آخر تحديث :الأحد - 07 ديسمبر 2025 - 06:10 م

موت يا حمار

الأربعاء - 17 سبتمبر 2025 - الساعة 11:59 م

علي محمد سيقلي
الكاتب: علي محمد سيقلي - ارشيف الكاتب



في بلادٍ تقع بين اللامعقول واللامفرّ، استيقظ الشعب صباحا على خبر مفاده أن حمارا من عامة الحيوانات، قد اخترق السياج السلطاني لمزرعة، وتجرأ على أكل أعشاب كانت مخصصة لمائدة السلطان.

غضب السلطان غضبا عظيما، ارتجت له حسابات القصر ومن عليه، وقال قولته الشهيرة في جلسة طارئة:"من لم يعرف حدود الزرع، لا يعرف حدود الملك، اشنقوا الحمار، ولا تأخذكم به رحمة" صفق المستشارون، وضحك المنافقون، وبثت القنوات الخبر على شريط النشرة الرسمية: "القبض على عدو الوطن رقم 1، والقصاص قادم في أقرب فرصة" لكن، لحسن حظ الحمار، كان بين الحضور أمير البلاط، رجل ذكي، يفكر بعشر سنوات للأمام لأنه لا يملك ترف التفكير في الغد.

قال للسلطان، وهو يبلع ريقه كما يبلع المواطن ضريبة الجوع والعوز،"مولاي، اسمح لي بتأهيل الحمار. لأنه ليس إعدام الجهل حلاً، بل تعليمه. أعطني عشر سنوات فقط، سأجعله يقف احتراما لك، ويردد: عاش الوطن، وإن كنت حمارا لا يعنيني أمر هذا الوطن" وافق السلطان، معبرا عن قناعته بالفكرة، خاصة أنه سبق وأن قرأ ذات فرصة عن التنمية البشرية على منصة X وقال: "إن لم يتعلم، رقبتك قبله، يا أمير الإصلاحات المؤجلة" حبسوا الحمار، وأغلقوا عليه أبواب الحرية، وقالوا: "تعلّم يا حمار" وبدأ الأمير مهمته المستحيلة، ومعه عشر سنوات، وثلاثة مجلدات بعنوان "كيف تروض الحمير في عشر سنوات"، وبمعية مئات المدربين الدوليين في الخبث السياسي.

في البيت، زوجة الأمير تبكي. تقول له: "يا بعلي، أنت تطلب المستحيل، فالحمار لا يفهم، وإن فهم، نسي في اليوم التالي" .

فيرد الأمير وهو يرتب خطط النجاة:"اهدئي يا زوجتي، في عشر سنوات، ربما يموت السلطان، أو يهاجر الحمار، أو يعلن الوطن إفلاسه، أو يتحول الحمار بنفسه إلى قيادي بحجم وطن" ضحكت الزوجة من سذاجة الواقع، وقالت في سرها:"وربما، يا بعلي، نُصبح نحن الحمير، ونجد أنفسنا نعتذر للحمار الحقيقي لأنه لم يكن سبب كل هذا الخراب والدمار" .

وهكذا، تمضي الأيام.. الحمار في القصر، الأمير يدرّس، السلطان ينتظر التوقيع على حكم إعدام الحمار.

الشعب يشاهد عبر التلفاز ترند "أين وصلنا في تأهيل الحمار؟" والناس، كل الناس، يسألون: من فينا الحمار؟ ومن فينا يربّيه؟

الحمار لم يتغير، لأنه لم يكن أصل البلاء، بل مجرد ضحية جوعه.

أما السلطان، فقد اكتشف لاحقا أن نصف وزرائه خيول، والنصف الآخر آدميون يشبهون الحمير بكل تفاصيل تصرفاتهم، لكنهم لا يأكلون الزرع، بل يبيعونه.

أما الأمير، ما زال ينتظر معجزة ما بين موت الملك، أو عودة العقل، أو انقراض الحمير.

أما نحن، فنكتب عن شر البلية، ونضحك، وننتظر أن يموت الحمار، أو نموت نحن قبله، أو"لعلّ الله يحدث بعد عشر سنين أمرًا".




شاهد أيضًا

عاجل | بنيهم سياح.. عشرات القتلى والجرحى جراء حريق بملهى ليل ...

الأحد/07/ديسمبر/2025 - 06:30 ص

قتل 23 شخصا على الأقل باندلاع حريق في ملهى ليلي شهير في مدينة غوا السياحية الهندية، وفق ما أعلن رئيس وزراء ولاية غوا برامود ساوانت، ومسؤولون آخرون، في


تقارير: ليفربول يحدد مدربًا مؤقتا لخلافة سلوت.. ومرشح دائم م ...

الأحد/07/ديسمبر/2025 - 06:00 ص

يواجه المدير الفني لفريق ليفربول، آرني سلوت، غموضًا قويًا فيما يخص مستقبله في "الأنفيلد" في ظل النتائج السيئة للنادي تحت قيادته في الموسم ال


السعوديه .. التدريب عن بعد.. تعليق الدراسة بـ5 كليات تقنية ف ...

الأحد/07/ديسمبر/2025 - 05:30 ص

أعلن التدريب التقني والمهني بمنطقة المدينة المنورة، بناءً على ما ورد من المركز الوطني للأرصاد وحرصًا على سلامة المتدربين والمتدربات عن تحويل التدريب ا


عاجل | مصر .. «الإدارية العليا» تنظر 300 طعن على نتيجة المرح ...

الأحد/07/ديسمبر/2025 - 05:00 ص

تنظر المحكمة الإدارية العليا، بمجلس الدولة المصرية اليوم الاحد، الطعون المقدمة على نتيجة المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب وذلك بعد موجة غير مسب