حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من تداعيات إعلان رئيس السلطة الوطنية محمود عباس نيته إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني قبل نهاية العام الحالي، معتبرة القرار "منفردا وبعيدا عن التوافق الوطني" داعية الشعب الفلسطيني إلى رفض "النهج الإقصائي".
وقالت حماس في بيان لها اليوم الأربعاء "إن هذا القرار الأحادي يمثل تجاوزا خطيرا للإرادة الوطنية الجمعية، وتجاهلا صريحا لاتفاقات القاهرة والجزائر وموسكو وبكين، التي أكدت جميعها ضرورة إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية وتشاركية، وبمشاركة شاملة لكل القوى والفصائل الفلسطينية، بما يضمن تمثيلا حقيقيا لشعبنا في الداخل والخارج".
واعتبر البيان أن "استمرار القيادة المتفردة في اتخاذ قرارات مصيرية دون توافق يُكرس الانقسام، ويُضعف الموقف الوطني الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، ويقوض جهود استعادة الوحدة الوطنية، في وقت أحوج ما نكون فيه إلى وحدة الصف وتكامل الجهود، في ظلّ ما يتعرض له شعبنا في قطاع غزة من حرب إبادة وتجويع وعدوان صهيوني متواصل، وما تتعرض له الضفة الغربية من استيطان وتهجير، وما يجري من مخططات تهويد للقدس وتقسيم للمسجد الأقصى المبارك".
وجاء في البيان "إننا في حركة حماس نرفض هذا المسار الانفرادي، وندعو إلى الوقف الفوري لأي خطوات أحادية، ونطالب بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اللقاءات الوطنية" خصوصًا ما يتعلّق بإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الشراكة، وبما يضمن إعادة الاعتبار للدور الوطني التحرري للمنظمة، باعتبارها إطارًا جامعًا للكلّ الفلسطيني.
واختتمت حماس بيانها بدعوة "جماهير شعبنا الفلسطيني وقواه وفصائله الحيّة" إلى رفض هذا النهج "الإقصائي" والتمسّك بخيار الوحدة والشراكة، والعمل المشترك من أجل حماية المشروع الوطني و"تجسيد تطلعات شعبنا في الحرية والعودة والاستقلال".
نهج الإقصاء
وتعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي إياد القرا للجزيرة نت إن الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، ترفض بشكل قاطع التفرد الذي تنتهجه السلطة الفلسطينية في قراراتها المصيرية، وعلى رأسها إعلان الرئيس محمود عباس عن نيته إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني.
واعتبر القرا أن هذه الخطوة تأتي استكمالا لنهج السلطة في إعادة هيكلة مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الوطنية بطريقة تقصي الشراكة الوطنية، مشيرا إلى أن الخطوة لا تنفصل عن التعيينات السابقة مثل تعيين نائب للرئيس، وهي تعكس رغبة الرئيس عباس في الإبقاء على قيادة موالية له، دون اعتبار للأصوات المعارضة داخل المنظمة أو حتى الفصائل المنضوية تحت لوائها، مثل الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية.
وأضاف أن السلطة الفلسطينية تمضي في خطواتها بعيدا عن أي مرجعية وطنية، وهو ما يعد امتدادا لنهج تهميش المجلس التشريعي، الذي تم حله سابقا، ويستكمل الآن بتجاهل تام لدوره حتى في الضفة الغربية، ناهيك عن غزة.
ورأى القرا أن توقيت الإعلان يتجاهل الواقع الكارثي في قطاع غزة، حيث يقتل الفلسطينيون يوميا على يد الجيش الإسرائيلي، ويدمر القطاع بشكل شبه كامل، بينما تمضي السلطة في قراراتها وكأن شيئًا لم يكن.
وأشار إلى أن هذه الخطوات تمثل نسفا لكل الاتفاقيات الوطنية بما في ذلك لقاءات المصالحة في الصين والقاهرة، مؤكدا أن ما يجري هو عملية إقصاء ممنهج لقطاع غزة من المشهد السياسي في رام الله، لافتا إلى أن السلطة لم تظهر أي اهتمام فعلي بالقطاع خلال الحرب، لا على المستوى السياسي ولا الاقتصادي ولا الصحي.
وختم القرا بالتأكيد أن السلطة الفلسطينية تمضي في مسار يهدف إلى إرضاء الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، عبر إعادة هيكلة المؤسسة الفلسطينية لتصبح أكثر قبولا أميركيا وإسرائيليا.