آخر تحديث :الجمعة - 30 مايو 2025 - 04:20 ص

الجنوب.. بين ذاكرة الدولة وحملات التضليل

الخميس - 29 مايو 2025 - الساعة 12:27 ص

أحمد عبداللاه
الكاتب: أحمد عبداللاه - ارشيف الكاتب




في 30 نوفمبر 67م تم إعلان الاستقلال وقيام دولة الجنوب، على كامل الرقعة الجغرافية التي كانت تحت السيادة والحماية البريطانية (عدن ومحمياتها الشرقية والغربية والجزر التابعة). وقد سبق الاستقلال مخاض سياسي اتسم بتعدد التيارات وتباين المرجعيات الفكرية والسياسية، لكنها رغم خلافاتها كانت مجمعة على مبدأ الاستقلال وعلى وحدة الأرض الجنوبية كوحدة جيوسياسية غير قابلة للتجزئة. ولم تكن هناك منطقة مركزية اخترعت الاستقلال وضمّت" الآخرين إليها وهم على غفلة من أمرهم. وكانت قيادات الاستقلال تمثل مناطق مختلفة.

يردد البعض مصطلح “ضم وإلحاق" مناطقهم بالدولة الجنوبية، وهي طروحات ليست بريئة لكنها مسيئة بدرجة أولى بحق المناطق تلك. لأن رجالها كانوا قوة فاعلة، وكانوا في الصفوف القيادية الأولى نحو الاستقلال وتأسيس الدولة الجنوبية ولم يكونوا تابعين أو هامشيين. وكان الجنوب - شأنه شأن الشعوب العربية - يعيش فترة تنامي التيار القومي بشقيه الفكري والحركي.

صار الجنوب دولة واحدة نشرت حكمها وطبّقت نهجها و أيديولوجيتها وسياساتها الاقتصادية على الجميع بالتساوي. لم يكن هناك نفط أو تقديرات حقيقية للموارد. وسجّل عام 1987 بداية متواضعة للإنتاج في محافظة شبوة مع وجود مناطق امتياز (محدودة) للتنقيب. لكن الإنتاج الحقيقي للنفط في الجنوب بدأ بعد الوحدة.

ومن أراد الاطلاع على تجربة الدولة الجنوبية فعليه أن يقرأ.

هناك من يحاول إحداث وعي إعلامي مشوّه والترويج لخطاب الكراهية بين مناطق الجنوب بهدف إضعاف قضيته ونسيجه الاجتماعي وتفكيك أهدافه، خدمة لمشاريع الأقاليم اليمنية التي سحقها "الحوثي" واستكانت له أحزاب الشمال. حينما نجوا قادتها وكوادرها بأنفسهم تاركين مناطقهم خلف ظهورهم، "سارحة والرب راعيها".

تشويه الحقائق لا يفيد أحدًا، وعلى إخوتنا الجنوبيين المنتمين لتلك الأحزاب أن يقنعوا قياداتهم بأن عليهم تسجيل حضور معارض علني في صنعاء ومناطق الشمال التي يسيطر عليها الحوثي، لكي يمنحوا أتباعهم الجنوبيين مادة للمحاججة، يبيّضون بها وجوههم أمام الآخرين.

موازين القوة الناعمة ليست لصالح الجنوب، فهو يواجه جحيمًا إعلاميًا يهدف إلى ابتزاز الرأي العام وإعادة المجتمع إلى مربع الخوف (القديم) من تبنّي الحقائق الصلبة، ومن خطاب استعادة الدولة أو حتى رفع"علم الجنوب".

وكلما ضعفت مقومات الحياة في الجنوب، اشتد عصب خصومه، وكثرت حيَلهم، وأصبح نسيجه الاجتماعي أكثر عرضة للإعلام المضاد. وتلك هي الأزمة التي لم يتداركها الطرف الجنوبي في وقت مبكر ويعمل على توسيع الشراكة الجنوبية وتطوير بدائل موضوعية.

وفي ظل هذا المناخ تنتعش المطابخ السياسية الداخلية والإقليمية لمواجهة قضية الجنوب و سيعود كثيرون إلى سيرتهم الأولى لإثبات حتى بالمعادلات الجبرية، “واحدية الدولة اليمنية" من قبل تأسيسها بقرون! وسوف يقدمون مستندات من الشعر الجاهلي وربما (تلميحات) ذكية من حكايات (1001 ليلة)، ضمن الإسقاطات السياسية و المحاججة الإعلامية، بهدف القفز على حقيقة أن دولتين توحدتا ثم ذهب مشروع الوحدة مع الريح.

أيها الجنوبيون التابعون، وأتباع التابعين لتلك الأحزاب، ومن له ثأر مع تاريخ بلده، ومن يبحث عن مكانة أو موقع:

إن الجنوب بشعبه يمتلك الإرادة الكافية، وإن تكالبت عليه القوى فلن يموت، فقضيته باقية حتى يحقق تطلعاته، والزمان لم يعد زمان 94.

أما اليمن اليوم، فهي غارقة في مزيد من التخلف والتمزق والضياع. تتجاذبها قوى متنازعة، في مقدمتها تيارات إسلامية مذهبية، الإخوان والحوثيين؛ وهما جماعتان عقائديتان عابرتان للحدود، لا تؤمنان بالوطن، ولا تعيران اهتمامًا إلا لمصالحهما في السلطة والتمكين. ولا تنفع معهما اتفاقات أو مواثيق، ولو كُتبت بماء الذهب على جدار الكعبة

هناك كمٌّ غير يسير من الغباء ساهم في صناعة التاريخ، لكن ما هو “مهين” حقًا، أن يعتبر البعض إسقاط الجنوب وقضيته عملاً ثأريًا من كيان بعينه، أو من منطقة أو مناطق محددة.




شاهد أيضًا

9 قطع أثرية يمنية تزيّن مزاداً سويسرياً.. مأساة التراث في زم ...

الجمعة/30/مايو/2025 - 04:20 ص

يُعرض في يونيو المقبل في دار أستارتي للمزادات بمدينة لوغانو السويسرية تسع قطع أثرية يمنية، تعود بعضها إلى الألف الثاني قبل الميلاد، منها مائدة قرابين


"شبو حوثي" يُشعل جريمة مروعة: إحراق شابين أحياءً على يد متعا ...

الجمعة/30/مايو/2025 - 03:20 ص

في جريمة مروعة هزت مديرية جبن بمحافظة الضالع، أقدم شخص يُدعى عبدالرؤوف علي عبده مهدي، مساء الخميس، على إحراق شابين أحياءً أثناء نومهما، بعد أن صب عليه


في زمن الأزمات.. شحنة "فضيحة" تمرّ من بوابة عدن! ...

الجمعة/30/مايو/2025 - 12:33 ص

ضبطت نقطة أمنية في منطقة رأس عمران بالعاصمة عدن، اليوم الخميس، شاحنة محمّلة بمجسمات جنسية رجالية وعرائس صناعية نسائية، في واقعة أثارت جدلاً واسعًا وسخ


من السماء إلى الرماد.. أربع طائرات يمنية اختُطفت باسم الوطن ...

الخميس/29/مايو/2025 - 09:10 م

في بلدٍ أنهكته الحروب والصراعات، تحوّل النقل الجوي – أحد آخر رموز الاتصال اليمني بالعالم – إلى قصة مؤلمة من التدمير والإهمال، فبعد أكثر من ثلاثة عقود