آخر تحديث :السبت - 28 يونيو 2025 - 12:00 ص

قضايا


ثلاث سنوات من الجمود: هل فشل مجلس القيادة الرئاسي في إنقاذ الدولة؟

الجمعة - 27 يونيو 2025 - 07:00 م بتوقيت عدن

ثلاث سنوات من الجمود: هل فشل مجلس القيادة الرئاسي في إنقاذ الدولة؟

العين الثالثة/ تقرير خاص


في أبريل 2022، وُلد مجلس القيادة الرئاسي في لحظة اعتبرها البعض "فرصة استثنائية" لإنقاذ المسار السياسي والعسكري في اليمن، وإعادة توحيد الصفوف خلف مشروع الدولة. إلا أن تطورات السنوات الثلاث الماضية أظهرت بوضوح أن هذا الكيان، بدلاً من أن يكون رافعة وطنية، بات عبئًا إضافيًا على مشروع استعادة الدولة، كما يراه الكثير من المراقبين والفاعلين المحليين..

ثلاث سنوات مرّت، ومعها تصاعدت الأسئلة: ماذا حقق المجلس؟ هل تقدم مشروع التحرير؟ أين ذهبت موارد الدولة؟ وهل ما زال المجلس يمثل أداة إنقاذ أم عبئاً إضافياً على الوطن والمواطن؟

جبهات الصمت.. وهدنة بلا نهاية
على المستوى العسكري، توقفت كل الجبهات تقريبًا، وتحولت المعركة الوطنية ضد جماعة الحوثي إلى مشهد جامد، يفتقد لأي مبادرة فعلية. لم يُحرّك مجلس القيادة ساكنًا حيال خروقات الحوثيين المستمرة، بل بدت المعركة وكأنها مؤجلة إلى أجل غير مسمى.

ويرى محللون أن الموقف العسكري بات أقرب إلى "الإدارة السياسية للتجميد"، حيث لم تشهد الجبهات الجنوبية والشمالية أي تغيّر ميداني ملموس، ما منح الحوثيين فسحة واسعة لإعادة التمركز، وتطوير قدراتهم العسكرية، بل والانخراط في تفاهمات إقليمية تُفسّر على أنها إضفاء شرعية غير مباشرة للواقع الانقلابي.

القرار السياسي خارج الحدود
سياسيًا، تحوّل القرار الوطني إلى ملف تائه بين العواصم الإقليمية، حيث بات واضحًا غياب القيادة عن التفاعل مع القضايا الجوهرية للمواطنين، وابتعادها عن هموم الداخل وانشغالاته. ومع تراجع أدوار المؤسسات السيادية، أصبحت القرارات المصيرية تُطبخ خارج إطار الدولة، ما زاد من فجوة الثقة بين الشارع والمجلس.

ولم يصدر عن المجلس أي موقف واضح من ملفات ملحة، أبرزها إعادة ترتيب أولويات السلطة، أو إعادة هيكلة المؤسسات السيادية، أو حتى توحيد الصف داخل المناطق المحررة، في وقت تستمر فيه الخلافات بين القوى الممثلة داخل المجلس نفسه.

الاقتصاد.. في مهب الريح
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد عانت البلاد من نكسة قاسية، حيث فقد الريال اليمني أكثر من نصف قيمته خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وتوقفت صادرات النفط، وانعدمت القدرة الشرائية للمواطن، بينما ارتفعت نسب الفقر والبطالة والجوع إلى مستويات قياسية.

وفي وقت تواصل فيه ميليشيا الحوثي فرض واقع اقتصادي خاص بها، تغرق الحكومة المعترف بها دوليًا في دوامة العجز المالي، وسوء الإدارة، والفساد المستشري، وسط غياب أي خطة إنقاذ فعلية أو تحرّك دولي ملموس.

نهب الموارد وتهميش المحافظات
ضمن أكثر ما يثير الجدل، تتجه أصابع الاتهام إلى شخصيات ومكونات فاعلة داخل المجلس بأنها تُسهِم بشكل مباشر في تفكيك المؤسسات الاقتصادية، واحتكار القرار المالي بعيدًا عن أي رقابة أو شفافية، الأمر الذي أدى إلى تعطيل عمل مؤسسات خدمية حيوية في المحافظات المحررة.

ويشكو مواطنو تلك المحافظات من غياب التنمية، وتأخر الرواتب، وتدهور الخدمات، في مقابل استمرار بعض الجهات في التصرف بالإيرادات بشكل أحادي، وغياب أي توزيع عادل للموارد.

صوت الداخل يُقصى.. والبدائل غائبة
وبينما يتحدث المجلس عن "إصلاح شامل"، فإن الوقائع تشير إلى حالة من العزلة السياسية، حيث تم تهميش النخب الوطنية، وإقصاء الكفاءات، وتغييب الإعلام الحر، وتضييق مساحة النقاش العام، ما خلق فراغًا سياسيًا وانعدامًا للثقة بين المواطن وسلطته.

وحتى الآن، لم يتمكن المجلس من إنتاج رؤية استراتيجية واضحة للخروج من الأزمة، كما لم تتبلور أي آلية لإشراك القوى المجتمعية والمدنية في القرار، رغم ما تمر به البلاد من لحظة حرجة تتطلب استنهاض كافة الطاقات.

خلاصة ثلاث سنوات.. مشروع يترنح
بعد مضي ثلاث سنوات على إعلان المجلس، لم يُنجز شيء يُذكر على الأرض سوى بيانات وخطابات وتصريحات، مقابل تراكم فشل في الملفات الحيوية كافة. يعلّق الباحث السياسي عادل العبسي:"كانت اللحظة التاريخية تستدعي قيادة انتقالية جريئة، لكن ما حصل هو العكس: إدارة مترددة، وأداء باهت، وغياب للجرأة في القرار".

ويختم بالقول:"المشكلة ليست في وجود المجلس من عدمه، بل في غياب الإرادة لصناعة التغيير داخله، وتحوله إلى واجهة شكلية في ظل غياب دولة حقيقية."

ويعكس أداء مجلس القيادة الرئاسي بعد ثلاث سنوات عجزًا واضحًا عن تحقيق الأهداف التي شُكل لأجلها، القرارات تدار من الخارج، والميدان غائب، والاقتصاد منهار، والمواطن يتكبد ثمن الفشل. لا مؤشرات إصلاح حقيقي، ولا مؤشرات على أن المجلس بصدد تصحيح المسار.

ما لم يتم تصحيح المسار خلال فترة وجيزة، فإن استمرار مجلس القيادة بصيغته الحالية لا يعد فقط إهدارًا للفرص، بل تهديدًا لمشروع الدولة ذاته، في وقت أصبحت فيه استعادة الثقة أولى خطوات الاستعادة الحقيقية لليمن.

شاهد أيضًا

ثلاث سنوات من الجمود: هل فشل مجلس القيادة الرئاسي في إنقاذ ا ...

الجمعة/27/يونيو/2025 - 07:00 م

في أبريل 2022، وُلد مجلس القيادة الرئاسي في لحظة اعتبرها البعض "فرصة استثنائية" لإنقاذ المسار السياسي والعسكري في اليمن، وإعادة توحيد الصفوف


معلمة رياضيات في قبضة العدالة.. فضيحة جنسية تهز مدرسة! ...

الجمعة/27/يونيو/2025 - 06:40 م

في فضيحة مدوية، قبضت السلطات الأمريكية على معلمة رياضيات في ولاية فلوريدا تبلغ من العمر 32 عامًا، بتهمة إقامة علاقة مع أحد طلابها داخل الغرفة الصفية خ


صحفي استقصائي يكشف: ناقلة نفط إماراتية تتجه إلى رأس عيسى بعد ...

الجمعة/27/يونيو/2025 - 06:20 م

كشف الصحفي الاستقصائي فاروق الكمالي، في منشور على صفحته بموقع فيسبوك، تابعته "العين الثالثة"، عن تحرك ناقلة النفط CHIL 1 (التي كانت تُعرف سابقًا باسم


وزارة الداخلية.. من مؤسسة سيادية إلى أداة تهميش: عدن تدفع ال ...

الجمعة/27/يونيو/2025 - 06:10 م

من المفترض أن تمثل وزارة الداخلية حجر الزاوية في تعزيز الاستقرار، وبناء المؤسسات الأمنية، وترسيخ النظام في بلدٍ تمزّقه الصراعات، إلا أن الواقع في العا