توقفت مصادر سياسية لبنانية أمام الحضور المفاجئ لأمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني في المشهد السياسي اللبناني، استباقاً لقيام الوسيط الأميركي توم براك بزيارة رابعة لبيروت لمواكبة ما آلت إليه الاتصالات المحلية الحصر السلاح بيد الدولة.
وقالت المصادر السياسية لـ الشرق الأوسط.
إن المحادثات التي أجراها لاريجاني في بیروت لم تقتصر على استيعابه ردود الفعل اللبنانية الفاضية، حيال تدخل وزير خارجية بلاده عباس عراقجي، ومستشار المرشد الوزير السابق على أكبر ولايتي ومسؤول الحرس الثوري، عن ملف علاقة طهران به حزب الله، في الشأن الداخلي اللبناني وتحريضهم حليفهم على عدم السليم سلاحه، وإنما تجاوزها لتمرير رسالة لواشنطن برفض الورقة التي أعدتها حول حصريته بيد الدولة اللبنانية، ومنعها من التفرد بالقرار اللبناني من دون التفاوض معها (طهران)
وأوضحت المصادر أن ما قاله لاريجاني خلال اجتماعه برئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام، لم يقله عند لقائه برئيس المجلس النيابي نبيه بري وفي اجتماعه بمقر السفارة الإيرانية في بيروت بمن تبقى من محور الممانعة...
وقال أحد النواب المشاركين في لقاء السفارة، إن لاريجاني توخى من خلاله وطمانة حلقاته بأن إيران لم تخرج مهزومة من العدوان الإسرائيلي، الذي استهدفها يغطاء أميركي، بل خرجت منتصرة وتمكنت من استعادة قدراتها العسكرية ..
وأكدت المصادر أن لاريجاني لم يسجل
اعتراضه على الإطار العام الذي رسمه الرئيس عون لترسيم الحدود السياسية العلاقة لبنان بإيران، والذي كرره أمامه الرئيس سلام. وقالت بأنهما رفعا السقف في انتقادهما للتدخل الإيراني في الشأن الداخلي، رغم أنه سعى للتصالح مع الذين انتفضوا ضد تدخل بلاده المتمثل بالثلاثي عراقجي وولايتي والحرس الثوري�. وتحريضهم حزب الله على عدم تسليم سلاحه
البرئة طهران ولفتت المصادر ذاتها إلى آن لاریجانی توخى من اجتماعه بعون وسلام تبرئة ذمة طهران من تدخل هذا الثلاثي في الشأن الداخلي، في محاولة لتبييض صفحتها لعلها تتصالح مع اللبنانيين المعترضين على سياستها في لبنان.
وسألت إذا كان هؤلاء لا يمثلون السياسة الإيرانية فمن يمثلها؟ وهل يعقل اتهامهم بأن لا صلاحية لديهم للتعبير عن الموقف الإيراني ؟ مع أنها نقلت عن سلام قوله للاريجاني: �أنا سعيد بما تقوله أمامي بأنهم. لا يمثلون الجمهورية الإيرانية، وأنك الناطق ياسمها. كما أن اجتماع الرئيسين به اتسم بإيجابية لم تخل من أجواء مشدودة.
ورات المصادر أن عون وسلام أكدا له رفضهما الأجواء التهديدية التي انطوت على تدخل هذا الثلاثي في الشأن اللبناني، وأن لا عودة عن حصر السلاح بيد الدولة.
ونقلت عن سلام قوله بأن أحداً لا يعطينا دروساً في موقفنا من القضية الفلسطينية وتضحيات اللبنانيين في مقاومتهم. للاحتلال الإسرائيلي، أو يملي علينا ما يجب القيام به لتحرير أرضنا سواء بما يتعلق بالفهل أو بالجدول الزمني، ونحن اتخذنا قرارنا من خلال مؤسساتنا الدستورية.
قرار تنفيذي لحصر السلاح كما نقلت المصادر عن سلام قوله إن مجلس الوزراء اتخذ قراراً النفيذياً لحصر السلاح، مع أنه جاء متأخراً وكان يفترض تطبيقه منذ أن أقر اتفاق الطائف في المملكة العربية السعودية (1989) والذي نص على حصريته وتبناها الدستور اللبناني في مقدمته، إضافة إلى أن مجلس الوزراء أجمع على حصريته. ونالت الحكومة ثقة البرلمان على أساس بيانها الوزاري الذي تبنى كل ما ورد في هذا الخصوص بما فيه خطاب القسم الرئيس الجمهورية باحتكار الدولة للسلاح.
لذلك؛ فإن مواقف لاريجاني المتنقلة ما بين المقار الرئاسية واجتماعه بمحور الممانعة تراوحت بين طمانته بعدم التدخل في الشأن اللبناني واحترامه القرارات الصادرة عن المؤسسات الدستورية، مشترطاً لاحقاً بأن تؤخذ بالتوافق مع المكونات الطائفية. كافة، وبين تنبيهه حلفاءه بأن يأخذوا الحيطة والحذر حيال الورقة الأميركية. والجدول الزمني الذي وضعته لتطبيق حصرية السلاح.
إخلاء الساحة لواشنطن ولاحظت المصادر أن لاريجاني غمر بوضوح من قناة الورقة الأميركية في رده على أسئلة الصحافيين بعد اجتماعه ببري. وقالت بأنه حرص عند
لقائه حلفاءه في السفارة على شد أزرهم ورفع معنوياتهم، على حد قول نائب شارك في اللقاء فضل عدم ذكر اسمه، مضيفاً ل الشرق الأوسط� أن �طهران لن تخلي الساحة اللبنانية لواشنطن، وأن العدوان الذي استهدفها لم يكن بسبب التجاذبات حول ملف السلاح النووي، وإنما لموقفها من القضية الفلسطينية ودعمها حلفاءها في لبنان، مكرراً نصيحته لهم بعدم التفريط بورقة المقاومة بصفتها رأس المال اللبناني التحرير أرضهم...
ونقل عن لاريجاني قوله: �إننا لسنا من يتدخل في الشأن اللبناني ومن يعطي الخرائط ويحدد المهل الزمنية لحضر السلاح، وإن من يتدخل في الولايات
المتحدة التي تضع الخرائط والجدول الزمني لسحب السلاح، ونحن لن تتخلى عن حلفائنا ولن نسمح بالتفرد بهم لأنهم ليسوا متروكين، وإن كنا لا نريد الحرب فإننا في حالة الدفاع عن أنفسنا ضد العدوان الذي استهدفنا بالتحريض على النظام والانقلاب
عليه، لكننا خرجنا منه أقوى مما كنا عليه..
كما نقل عنه قوله أمام حلفائه بأن من يسأل این ایران خیال ما يحصل في المنطقة. تقول له بأنها تدعم حلفاءها، وهم موجودون في لبنان والعراق واليمن.
وعليه، تسأل المصادر ما هي الخطوة التالية الإيران بعد الإغارة السياسية، للاريجاني على الورقة الأميركية، وهل تبقى محصورة
بطمأنة حلفائها، وهم ما تبقى من أهل البيت بعد خروج قوى أساسية من محور الممانعة، بأنهم ليسوا وحدهم ردا على التساؤلات التي تطرح من حين لآخر بداخله حول عدم تدخل إيران إلى جانب حزب الله في إسناده غزة، وماذا كانت تنتظر بعد اغتيال إسرائيل أمينيه العامين السابقين حسن نصر الله وهاشم صفى الدين، وأبرز قياداته وكوادره العسكرية ؟
وبكلمة أخيرة، هل يقتصر الحضور الإيراني على توفير الدعم المعنوي للحلفاء ليعيدوا
العلمة صفوفهم وترتيب أوضاعهم؟ أم أنها تتحضر للذهاب بعيدا لفتح معركة لا تقتصر على واشنطن وإنما تتخطاها لتشمل المجتمعين الدولي والعربي الداعمين. الحصرية السلاح ؟ رغم أن كل التقديرات تجمع على أن طهران تستقوى بهم لعل الإدارة الأميركية تستجيب لرغبتها بفتحقنوات للتواصل معها، وهذا ما تطمح إليه في المدى المنظور، وإلا لما اختارت التوقيت المناسب لإيقاد لاريجاني لبيروت مع اقتراب مجيء يزاك المكلف بمساعدة لبنان لوضع. آلية تطبيقية لجمع السلاح قبل نهاية العام
الحالي.