آخر تحديث :السبت - 20 سبتمبر 2025 - 11:26 م

منوعات


الذكاء الاصطناعي يعيد الموتى.. "ظاهرة جديدة" تثير جدلا

السبت - 20 سبتمبر 2025 - 10:10 م بتوقيت عدن

الذكاء الاصطناعي يعيد الموتى.. "ظاهرة جديدة" تثير جدلا

العين الثالثة/ متابعات

في السنوات الأخيرة، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة لتسريع الأعمال أو تعزيز الإنتاجية، بل تحوّل إلى مساحة تتقاطع فيها التكنولوجيا مع أكثر المشاعر الإنسانية حساسية مثل الحزن والفقد.


فبينما اعتاد الناس منذ سنوات استخدام منصات مثل فيسبوك وإنستغرام في ذكرى ذويهم الراحلين من خلال الصور والفيديوهات والمنشورات التذكارية، ظهر اليوم اتجاه جديد أكثر إثارة للجدل يُعرف بـ"الرحيل الرقمي".

وتلجأ شركات ناشئة حول العالم إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لصناعة نسخ رقمية تحاكي أصوات وصور وتصرفات المتوفين، بهدف إبقائهم في دائرة التواصل مع أحبائهم.

من الذكرى إلى "الحضور الافتراضي"

على منصات التواصل الاجتماعي، أصبح من المألوف أن ينشر الأبناء صور آبائهم الراحلين، أو أن يخصص الأصدقاء مساحة افتراضية لتذكر شخص فارق الحياة، وهي ظاهرة وُصفت بأنها "تريند الذكرى"، لكن دخول الذكاء الاصطناعي على الخط نقل التجربة من مجرد أرشفة للصور إلى إعادة صوت وصورة الشخص المتوفى بشكل تفاعلي، بحيث يمكن للمستخدمين التحدث معه افتراضياً وكأنه حاضر بينهم.

مواقع مثل HereAfter AI الأميركية وDeepBrain AI الكورية الجنوبية طوّرت تطبيقات تسمح بتخزين تفاصيل دقيقة عن حياة الشخص قبل رحيله، من صوته وإجاباته على الأسئلة الشخصية، وصولاً إلى ملامح وجهه، ليتمكن أهله من التواصل معه لاحقاً وكأنه ما زال على قيد الحياة.

وبحسب تقارير نشرتها "BBC وMIT Technology Review"، فإن هذه التطبيقات بدأت تلقى رواجاً بين بعض العائلات التي تبحث عن وسيلة لتخفيف وطأة الفقد.

جدل عالمي واسع

ورغم الإقبال المتزايد، فإن الظاهرة أثارت جدلاً عالمياً واسعاً، فبينما يرى البعض أنها وسيلة إنسانية تخفف الحزن وتبقي الذكريات، يحذر آخرون من أن الاعتماد على نسخ اصطناعية قد يعيق عملية التقبّل النفسي لفكرة الرحيل، كما تطرح الظاهرة أسئلة أخلاقية ودينية، هل يحق لشركة خاصة أن "تبعث" شخصاً من جديد في هيئة افتراضية؟ وهل يتوافق ذلك مع القيم الإنسانية والدينية التي تنظر إلى الموت باعتباره نهاية حاسمة للحياة؟

مصر والمنطقة العربية.. رؤية مختلفة

في العالم العربي، تتخذ القضية بُعداً أكثر حساسية، فقد أوضح خبراء في المركز القومي للبحوث بالقاهرة في حديثهم مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن "الرحيل الرقمي" يمثل تحدياً مزدوجاً، فهو من جهة يعكس الإمكانات اللامحدودة للتكنولوجيا، لكنه من جهة أخرى يصطدم بالتصورات الدينية والاجتماعية للمنطقة.
ويؤكد أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة عاصم حجازي أن الظاهرة تمثل امتداداً لثقافة "إحياء الذكرى الرقمية" التي انتشرت عبر فيسبوك خلال العقد الماضي، لكنها اليوم تنتقل إلى مستوى أكثر تعقيداً، حيث لم يعد الأمر يقتصر على صور ومنشورات، بل على محادثات تفاعلية تخلق شعوراً زائفاً بالوجود.

ويرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة جمال فرويز في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" أن هذه التطبيقات قد تؤدي إلى عزلة أكبر بين الأفراد، إذ يفضّل البعض الانغماس في التواصل مع نسخة افتراضية على مواجهة الواقع والتعايش مع الفقد، بينما يشير خبراء تكنولوجيا المعلومات في الجامعات المصرية إلى أن "الرحيل الرقمي" قد يصبح مستقبلاً صناعة تجارية ضخمة، خاصة إذا دخلت شركات كبرى في هذا المجال.

بين التكنولوجيا والأخلاق

التجربة تفتح الباب أمام نقاش لا يقتصر على التكنولوجيا فقط، بل يمتد إلى الأخلاق والدين والفلسفة، فهل يحق لنا كبشر إعادة تشكيل صورة وصوت من رحلوا؟ وهل يخفف ذلك الألم أم يزيد من الارتباط العاطفي بما لا يمكن استعادته؟

وتوضح عميدة كلية الإعلام جامعة القاهرة ثريا البدوي أن "المسألة تشكل خطراً على مفهوم الحقيقة ذاته، فإذا كنا بالفعل نكافح التزييف العميق في السياسة والإعلام، فكيف سنتعامل مع نسخ تحاكي الراحلين وتقدم نفسها كحقيقة عاطفية لعائلاتهم؟".

مستقبل مفتوح على احتمالات

قد يرى البعض أن هذه الظاهرة مجرد موجة عابرة مرتبطة بانتشار الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الجديدة، لكن تجارب السنوات الأخيرة تؤكد أن التكنولوجيا حين تلامس المشاعر الإنسانية العميقة، فإنها تترك أثراً لا يزول بسهولة، ومع اتساع استخدام الذكاء الاصطناعي في الثقافة الرقمية، يبدو أن "الرحيل الرقمي" سيظل موضوعاً مطروحاً للنقاش، يثير الأمل والخوف في آن واحد.


شاهد أيضًا

حملة مأجورة تفشل في التشويش على مالية وبشرية القوات المسلحة ...

السبت/20/سبتمبر/2025 - 05:25 م

شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية ظهور مقالات مجهولة المصدر، سعت إلى التشويش على أداء الدائرتين المالية والبشرية في القوات المسلحة الجن


طلاب جامعة عدن بين فكي "الدولار" و"الريال".. التزام مبكر يتح ...

السبت/20/سبتمبر/2025 - 03:14 م

حصلت العين الثالثة على رسالة مسربة من طلاب كلية الطب بجامعة عدن، تكشف عن أزمة مالية وأكاديمية جديدة تهدد ثقة الطلاب في مؤسستهم التعليمية، وتطرح تساؤلا


إفتـهان صرخت بأسماء قتلتها.. لكن السلطات تجاهلت حتى نفّذوا ا ...

السبت/20/سبتمبر/2025 - 12:33 م

تتكشف يوماً بعد آخر تفاصيل مأساة مقتل الشابة إفتـهان في مدينة تعز، والتي تحولت قضيتها إلى مرآة للفوضى الأمنية والتواطؤ المؤسسي الذي يغلّف أجهزة الدولة


ناشطون يذكّرون بتجربة عدن.. منتقدو ضبط السلاح اليوم يذوقون ج ...

السبت/20/سبتمبر/2025 - 12:26 م

في خضم موجة الغضب الشعبي التي تعصف بمدينة تعز، تداول ناشطون مقاطع فيديو سابقة تظهر حملات الشرطة العسكرية في العاصمة عدن أثناء مصادرتها للأسلحة غير الم