرار في أعقاب التماس قدمته حركة "جودة الحكم"، وهي منظمة مدنية مستقلة طالبت فيه بفتح تحقيق رسمي وشامل في ما وصفته بـ " أكبر إخفاق أمني وعسكري في تاريخ إسرائيل"، بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على قواعد ومستوطنات إسرائيلية محاذية لقطاع غزة في ذلك اليوم، وأسفر عن مقتل وأسر المئات من الإسرائيليين.
وأكدت المحكمة في قرارها أنه "لا توجد خلافات جوهرية حول ضرورة تشكيل لجنة رسمية تتمتع بصلاحيات تحقيق واسعة في أحداث 7 أكتوبر"، مشددة على أن الحكومة ملزمة بتقديم تحديث رسمي خلال 30 يوماً حول سير العمل في إنشاء اللجنة. وأشارت إلى أن القرار جاء استناداً إلى مبدأ الشفافية والمساءلة العامة، باعتبار أن الحدث ترك ندبة عميقة في الوعي الإسرائيلي الجماعي".
ورحبت حركة "جودة الحكم" بالحكم القضائي، معتبرة أن تشكيل لجنة تحقيق مستقلة يمثل "واجباً وطنياً وأخلاقياً تجاه الضحايا والمختطفين والمهجرين"، مؤكدة أن أي تأجيل إضافي سيعد "محاولة للهروب من المساءلة".
وكانت المحكمة قد نظرت في 29 سبتمبر الماضي في الالتماس ذاته، حيث بزر ممثلو الحكومة تأجيل تشكيل اللجنة باستمرار الحرب، وهو ما رفضه القضاة لاحقاً بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية، على لسان الرئيس دونالد ترامب، أن الحرب قد انتهت مع بدء تنفيذ اتفاق التهدئة وتبادل الأسرى في 10 أكتوبر الجاري.
ویری محللون سياسيون أن قرار المحكمة يمثل نقطة تحول في المشهد الداخلي الإسرائيلي، إذ يتوقع أن يفتح الباب أمام تحقيقات موسعة قد تطال شخصيات رفيعة في المؤسسة العسكرية والاستخباراتية وربما تصل إلى مكتب رئيس الوزراء نفسه. ويعتقد مراقبون أن نتنياهو سيحاول كسب الوقت والمناورة سياسياً لتفادي أي لجنة رسمية ذات صلاحيات قضائية حقيقية، عبر الدفع باتجاه تشكيل لجنة حكومية داخلية محدودة الصلاحيات.
كما اعتبر خبراء قانونيون أن استجابة المحكمة للالتماس تعكس تزايد التوتر بين المؤسستين القضائية والتنفيذية في إسرائيل، خصوصاً بعد الاتهامات المتبادلة حول مسؤولية الفشل في منع هجوم حماس. ويرجح هؤلاء أن نتائج التحقيق المرتقب قد تحدث زلزالاً سياسياً داخليا، يعيد رسم خريطة التحالفات داخل الحكومة، وربما يعجل بانهيارها أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة في ظل تراجع الثقة الشعبية بقيادة نتنياهو.