مع تصاعد الضغوط الدولية على القيادات البارزة المرتبطة بتنظيمات مشبوهة، وبتهم تمويل الإرهاب، ظهرت تطورات جديدة تتعلق بالملياردير اليمني والسياسي البارز في حزب الإصلاح، حميد عبدالله الأحمر، الذي عُرف بأدواره المؤثرة سياسيًا وماليًا في اليمن والمنطقة.
وبينما فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على الأحمر وعدد من شركاته بداية أكتوبر الجاري، تتحدث تقارير موثوقة عن أن حميد الأحمر، وبمساعدة فريق متخصص من المستشارين، أطلق خطة معقدة تستهدف الالتفاف على العقوبات التي تعتبرها واشنطن جزءًا من جهودها لمكافحة الإرهاب.
تفاصيل خطة الالتفاف:
وفقًا لمصادر مطلعة، وضع الأحمر استراتيجية مالية مُحكمة تهدف إلى الحفاظ على ثروته الشخصية، واستثماراته الواسعة التي تتوزع بين اليمن وعدة دول عربية وأجنبية، عبر مجموعة من الخطوات المعقدة. وتشمل هذه الخطوات التالي:
-
تصفية الأصول وتحويلها لأسماء مُقرَّبة: يهدف الأحمر، بحسب ما أوردته المصادر، إلى بيع وتصفية عدد من الشركات، وتوزيعها بين أفراد عائلته وأصدقائه من الشخصيات المؤثرة، خصوصًا أبنائه وشقيقين له هما حاشد ومذحج الأحمر. كما تتضمن الخطة بيع بعض الأصول لمستثمرين عرب وأتراك، في محاولة للتخفي عن الأنظار الدولية.
-
استراتيجيات غسل وتبييض الأموال: ضمن مخططه، يركز الأحمر على نقل الأموال عبر قنوات معقدة تشمل عمليات تبييض وغسيل أموال متعددة، حيث يُعتقد أنه يستخدم مستثمرين وشركات وهمية في تركيا وقطر والسعودية ودول أوروبية. تشير المصادر إلى أن هذه الخطوات تجري بسرية تامة لتجنب كشف الأنشطة أمام الرقابة المالية الدولية.
-
تحويل الاستثمارات والديون القديمة: أكدت المصادر أيضًا أن الأحمر قام بتفعيل عقود قديمة لتسديد مديونيات وهمية، وتحويل ملكيات شركات من خلال بيع صوري يشمل ديون غير مستحقة، حيث يتم استخدام هذه الطريقة لتفادي الكشف عن الارتباطات المباشرة بينه وبين الشركات التي تحمل اسمه.
الأسماء المرتبطة والمواقع الجغرافية:
تظهر في هذا المشهد أسماء متعددة لأفراد من عائلته، ومستثمرين، وشخصيات سياسية لها نفوذ إقليمي، منهم:
-
حميد الأحمر: الشخصية الرئيسية، الذي يسعى للتهرب من العقوبات بطريقة ذكية تتجاوز التوقعات.
-
شيخان الدبعي: ممثل حزب الإصلاح في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ويقيم في تركيا، حيث يلعب دورًا محوريًا في عمليات تحويل الأموال والتمويل الخارجي.
-
حمود سعيد المخلافي وعبد المجيد المخلافي: مستشاران مقربان للأحمر ولديهما علاقات قوية تساعد في توجيه الاستثمارات والسيطرة على بعض المؤسسات الحيوية.
-
جلال هادي: نجل الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي، والذي يعدّ أحد الداعمين للتحركات التي تهدف إلى إبقاء ثروة الأحمر ضمن دائرة العائلة.
من جانب آخر، تتواجد شخصيات إقليمية ودولية يُعتقد بأنها تدعم أو تسهم في تمرير هذه الخطط، ومنها:
-
نجل حمد بن جاسم آل ثاني: ابن رئيس الوزراء القطري السابق، الذي وُجد له دور بارز في الاستثمارات الخارجية للأحمر، خاصة في قطر.
-
نجل سعد الفقيه وصهر محمد المسعري: معارضون سعوديون معروفون، لعبوا دورًا في تسهيل مرور بعض الأصول المالية والاستثمارات إلى خارج السعودية.
-
صهر خيرت الشاطر: المعارض المصري البارز، الذي يُحتمل أن له علاقة بشبكة توزيع أموال الأحمر واستثماراته.
التداعيات السياسية والأمنية لهذه التحركات:
إن استراتيجية الأحمر المعقدة لم تأت من فراغ، بل تمثل رد فعل مباشر على العقوبات الأميركية التي فرضت عليه بتهمة تمويل الإرهاب والتواطؤ مع التنظيمات المتطرفة في الشرق الأوسط. بينما يحاول الأحمر الإفلات من العقوبات، تثير تحركاته تساؤلات عن الدور الذي يلعبه في تأجيج الصراعات ودعم الجماعات التي تستهدف الاستقرار في المنطقة.
ويأتي هذا التحرك المالي وسط ترقب شديد من الدوائر السياسية، حيث تشير التوقعات إلى أن إعلان الأحمر إفلاسه قريبًا قد يكون جزءًا من خطته لاستعادة بعض السيطرة على ممتلكاته. ويتيح له ذلك إمكانية إعادة تشكيل أنشطته التجارية وتجنب العقوبات، مما يفرض على الجهات الرقابية الدولية تكثيف مراقبتها للأموال التي تنتقل عبر شبكات متعددة، تشمل تركيا وقطر، وإلى حد ما، المملكة المتحدة.
تأثيرات اقتصادية واجتماعية في اليمن:
يبدو أن ثروة الأحمر الهائلة ليست وحدها التي تواجه العواقب؛ إذ يتزامن هذا التطور مع تداعيات اقتصادية سلبية تطال مئات الموظفين والمستثمرين المحليين في اليمن، الذين كانوا يعتمدون على شبكة شركاته ومؤسساته في مختلف المجالات. يُتوقع أن تؤدي تصفية الأصول إلى تراجع كبير في التوظيف والتأثير سلبًا على عدد من القطاعات الحيوية، لا سيما العقارات والخدمات اللوجستية والنقل.
الأبعاد الدولية وتأثيرها على العلاقات الإقليمية:
تنعكس علاقات حميد الأحمر بالشخصيات المؤثرة في المنطقة، كأبناء السياسيين البارزين من قطر والسعودية وتركيا، على صورة علاقات إقليمية متشابكة، تكشف عن شبكة من المصالح السياسية والاقتصادية المعقدة. بينما يحاول الأحمر كسب حلفاء جدد يعززون مكانته في وجه العقوبات، فإن التوترات الإقليمية، لا سيما مع السعودية، تُظهر حجم التحديات التي تواجهها التحركات التي يقودها.
التفاف على العقوبات:
تكشف قضية حميد الأحمر وما ترتب عليها من خطوات للالتفاف على العقوبات، عن ثغرات كبيرة في النظام المالي الدولي، الذي يحاول مكافحة تمويل الإرهاب عبر ملاحقة الأفراد والشركات المتورطة.
ومع ذلك، يبدو أن نجاح الأحمر في التحايل على هذه العقوبات قد يتسبب في خلق ضغوط جديدة على المنظومة القانونية والرقابية، فيما يبقى المجتمع الدولي بحاجة إلى تكثيف جهوده لرصد ومعاقبة كل من يتورط في دعم النشاطات المشبوهة التي تهدد استقرار المنطقة.
يبقى السؤال مطروحًا حول مدى قدرة الجهات الدولية على كبح جماح هذه التحركات، وأين ستنتهي محاولات حميد الأحمر في مشهد يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.