آخر تحديث :الخميس - 05 يونيو 2025 - 05:45 ص

إنقاذ اليمن: لا حل الا بحوار سياسي شامل

الثلاثاء - 03 يونيو 2025 - الساعة 11:34 ص

د. فائزة عبدالرقيب
الكاتب: د. فائزة عبدالرقيب - ارشيف الكاتب


لم يعد اليمن قادرًا على احتمال المزيد من التسويات الهشة او المراوغات السياسية ولم يعد الصمت على وضع كهذا وانتظار الحل من الخارج فقط بل الاهم ان توجد ارادة سياسية في الداخل هي من تتصدر الحل قبل الاخرين.
عشر سنوات من الحرب لم تخلّف سوى الخراب: دولة ممزقة، مؤسسات منهارة، ومجتمع غارق في الفقر والجوع والمرض. هذه الحرب لم تعد مجرد صراع مسلح، بل اصبحت ماكينة تدمير شاملة تلتهم كل ما تبقى من مقومات الدولة والمجتمع. ما لم يتحرك الجميع – محليًا وإقليميًا ودوليًا – لوقف هذا النزيف، فإن الانهيار سيكون شاملًا، وستكون عواقبه وخيمة ليس فقط على اليمنيين، بل على المنطقة بأسرها.

الخيار اليوم واضح لا لبس فيه: اما حوار سياسي شامل وجريء يعالج جذور الأزمة اليمنية، او انهيار كامل لا رجعة فيه. لا حلول جزئية، ولا تسويات مؤقتة، بل مفاوضات يمنية - يمنية حقيقية تضم جميع الاطراف دون تهميش او إقصاء، لوضع خارطة طريق واضحة لاستعادة الدولة، وبناء مؤسسات قادرة على فرض القانون وتقديم الخدمات، وضمان توزيع عادل للموارد يصون كرامة اليمنيين ويعيد اليهم الأمل في المستقبل.

منذ اندلاع الصراع في 2014، تحولت اليمن الى ساحة لتسويات سياسية هشة وتدخلات خارجية متضاربة، بينما ظلت مؤسسات الدولة تتهاوى، والأزمات الإنسانية تتفاقم. لقد اصبحت الحرب وبالا على اليمنيين و آلة تمزيق مستمرة، لا تعرف التوقف، تاركة وراءها دولة متصدعة الاوصال وشعبًا يئن تحت وطأة الفقر والمرض.

علينا ان ندرك ان تجارب الحلول الجزئية، مثل اتفاق ستوكهولم قد اثبتت فشلها الذريع، ليس فقط لعجزها عن معالجة جذور الصراع، بل لأنها عمّقت الانقسام، وسمحت بنمو نفوذ الميليشيات، ورسخت اعتماد الاطراف المتصارعة على قوى خارجية جعلت الحل اكثر تعقيدًا. لذلك على القيادة السياسية والعسكرية أن تتحلى بالشجاعة، وتدرك أن إنقاذ اليمن لم يعد خيارًا بل واجبًا وطنيًا. وأن الرهان على الحل العسكري تعيقه ظروفا ذاتية وموضوعية.

اليوم، المرحلة تتطلب مبادرة شاملة وجريئة تُعيد الاعتبار للشرعية الوطنية وتجمع مختلف القوى اليمنية على طاولة واحدة، لإطلاق حوار سياسي جامع يعالج جذور الأزمة، ويعيد بناء الدولة ومؤسساتها، ويضع أسساً عادلة لتقاسم الموارد، ويصون كرامة الإنسان اليمني.

لقد بلغت الأزمة الإنسانية مستويات كارثية: اكثر من 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و4.5 مليون نازح، 75% منهم نساء واطفال. انهيار البنية التحتية، وتدهور الخدمات الصحية، وتفشي الأمراض، جعل حياة الملايين معركة يومية يصارعون من اجل لبقاء. هذه الكارثة التي تحدق بشعبنا لم تعد مجرد اثر جانبي للصراع بل اصبحت جوهر الأزمة التي يجب أن تدفع الجميع إلى التحرك العاجل لتغيير المسار.

ان إنقاذ اليمن يتطلب إرادة سياسية قوية، ومبادرة يمنية شاملة، برعاية إقليمية ودولية، تضمن الشفافية والرقابة وتفرض التزامات صارمة على الاطراف المعرقلة، مع ربط اي جهود دبلوماسية بحزمة إغاثية عاجلة وآليات مستقلة لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيدًا عن العبث والفساد. وعليه فإن القيادة اليمنية، بكل اطيافها، مطالبة بأن ترتقي الى مستوى اللحظة، وأن تتجاوز الحسابات الضيقة والمصالح الآنية، وتُعلي مصلحة الدولة والشعب فوق كل اعتبار. لا مجال لمزيد من الانتظار او الرهانات الخاسرة. مصير اليمن ومستقبل اجياله وأمن المنطقة كلها يتوقف على القدرة الجماعية للقيادة على اتخاذ القرار الجريء بالمضي نحو حوار سياسي شامل ينهي الحرب ويعيد بناء الدولة.




شاهد أيضًا

تخلي الرياض وغياب الإصلاحات.. حكومة بن بريك في مرمى الفشل وا ...

الخميس/05/يونيو/2025 - 05:00 ص

بخطاب يتسم بالصراحة والواقعية، وصف رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي حكومة بن بريك بأنها "حكومة الاعتماد على الذات"، في اعتراف ضمني بحج


مطبات الضالع: "جهود إنسانية" في غير محلها تثير سخرية الناشطي ...

الخميس/05/يونيو/2025 - 02:00 ص

أثارت أعمال تعبيد جزئية وتنفيذ مطبات جديدة في أحد شوارع الضالع موجة سخرية على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن لاحظ مواطنون أن الجهود تركزت في منطقة مح


وزير الداخلية يُهدي منتسبيه "عيدية الصرافات المغلقة".. والرو ...

الخميس/05/يونيو/2025 - 01:15 ص

في إنجاز بيروقراطي جديد، قررت رواتب منتسبي وزارة الداخلية أن تأخذ إجازة عيد الأضحى مبكرًا، تاركة أصحابها في طوابير الصرافات يتأملون شاشة "لا توجد عملي


صحفي يفضح تناقض العليمي.. تقشف حكومي في العلن وملايين توزّع ...

الأربعاء/04/يونيو/2025 - 11:02 م

اتهم الصحفي عدنان الأعجم، عضو مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بتضليل الرأي العام بشأن الإنفاق الحكومي، متسائلًا عن مصادر التمويل التي يستخدمها المجل