آخر تحديث :الأحد - 23 نوفمبر 2025 - 01:15 م

الدولة الجنوبية بعين ابن خلدون

الإثنين - 21 أبريل 2025 - الساعة 08:19 ص

جسار مكاوي
الكاتب: جسار مكاوي - ارشيف الكاتب



في كتابه الشهير المقدمة، رسم ابن خلدون دورة حياة الدول: من النشأة القوية، إلى النمو والاستقرار، ثم التحضّر والترف، فالضعف والانهيار.

ولو كان ابن خلدون حيًّا بيننا، يراقب المشهد الجنوبي من قلب عدن، لأعاد تذكيرنا بأن بناء الدول لا يتم على الأماني، بل على قواعد الاجتماع والعمران والسياسة الرشيدة.
الهوية أولًا: العصبية الجامعة
يرى ابن خلدون أن نشوء الدول يبدأ بـ"العصبية" التي توحّد الناس حول فكرة أو انتماء مشترك، وفي حالتنا، تمثّل الهوية الجنوبية هذه العصبية الجامعة التي تقف في وجه التمزقات المناطقية والانقسامات السياسية، غير أن هذه الهوية، رغم رسوخها في الوعي الجمعي، تواجه تحديات خطيرة بفعل محاولات التوظيف الضيق لها، ما يستدعي مشروعًا وطنيًا جامعًا يصونها ويوجّهها نحو الدولة.
من الثورة إلى الدولة
الدولة لا تُبنى على الحنين للماضي، ولا على صرخات الغضب، بل على المؤسسات والقانون. يدعونا ابن خلدون إلى الخروج من منطق "الثأر والانتقام" إلى منطق "العدل والنظام". وهذا يتطلب الانتقال من مرحلة النضال السياسي إلى بناء دولة مدنية تحكمها مؤسسات فعالة وإدارة كفؤة، لا الولاءات الضيقة.
عدن والعمران: الاقتصاد بوابة البناء
في فكر ابن خلدون، لا عمران بلا اقتصاد، ولا اقتصاد بلا أمن واستقرار. وعدن، بما لها من موقع استراتيجي وميناء عريق، ينبغي أن تعود مركزًا للحركة التجارية والإنتاج. التنمية ليست ترفًا، بل ضرورة وجودية، والدولة الجنوبية المنشودة لا بد أن تضع خطة اقتصادية تنهض بالناس وتعيد الثقة بمستقبلهم.
العدل أساس الملك
ما من دولة تقوم على الظلم إلا وتهتز من جذورها. يصرّ ابن خلدون على أن العدالة شرط لبقاء الدول. وهذا يتطلب نظامًا قضائيًا مستقلًا، وعدالة انتقالية تُنصف المظلومين، وتؤسس لمصالحة حقيقية بعيدًا عن ثقافة الإقصاء والتصفية.
الدين والدولة: توازن لا صراع
يضع ابن خلدون الدين في موضعه الطبيعي: ركيزة أخلاقية تحفظ المجتمع، دون أن يُستخدم أداة للهيمنة أو التوظيف السياسي. وهو ما تحتاجه الدولة الجنوبية المقبلة، التي ينبغي أن تحمي الدين وتحترم التنوّع، دون أن تسمح بعودة التطرّف أو فرض الوصاية الدينية.
النخبة الحاكمة: بين الزهد والمسؤولية
يحذّر ابن خلدون من فساد الدولة حين تنشغل النخبة بالترف والامتيازات. المطلوب اليوم في الجنوب نُخبة تحمل همّ البناء، وتعيش بين الناس، وتقدّم القدوة قبل الخطاب. الدولة تُبنى على كتف من يملك الضمير لا الطموح الفردي.

في الأخير ، لو نظر ابن خلدون إلى واقعنا، لقال: أنتم على عتبة دولة، لكن لا تبنوها على العاطفة، بل على الوعي؛ لا على الأسماء، بل على المؤسسات؛ لا على الغضب، بل على العقل والعمران. الدولة الجنوبية ليست حلمًا بعيدًا، بل مشروعًا يحتاج إلى فكر وجهد ونزاهة. فهل نكون أهلًا له؟




شاهد أيضًا

عاجل | الزمالك يعلن إنشاء شركة كرة قدم لالنادي.. ويكشف تفاصي ...

الأحد/23/نوفمبر/2025 - 06:00 ص

قال هشام نصر نائب رئيس نادي الزمالك إن مجلس الإدارة يعمل حاليًا على إنشاء کیان مستقل لإدارة نشاط كرة القدم داخل النادي، بهدف تنظيم الموارد المالية الخ


عاجل | روبيو مقترح السلام يستند إلى مساهمات من الجانب الروسي ...

الأحد/23/نوفمبر/2025 - 05:27 ص

عاجل | روبيو مقترح السلام يستند إلى مساهمات من الجانب الروسي ولكنه يستند أيضا إلى مساهمات سابقة ومستمرة من أوكرانيا


السلطات المصرية تعلن التأهب لمواجهة "فيروس ماربورغ" #عاجل ...

الأحد/23/نوفمبر/2025 - 05:00 ص

أعلنت السلطات المصرية حالة التأهب المواجهة خطر فيروس "ماربورغ" الذي ظهر مؤخرا في إثيوبيا وأدى إلى إصابات خطيرة. أكد الدكتور حسام عبد الغفار،


مقال صادم عن اهتمامات أخرى للمجرم الجنسي إبستين إسرائيل وإير ...

الأحد/23/نوفمبر/2025 - 04:45 ص

كشف مقال رأي نشرته مجلة "جاكوبين" الأمريكية، أن الاكتشافات الجديدة تظهر أن اهتمامات المجرم الجنسي جيفري إبستين امتدت إلى ما هو أبعد بكثير من