آخر تحديث :الإثنين - 21 أبريل 2025 - 08:15 م

من يزرع الريح...

الخميس - 18 يوليو 2024 - الساعة 11:02 م

أحمد عبداللاه
الكاتب: أحمد عبداللاه - ارشيف الكاتب


ليس السياسي الرائد من لديه عقل وحكمة ولكن من لديه أتباع.. وليس الإعلامي الرائج من لديه ثقافة ومعرفة ويحمل امانة المهنة ولكن من لديه القدرة على الإثارة والتلاعب بالحقائق! هكذا يقال في زمن حرية الميديا أو بالأصح عشوائيتها و فوضويتها، خاصة في بلاد الله المغمورة.

ويقال أيضاً بأن الزمن الرديء لا يصنعه سوى رواد الزمن الرديء والعكس بالعكس. أما عامة الناس فإنهم في الغالب يذهبون سريعا باتجاه ما هو سطحي ومثير وقابل للترويج. ورغم ذلك "ما يبقى في الواد غير حجارو"، كما يقول اخوتنا في الجزائر.

ثمة أطراف يختلفون في كل شيء إلا في مواجهة قضية الجنوب. والسلعة الأكثر وفرة في السوق هي الشحن المناطقي واصطياد عواطف الناس وصناعة الأزمات واعتبار أي حدث فرصة لإعادة إنتاج اوضاع ذهبت مع مَن ذهبت ريحهم وتجاوزتهم حرفياً أحداثٌ ومتغيرات كبرى.

كأن الأجيال جاثمة في مغارة التاريخ بانتظار الاستدعاء عند الحاجة.. حين يدق نفير الروابط المعنوية الضيقة باعتبارهم يحملون جينياً شيفرة الصراعات.. ولا وظيفة لهم في الحياة غير ذلك! هذا ما تتولى الميديا تأصيله وغرسه في النسيج الاجتماعي. وهناك دول واحزاب تدعم وأخرى تجهّز اوكاراً للخلايا.

حين يقاس كل شيء بالمسطرة الجغرافية.. أو حين تؤخذ منطقة أو جماعات بسلوكيات فرد أو أفراد منها.. أو حين تنهض العصبيات وينخفض مستوى تأثير العقلاء و "يجلس الأكابر في الزوايا"، فأنت في بلد يستحيل أن تحكمه دولة. وهذا ما يراد للجنوب أن يكون بل وأن يتحول إلى موطن اليباس والفتن وضمور القيم الوطنية الجامعة. ويشتغل على هذا الهدف صف طويل من الأعداء، أحاطوا قضيته بـ عكاظيات لا تحصى، تهجوها بالخبر و بالشعر و الخطابة.

الإعلام المضلل كعادته يحاول بقوة تنظيف سيوف القتلة ومدمري الأوطان والإرهاب وكل قوى الظلام بأثواب جنوبية. ولمن لا يعلم عن التضليل فإنه سلاح يضع واقعا بديلا للحقائق.. وبه يتم اختطاف الوعي. إنه أخطر ما تواجهه الشعوب الآن في قضايا السياسة والدين والحياة.

التحشيد الإعلامي من أجل نشر الفُرقة مهنة دميمة ومهارة خائبة. لكنها أكثر خطورة حين تصبح وسيلة بيد من يبتغون بها وجه ربهم الأعلى ويعتبرونها وظيفة إيمانية لتحقيق هدفهم المقدس وهو التمكين. ومثلما يبيحون القتل والتفجيرات والأحزمة الناسفة ويبررون الارهاب فان الفتنة تصبح واحدة من الوجبات السريعة التي يوزعونها يومياً.

وثمة (موازون) لأولئك، يدّعون التمدّن والتحضّر والتفوق… الخ لكن لا حديث لهم سوى حديث الشقاق ولغة التمييز والتمايز بين مناطق بلادهم. ولا يجيدون أي مهارة (وطنية) أخرى، فهذا عملهم الأساسي ومصدر انتشارهم. حتى أن (أساميهم) حين تمر لا تصاحبها أي صفة لافتة عدا انهم صناع تلك المحتويات الملغومة وتحمل العلامة التجارية، "مفتنون". و لم يتعلموا من عِبَر التاريخ بأن: "من يزرع الريح يحصد غبارو" كما قال الجزائريون ايضاً.

وهناك (موالون) لقضية الجنوب لكنهم الاسوأ لانهم مَن يعزز مواقف المعادين لها بأفعالهم السيئة. انهم افراد تحملوا مسؤولية لا يستحقونها، وحولوها إلى قوة نفوذ وخانوا الأمانة بالسلوك والجشع و (الشطحات). وهؤلاء هم حصان طروادة الحقيقيون.

ما يزال الجنوبيون يعيشون الأمل أن يطلَّ فجرهم الحقيقي ويدركون أنه لولا الصمود والتضحية لن يكون هناك وطن حر. لكنهم بحاجة ماسة إلى نموذج قيادي متحرر يشبه تطلعاتهم ويعمل بحيوية عالية للتصحيح والتخلص من الشوائب.. فالوضع ما يزال عالق بين "كهف الشيطان" و "بنجلة السلطان" وتحت وصاية حليف لا يستطيع الدفاع عن نفسه. يرافق ذلك محاولة تكريس وضع ستاتيكي غير قابل للحركة والتغيير و تحويل الجنوب الى ساحة صراع جيوسياسي مع إغراق فضاءاته بكم هائل من التزييف وخلط الأوراق، حتى أن البعض استسلم لهذا الزخم المضلل و انجرف آخرون مع التيار.




شاهد أيضًا

الريال في مهب الريح.. أسعار الصرف تشعل الأسواق في عدن! ...

الإثنين/21/أبريل/2025 - 08:15 م

سجّل الريال اليمني مساء الاثنين 21 أبريل 2025، تراجعًا جديدًا أمام العملات الأجنبية في عدن والمناطق المحررة، حيث بلغ سعر صرف الدولار 2469 ريالًا للشرا


الزُبيدي ينعي البابا فرنسيس: عاش من أجل الإنسانية ورحل مخلدً ...

الإثنين/21/أبريل/2025 - 05:25 م

عبّر عضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، عن خالص تعازيه ومواساته لشعب الفاتيكان وكافة أتباع الكنيسة الكاثوليكية في العالم، بوفاة قد


الانتقالي على أبواب المعركة اليمنية الكبرى... شراكة مشروطة ب ...

الإثنين/21/أبريل/2025 - 04:00 م

بين احتمالات الحرب وتسويات السياسة، تقف القوات الجنوبية اليوم على أعتاب محطة فارقة في مسار الصراع اليمني، حيث لم تعد مجرّد رقم عسكري في المعادلة، بل ط


بين الإنكار والاعتراف.. من يُنقذ عدن من وباء الحُميات؟ ...

الإثنين/21/أبريل/2025 - 09:10 ص

عدن، المدينة المنهكة بالأزمات، لا تقتل الحُميات فقط، بل يقتل معها التضارب الرسمي والإنكار المؤسسي، ففي الوقت الذي يخرج فيه مدير مكتب الصحة لينفي وجود