قبل نحو شهر من التدشين الرسمي لـ�سد النهضة�، جددت مصر رفضها �التصرفات الأحادية� لإثيوبيا، بينما رهن وزير الموارد المائية والري المصري، الدكتور هاني سويلم، أي حوار مع أديس أبابا بـ�تغيير استراتيجيتها�، وحذر من �دخول مصر مرحلة (الشح المائي القادح)�.
وأكد سويلم أنه �على إثيوبيا تغيير استراتيجيتها وأن تخضع للقانون الدولي، وتعترف بحقوق مصر في مياه النيل�، مشدداً في مقابلة تلفزيونية، مساء السبت، على أن �بلاده ليست ضد التنمية في إثيوبيا�، وقال: �في المفاوضات عرضنا أنه إذا كان يوجد عجز في الكهرباء داخل إثيوبيا يمكننا المساهمة في الأمر�.
وتصاعدت حدة الخلاف بين مصر وإثيوبيا حول مشروع �سد النهضة�، الذي أقامته أديس أبابا على رافد نهر النيل الرئيسي، وتطالب دولتا المصب (مصر والسودان) باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات �ملء وتشغيل السد�. وأعلنت مصر في ديسمبر (كانون الأول) 2023 �فشل� آخر جولة للمفاوضات بشأن �السد�، وإغلاق المسار التفاوضي بعد جولات مختلفة لمدة 13 عاماً.
وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أخيراً، موعد التدشين الرسمي لـ�سد النهضة�، موجهاً الدعوة لكل من السودان ومصر لحضور حفل الافتتاح في سبتمبر (أيلول) المقبل، وهي الدعوة التي رفضتها القاهرة، ووصفها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي بـ�العبث�، مؤكداً في تصريحات صحافية أخيراً على �حق بلاده في الدفاع عن مصالحها المائية�.
رئيس �المجلس المصري للشؤون الخارجية�، وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، يرى أن �إثيوبيا لن تغير استراتيجيتها في التعامل مع أزمة (سد النهضة)�، وقال لـ�الشرق الأوسط� إن �الإجراءات الأحادية وسياسة فرض الأمر الواقع منهج إثيوبي ثابت، ولن يتغير في التعاطي مع أزمة (السد)�، مؤكداً أن �الخطاب الدبلوماسي المصري في التعامل مع أزمة (السد) أصبح أكثر حزماً، ويتضمن لهجة أكثر حسماً؛ لأن الموقف الحالي يتطلب ذلك نظراً لاستمرار تعنت أديس أبابا�.
وعلى الرغم من استبعاد العرابي �تدخل الولايات المتحدة الأميركية لإعادة أزمة (السد) إلى المسار التفاوضي في الوقت الراهن، بسبب عدم وضوح الرؤية الأميركية وسيناريوهات التدخل�، فإنه أكد أن �تدخل أميركا وممارسة ضغوطه على إثيوبيا من شأنه أن يغير استراتيجية أديس أبابا في التعامل مع أزمة (السد)�.
وفرضت قضية �سد النهضة� نفسها خلال محادثات مكثفة لوزير الخارجية المصري مع مسؤولين أميركيين وأعضاء بالكونغرس، الخميس الماضي، خلال زيارته لواشنطن. وتحدث عبد العاطي خلال لقائه نظيره الأميركي، ماركو روبيو عن �شواغل بلاده فيما يتعلق بملف نهر النيل والأمن المائي�، وحسب إفادة لـ�الخارجية المصرية� حينها أكد عبد العاطي ضرورة �الالتزام بقواعد القانون الدولي فيما يتعلق بالموارد المائية المشتركة�.
وقال وزير الري المصري، مساء السبت، إن �بلاده تواجه حالة من (الشح المائي) وفقاً للمعايير الدولية، إذ إن المعدلات الدولية تحدد خط الفقر المائي عند 1000 متر مكعب للفرد سنوياً، في حين يبلغ نصيب الفرد في مصر حالياً نحو 510 إلى 520 متراً مكعباً�.
وتوقع سويلم أن �ينخفض هذا المعدل إلى ما دون 500 متر مكعب للفرد في السنوات المقبلة؛ نتيجة استمرار الزيادة السكانية�، محذراً من أن ذلك �يعني الدخول في مرحلة (الشح المائي القادح) الأمر الذي يجعل الوضع أصعب�.
أستاذ القانون الدولي العام، الأمين العام لـ�اللجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية�، الدكتور محمد محمود مهران، أكد أن �القانون الدولي يعطي مصر حق الدفاع عن أمنها المائي�، وقال لـ�الشرق الأوسط� إن �القانون الدولي يعترف بحق الدول في حماية مواردها المائية الحيوية، ويعتبر التهديد المائي يمكن أن يُشكل عدواناً غير مباشراً يبرر وقتها اتخاذ إجراءات دفاعية مشروعة�.
ويعوّل مهران على ما وصفه بـ�ضرورة استمرار الضغط الدولي وتفعيل الدور الأميركي للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لجميع الأطراف بشأن مواعيد ملء وتشغيل (السد)�، مؤكداً أنه �يمكن للولايات المتحدة الأميركية أن تقوم بدور كبير لحل الأزمة�.
وتحدث وزير الري المصري أن بلاده استثمرت نحو �500 مليار جنيه (الدولار يساوي نحو 48.6 جنيه في البنوك المصرية) في قطاع المياه لمواجهة (الشح المائي) عبر تطوير منظومة توزيع المياه، وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعي�.