آخر تحديث :السبت - 26 يوليو 2025 - 03:45 ص

اخبار وتقارير


اقتصاد الجنوب بين الدعم الدولي والاستثمار المحلي: توازن هش وسؤال السيادة

الخميس - 24 يوليو 2025 - 07:40 م بتوقيت عدن

اقتصاد الجنوب بين الدعم الدولي والاستثمار المحلي: توازن هش وسؤال السيادة
.

العين الثالثة/ تقرير خاص

في وقت تتحرك فيه القيادة الجنوبية بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي نحو بلورة خطة إنقاذ اقتصادي متكاملة، تعود إلى الواجهة أسئلة جوهرية حول أدوات التمويل وشروط التنمية، بين دعم دولي مشروط، واستثمار محلي مثقل بالعوائق.


ومع اقتراب انعقاد مؤتمر المانحين الدولي المزمع عقده بدعم من الشركاء الدوليين، يصبح من المشروع التساؤل: هل يمكن للجنوب أن يحقق نهضته الاقتصادية دون أن يفرط بسيادته المالية؟ وهل يملك داخليًا ما يكفي من الثقة والإرادة لجذب رأسماله الوطني إلى ميادين الاستثمار الحقيقي؟

تمويل دولي أم وصاية اقتصادية؟
بحسب ما رصدته "العين الثالثة"، فإن الدعم الدولي يمثل حبل نجاة مرحلياً لمشاريع البنية التحتية المتهالكة، خصوصاً في قطاعات الكهرباء والمياه والطرقات والتعليم، ولكنّ هذا الدعم غالبًا ما يكون مشروطًا بسقوف بيروقراطية أو رؤى لا تتواءم بالضرورة مع خصوصية الجنوب واحتياجاته العاجلة، وهو ما يجعل المانحين طرفًا فاعلاً في تحديد أولويات التنمية، وليس مجرد شركاء ماليين.

الاستثمار المحلي.. الفرصة المهدورة
في المقابل، يظل الاستثمار المحلي هو الخيار الأكثر سيادة واستدامة، لكنه أيضًا الأصعب، فرغم وجود رجال أعمال جنوبيين يمتلكون القدرة والخبرة، إلا أن معظمهم يفضل تجميد أمواله أو توجيهها إلى الخارج، هربًا من بيئة إدارية مضطربة، وقوانين غير واضحة، وغياب الضمانات القضائية والضريبية.

وتكشف مقابلات أجرتها "العين الثالثة" مع عدد من المستثمرين المحليين أن أغلبهم يشكون من ازدواجية الجبايات، وغياب التنسيق بين السلطات، وغياب الرؤية الواضحة لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

هل البيئة الجنوبية مؤهلة لاستيعاب الاستثمار؟
رغم التطورات الأخيرة في عدن وبعض المحافظات الجنوبية، إلا أن البيئة الاستثمارية لا تزال بحاجة لإعادة هيكلة كاملة، ويؤكد خبراء اقتصاديون أن العدالة في توزيع الأراضي، وتبسيط إجراءات التراخيص، وبناء قضاء تجاري مستقل، تشكل ركائز لا غنى عنها لاستعادة ثقة المستثمرين المحليين.

وقد رصدت "العين الثالثة" توجهات داخل المجلس الانتقالي الجنوبي تسعى إلى سنّ لوائح استثمارية جديدة، وتفعيل الهيئة الاقتصادية كمنصة تنسيقية بين القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية، وهو ما يُعدّ تطورًا مهمًا، لكنه لا يزال في بداياته.

تحديات القانون والإدارة أمام رأس المال الجنوبي
يعاني المستثمر الجنوبي، كما تكشف تقارير "العين الثالثة"، من سلسلة معوقات تتراوح بين التشريعات المتضاربة والروتين الإداري، إلى ضعف الشفافية وغياب نظام معلومات استثماري متكامل.

ويرى خبراء قانونيون أن إصلاح البيئة القانونية لا يعني فقط تعديل القوانين، بل فرض تطبيقها على الجميع، وتطهير المؤسسات من الوسطاء غير الشرعيين الذين يحولون المشاريع إلى مغامرات محفوفة بالمخاطر.

بين الدعم والسيادة.. كيف يوازن الجنوب خياراته؟
تشير قراءة معمقة للمشهد الاقتصادي أن التوازن بين الدعم الدولي والاستثمار المحلي هو خيار ضروري لا مفر منه في المرحلة الراهنة، لكن الأهم – كما ترى "العين الثالثة" – أن لا يتحول التمويل الأجنبي إلى بديل دائم عن الاستثمار الوطني، ولا يُستخدم غطاءً لإملاءات سياسية تقيّد القرار الوطني.

في المقابل، فإن على أصحاب المال الجنوبيين أن يتعاملوا مع الاستثمار كمشروع وطني لا مجرد صفقة ربح، فنهضة الجنوب لن يصنعها الخارج وحده، بل تحتاج إلى شراكة داخلية صلبة، تعكس الوعي والمسؤولية.

رؤى اقتصادية جنوبية: نحو سيادة مالية متدرجة
يؤكد اقتصاديون جنوبيون تحدثوا لـ"العين الثالثة" أن السيادة المالية لا تُفرض دفعة واحدة، بل تُبنى تدريجياً من خلال خطوات ذكية تبدأ من استقلال القرار المصرفي، وتنظيم الإيرادات العامة، وإنشاء صناديق سيادية تستثمر جزءًا من الموارد لصالح التنمية.

كما يوصون بإنشاء منصة موحدة للمشاريع الاستثمارية تُعرض من خلالها الفرص المتاحة داخل المحافظات الجنوبية، مدعومة بدراسات جدوى ومعلومات شفافة، تعزز ثقة المستثمر وتُسهّل التقييم والقرار.

في جنوب يسعى لاستعادة قراره السياسي، لا يمكن فصل مشروع التحرر عن استقلال القرار الاقتصادي، وبينما تتحرك قيادة المجلس الانتقالي بقيادة الرئيس الزُبيدي في مسارين متوازيين – الدعم الدولي والاستثمار المحلي – فإن الرهان الحقيقي سيظل على قدرة الداخل على إصلاح نفسه، وتحويل موارده إلى قوة دافعة لا قوة مرهونة.

ولأن الشعوب لا تُبنى بالمنح وحدها، فإن استثمار أبناء الجنوب في وطنهم، يبقى الشرط الأول لسيادة اقتصادية مكتملة الأركان.

شاهد أيضًا

ابتزاز بالهوية: شبكة إلكترونية تخون الأمان الأسري وتسرق 22 أ ...

الجمعة/25/يوليو/2025 - 09:35 م

كشف الخبير الرقمي مختار عبد المعز عن فضيحة ابتزاز إلكتروني مدوية تورطت فيها فتاة يمنية استخدمت هوية شقيقها لإنشاء شبكة ابتزاز منظمة تستهدف الشباب عبر


تحسن طفيف للريال اليمني أمام العملات الأجنبية صباح الجمعة في ...

الجمعة/25/يوليو/2025 - 09:45 ص

سجّل الريال اليمني صباح اليوم الجمعة، 25 يوليو 2025، تحسناً طفيفاً في أسعاره أمام العملات الأجنبية في العاصمة عدن ومحافظة حضرموت، حيث بلغ سعر الدولار


عاجل .. مسيرة حوثية بإتجاه تل أبيب ...

الجمعة/25/يوليو/2025 - 01:13 ص

الجيش الإسرائيلي: اعترضنا منذ قليل مسيرة أطلقت من الحوثيين


إسرائيل تقتل الصحفي آدم أبو هربيد وتصيب زوجته وأطفاله بغزة ...

الجمعة/25/يوليو/2025 - 01:05 ص

قتل الجيش الإسرائيلي، مساء الخميس الصحفي الفلسطيني آدم أبو هربيد، وأصاب زوجته وأطفاله، إثر قصف استهدف خيمتهم التي كانوا يقطنونها وسط مدينة غزة. وقالت