آخر تحديث :الثلاثاء - 03 يونيو 2025 - 08:30 ص

اليمن وروسيا: قراءة في رهانات المصالح والتحالفات

الأحد - 01 يونيو 2025 - الساعة 05:57 م

د. فائزة عبدالرقيب
الكاتب: د. فائزة عبدالرقيب - ارشيف الكاتب



تعد زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الدكتور رشاد العليمي، الى موسكو، محطة سياسية ودبلوماسية في توقيت بالغ الحساسية، ليس فقط على صعيد الأزمة اليمنية المستمرة، بل ايضاً في سياق التحولات المتسارعة في المشهدين الاقليمي والدولي، وتحمل ابعاداً استراتيجية تتجاوز بكثير الأطر التقليدية للعلاقات الثنائية بين اليمن وروسيا، التي تسعى من خلالها لتعزيز نفوذها في مناطق البحر الاحمر والقرن الافريقي، بينما تبحث اليمن فيها عن استعادة دورها وحضورها الدولي وسط تحديات داخلية عميقة.

اللقاءات التي عقدها فخامة الرئيس مع القيادة الروسية، وفي مقدمتها الرئيس فلاديمير بوتين، لم تكن مجرد مناسبات بروتوكولية، بل حملت إشارات ورسائل متعددة الاتجاهات. من الجانب اليمني، هناك سعي واضح لإعادة تسليط الضوء الدولي على الملف اليمني الذي تراجع خلال السنوات الأخيرة لصالح قضايا وصراعات اخرى. وجاءت التصريحات الرسمية لتؤكد على عمق العلاقات التاريخية بين اليمن وروسيا، وعلى التطلع لبناء شراكة متعددة المجالات تشمل الاقتصاد والتجارة والتشريعات والتعاون الأمني. لكن هذه الطموحات، مهما بدت واعدة، تواجه تعقيدات حقيقية مرتبطة بالوضع الداخلي اليمني، بما في ذلك هشاشة الدولة، والانقسامات السياسية، والتباين في اولويات الفاعلين المحليين.

من جهة اخرى، لا يمكن فصل هذه الزيارة عن السياق الاوسع الذي تتحرك فيه روسيا، خصوصاً في ظل احتدام التوتر مع الغرب وتصاعد المواجهة الجيوسياسية على اكثر من جبهة.
اليمن، بموقعه الجغرافي الحساس المطل على باب المندب وخطوط الملاحة الدولية، يشكل ورقة استراتيجية قد تجد موسكو فيها فرصة لتعزيز نفوذها البحري والسياسي، ليس فقط في البحر الأحمر بل وفي منطقة القرن الافريقي باسرها. لذلك فإنه يمكن القول بأن جاءت في لحظة تجد فيها روسيا نفسها بحاجة لتعزيز تحالفاتها وتوسيع هامش مناورتها الاقليمية والدولية، واستخدام اوراق ضغط جديدة في وجه الضغوط الغربية.

ومع أن الجانب اليمني عبّر بوضوح عن تقديره للدعم الروسي ومواقفه في المحافل الدولية، فإن السؤال المطروح يبقى حول مدى استعداد موسكو لترجمة هذا الدعم إلى التزامات ملموسة. فروسيا، التي تواجه تحديات اقتصادية وسياسية متزايدة، ربما لن تمنح اليمن دعماً بلا مقابل، بل ستحاول تحقيق مكاسب استراتيجية واضحة، سواء على صعيد تأمين موطئ قدم في الموانئ الحيوية، او عبر بناء شراكات امنية تفتح لها مجالات جديدة للنفوذ. في هذا السياق، فإن اليمن يجد نفسه امام معادلة دقيقة: الاستفادة من الانفتاح الروسي لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية، دون السقوط في فخ التبعية او التحول إلى ورقة تفاوضية تستخدمها موسكو في مواجهتها مع الغرب.

من الواضح ايضا، أن الزيارة تكشف، عن تطلع القيادة اليمنية لتجاوز حالة الجمود التي خيمت على المشهد الداخلي والخارجي طوال السنوات الماضية وانه من الاهمية بمكان، إعادة اليمن الى دائرة الاهتمام الدولي وهو ما يتطلب دبلوماسية نشطة قادرة على فتح قنوات جديدة مع قوى كبرى، دون الإخلال بالتحالفات القائمة، غير أن القدرة على تحقيق هذا الهدف تتوقف على مدى قدرة اليمن على تثبيت المؤسسات الداخلية، وإدارة الملفات بفعالية، وتقديم اليمن كشريك جاد ومسؤول، وليس كطرف ضعيف كي لا تسمح للقوى الكبرى في استغلاله لتحقيق مصالحها.

وفي الوقت الذي تمثل فيه هذه الزيارة بأنهاخطوة مهمة لليمن، إلا إنها ليست كافية بحد ذاتها. إنها اختبار مزدوج: من جهة اختبار لقدرة القيادة اليمنية على ترجمة اللقاءات والتفاهمات الى نتائج ملموسة على الأرض، ومن جهة اخرى اختبار لمصداقية موسكو واستعدادها لدعم اليمن بما يتجاوز التصريحات التي سوف يحدد مستقبلها حسابات المصالح المتبادلة، ومدى قدرة اليمن على استغلال موقعه الاستراتيجي كورقة رابحة لا كورقة ضغط في لعبة المصالح الكبرى.

الحقيقة، ان زيارة فخامة الرئيس تعد ناجحة بمختلف المقاييس المنظورة ولكن النتائج وحدها على الأرض هي من سوف تحدد ما إذا كانت هذه الزيارة بداية لمستقبل مختلف ام حلقة جديدة في دائرة الجمود.




شاهد أيضًا

عدن.. قائد لواء يهدد مدير شرطة السير بالسلاح بعد توقيف مركبة ...

الثلاثاء/03/يونيو/2025 - 03:00 ص

تعرّض مدير شرطة السير في العاصمة المؤقتة عدن، العميد عدنان القلعة، لاعتداء وتهديد مباشر بالسلاح من قبل أحد القادة العسكريين، في حادثة أثارت استياء واس


اشتباكات دامية في وادي حسان بأبين بين جنود محتجين وقوات أمني ...

الثلاثاء/03/يونيو/2025 - 02:33 ص

اندلعت اشتباكات مسلحة، الثلاثاء، في وادي حسان بمحافظة أبين بين جنود محتجين على توقيف مرتباتهم وقوة أمنية جاءت لفتح الطريق بعد أن أقام المحتجون قطاعًا


في موسم الحج.. الأمن السعودي يطيح بعصابة يمنية تروج لعذا الش ...

الإثنين/02/يونيو/2025 - 12:50 م

أعلنت السلطات الأمنية السعودية، اليوم الإثنين، القبض على أربعة مقيمين يمنيين في مكة المكرمة بتهمة النصب والاحتيال، بعد تورطهم في نشر إعلانات لبيع سندا


بعد موجة تقلبات حادة.. استقرار نسبي في أسعار صرف العملات أما ...

الإثنين/02/يونيو/2025 - 10:40 ص

شهدت أسعار صرف العملات الأجنبية استقرارًا نسبيًا أمام الريال اليمني في العاصمة عدن والعاصمة اليمنية صنعاء، اليوم الإثنين 2 يونيو 2025، بعد فترة من الا