آخر تحديث :الأربعاء - 30 أبريل 2025 - 01:15 ص

قصص تفاعلية


الهروب من جحيم الحرب إلى شرك الحاجة.. رحلة استغلال اليمنيات في مصر!

الثلاثاء - 29 أبريل 2025 - 10:00 ص بتوقيت عدن

الهروب من جحيم الحرب إلى شرك الحاجة.. رحلة استغلال اليمنيات في مصر!

العين الثالثة/ متابعة خاصة


حين غادرت المرأة اليمنية وطنها، كانت تظن أن الألم قد انتهى وأن الأمان ينتظرها على الضفة الأخرى. لكنها وجدت في بلاد الغربة وجعًا جديدًا يتجدد كل يوم، حيث تتحول الحاجة إلى باب مفتوح للابتزاز والاستغلال، وتُدفع النساء دفعًا إلى دوائر لا ترحم.

في مصر، حيث يعيش أكثر من نصف مليون يمني بحسب مصادر غير رسمية، تتكرر القصص الموجعة لنساء يمنيات سقطن في فخ العبودية الحديثة، ما بين عمل قسري وزيجات استغلالية، وسط غياب شبه تام لأي مظلة حماية قانونية أو دبلوماسية.

"أم روان": من البحث عن الكرامة إلى العبودية الحديثة
في حي شعبي بالقاهرة، تجلس أم روان، أم لثلاثة أطفال، تتحدث بمرارة عن واقعها: "كنت أظن أنني سأؤمّن حياة كريمة لأولادي... لكنني تحولت إلى خادمة تعمل من الفجر حتى منتصف الليل مقابل أجر بالكاد يسد الرمق، ومعاملة دونية لا تليق بآدمي."

عملت أم روان في منزل مصري مقابل أربعة آلاف جنيه شهريًا، وهو أجر لا يساوي ساعات العمل الشاقة التي كانت تؤديها، وعندما طالبت بتحسين أوضاعها، كان الرد بطردها من دون راتب، مع تهديد بتلفيق بلاغ كيدي ضدها.

"زواج السترة": قناع فضيلة يخفي الاستغلال
إحدى أبرز صور الاستغلال التي تواجهها الفتيات اليمنيات في مصر تتمثل فيما يُعرف بـ"زواج السترة"، وهو زواج غالباً ما يتم خارج إطار القانون، تحت ذريعة "الستر والإعالة"، لكنه في الحقيقة شكل من أشكال الاتجار بالبشر.

أروى، ناشطة حقوقية يمنية، تكشف جانباً مظلماً من هذه القصة: "تابعنا حالات لفتيات قاصرات جرى تزويجهن مقابل مبالغ مالية بسيطة، أو بناءً على وعود كاذبة بالعيش الكريم، لتنتهي هذه الزيجات غالبًا بعد أسابيع أو أشهر دون أي حقوق تذكر."

في بعض الحالات، تورط سماسرة نساء، أو حتى أولياء أمور، في عقد صفقات مشبوهة تحت مسمى الزواج العرفي، حيث تباع الفتاة دون توثيق رسمي، مما يفتح الباب أمام التخلي عنها بسهولة.

صمت الجالية: خوف.. أم تواطؤ؟
في الأحياء التي يقطنها اليمنيون في القاهرة، مثل فيصل والدقي وحدائق الأهرام و6 أكتوبر، يسود صمت ثقيل.

بعض أفراد الجالية اليمنية يفضلون تجاهل الانتهاكات خوفًا من الفضيحة أو من الوقوع في المشاكل القانونية، بينما يتورط آخرون -عن علم أو بجهل- في دعم شبكات الاستغلال.

وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، يصبح الحديث عن حقوق النساء ترفًا مؤجلًا أمام ضغوط الحاجة والخوف.

السفارة الغائبة.. والدولة المفقودة
تلجأ الضحايا غالبًا إلى السفارة اليمنية بحثًا عن الحماية، لكنها، كما تقول "ح.م"، فتاة يمنية شابة: "ذهبت أطلب المساعدة بعدما تعرضت لمحاولة ابتزاز، لكن الموظف قابلني بلا مبالاة، وقال إن السفارة لا تتدخل في القضايا الشخصية."

غياب الدور الدبلوماسي الفاعل جعل اليمنيات مكشوفات أمام طوفان الانتهاكات، دون ظهر يحميهن، ودون قانون يردع منتهكي حقوقهن.

مبادرات خجولة.. وأمل متواضع
رغم السواد الذي يلف المشهد، لم تغب بعض المحاولات الفردية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

مبادرة "كرامة يمنية"، التي أطلقتها مجموعة من الناشطين اليمنيين في القاهرة، أنشأت مأوى صغيرًا لإيواء النساء المعنفات، وقدمت لهن استشارات قانونية وخدمات طبية بسيطة، لكن هذه المبادرات، رغم نبلها، تظل قطرة في بحر الحاجة، وتواجه تحديات ضخمة، من غياب التمويل إلى التضييق الإداري.

أرقام تتحدث عن مأساة مغيبة
  •  20 حالة موثقة لزواج قسري أو احتيالي خلال عام 2024 وحده.
  •  أكثر من 50 سيدة يمنية تعرضن لاستغلال في العمل المنزلي دون تعويض.
  •  نحو 70% من النساء اليمنيات في مصر يعشن تحت خط الفقر، وفق تقديرات منظمات محلية.
أرقام ليست مجرد إحصاءات صماء، بل مؤشرات على كارثة إنسانية مستمرة في الخفاء.

توصيات عاجلة:
  •  تفعيل الدور الدبلوماسي للسفارة اليمنية ومتابعة قضايا الاستغلال بحزم.
  •  إنشاء خط ساخن لاستقبال بلاغات النساء بسرية تامة.
  •  تمويل ودعم المبادرات الحقوقية اليمنية والمصرية العاملة على الأرض.
  •  فتح تحقيقات شفافة بالتعاون مع السلطات المصرية لملاحقة شبكات الاستغلال.
  •  بناء شراكات مع منظمات الأمم المتحدة لضمان رصد الانتهاكات ومحاسبة المتورطين.

بين مطرقة الحرب وسندان الغربة
لم تكن الغربة خيارًا لليمنيات الهاربات من نيران الحرب، بل كانت طوق نجاة تشقق حتى غرق بالخذلان.

اليوم، بينما تُغلق الأبواب الرسمية، وتخبو أصوات الإنصاف، تظل قصص النساء اليمنيات في مصر تهمس في الظلال: "نحن هنا... نحتاج لمن يسمعنا، قبل أن يبتلعنا الصمت نهائيًا."

شاهد أيضًا

استنفار استثنائي.. الزُبيدي يأمر بعودة عاجلة لوزراء ومحافظي ...

الثلاثاء/29/أبريل/2025 - 08:35 م

أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم الثلاثاء، أن الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي أصدر توجيهات حاسمة بعودة جميع الوزراء ومحافظي المحافظات المحسوبين


عدن: نزيف مستمر في جسد الدولة، والفساد سيد الموقف! ...

الثلاثاء/29/أبريل/2025 - 05:00 م

وسط ظروف اقتصادية خانقة وأوضاع معيشية متدهورة، تتكشف يومًا بعد يوم فصول جديدة من قصص الفساد المالي والإداري الذي ينخر جسد مؤسسات الدولة في اليمن. أرقا


الكثيري: الاحتجاج حقٌ مشروع.. وعلينا كشف المتسببين بانهيار ع ...

الثلاثاء/29/أبريل/2025 - 04:25 م

ترأس علي عبدالله الكثيري، القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اجتماعاً موسعاً في عدن لمناقشة تصاعد الاحتجاجات وتدهور الخدمات، مشيداً بانضباط


الكثيري: العليمي وبن مبارك يتحملان مسؤولية الانهيار الخدمي ف ...

الثلاثاء/29/أبريل/2025 - 04:22 م

حمّل علي عبدالله الكثيري، القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، رئيس الجمعية الوطنية، رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، ورئيس الحكومة أحم