آخر تحديث :الأربعاء - 17 ديسمبر 2025 - 06:25 م

وطن مؤجَّل مقابل رصاصة غدر

الأربعاء - 17 ديسمبر 2025 - الساعة 04:58 م

علي محمد سيقلي
الكاتب: علي محمد سيقلي - ارشيف الكاتب



ليست الأزمة في وجود الآخر، بل في إنكاره حق صاحب الأرض. فالعلاقة بين الشعوب والقوى لا تُبنى على المجاملات ولا على الخطابات الجوفاء، بل على قاعدة أخلاقية بسيطة: الاعتراف بالحق قبل طلب القبول. وحين يأتيك من لا يعترف بحقك في استعادة دولتك، ثم يطالبك في الوقت ذاته بأن تقاتل عنه، أو أن تقبل به شريكًا وسلطة ووجودًا طبيعيًا على أرضك، فهنا لا نتحدث عن شراكة، بل عن وصاية مرفوضة.

القبول لا يُنتزع بالقوة، ولا يُفرض بالضغط السياسي، ولا يُصاغ عبر بيانات فقدت مشروعيتها الأخلاقية قبل السياسية. فمن يُنكر عليك حقك التاريخي والقانوني في تقرير مصيرك، لا يملك أساسًا أخلاقيًا للحديث عن التعايش أو الشراكة. وكيف يُطلب من شعب أن يفتح أبواب مدنه، بينما تُغلق في وجهه أبواب حقه؟

الأكثر خطورة من ذلك، هو أن يُطلب منك خوض الحرب بالوكالة، بينما خاصرتك مكشوفة.
أن يُقال لك: “اتجه نحو الحوثي”، في الوقت الذي يظل فيه وادي حضرموت ساحة رخوة، وجبهة خلفية مفتوحة على كل احتمالات الغدر، فهذا ليس تحالفًا عسكريًا، بل مقامرة تُدار بعقلية الاستنزاف، فالجيوش التي تحترم نفسها لا تدخل المعارك وظهرها مكشوف، ولا تسير نحو الهدف دون تأمين خطوط السير أولًا.

المعركة باتجاه الحوثي، إن كانت جادة فعلًا، تعني بالضرورة إعادة صياغة التحالفات العسكرية، وتأمين الأرض، وترتيب الجبهات، وحماية العمق قبل التقدم. هذا ليس ترفًا سياسيًا، بل قاعدة عسكرية بديهية. ومع ذلك، يبدو أن ما يغضب البعض ليس تأخير المعركة، بل رفضنا أن نُؤخذ إلى الحرب ونحن بلا ضمانات.

وهنا يطرح السؤال نفسه بوضوح:
ما الذي أغضبكم في أن نؤمِّن أنفسنا من الغدر؟
هل أصبح التحسب للخيانة جريمة؟ أم أن المطلوب هو أن نقاتل وفق حسابات الآخرين، حتى وإن كان الثمن أمن الأرض وأرواح الناس؟

التاريخ، لمن أراد أن يتذكر، لا يرحم ازدواجية المعايير. ففي حرب 1994، وقبل أن تبدأوا زحفكم نحو الجنوب، لم تنطلقوا مباشرة إلى عدن، بل بدأتم بتأمين الألوية المتمركزة في ذمار، ثم عمران، وأحكمتم السيطرة على مفاصل القوة، ورتبتم خطوط الإسناد، وبعدها فقط تحركتم لتنفيذ غزو سُوِّق يومها كـ«حرب وحدة»، بينما كان في جوهره حرب اجتياح.

فهل ما نقوم به اليوم، من تأمين الأرض وحماية الخاصرة وإعادة ترتيب القوات، يتناقض مع ما فعلتموه أنتم في تلك الحرب الظالمة وذلك العام المشؤوم؟
أم أن المشكلة ليست في الفعل، بل في الفاعل؟

إن تأمين وادي حضرموت ليس خروجًا عن المعركة، بل شرطًا عقلانيًا لخوضها. ومن يرفض ذلك، لا يبحث عن نصر، بل عن استنزاف طرف لصالح طرف آخر. أما من يريد معركة حقيقية، فعليه أن يقبل بشراكة حقيقية، أساسها الاحترام المتبادل، لا طلب الدم من جهة واحدة وتركها مكشوفة أمام الغدر.

فالقبول لا يُطلب ممن تُنتهك حقوقهم، بل يُمنح لمن يحترمها. وأول بوابة لذلك الاحترام، أن تعترف بحقي في استعادة دولتي. بعدها فقط يمكن الحديث عن التحالفات، والمعارك، والمصير المشترك. أما قبل ذلك، فكل ما يُطلب ليس شراكة، بل مقامرة مرفوضة باسم الكرامة والسيادة.




شاهد أيضًا

الرئيس الزُبيدي يطّلع على مشاريع المياه ويوجّه بحلول عاجلة ل ...

الأربعاء/17/ديسمبر/2025 - 04:35 م

قام الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، بزيارة تفقدية إلى وزارة المياه والبيئة، حيث كان في ا


الرئيس الزُبيدي يتفقد وزارة الإدارة المحلية ويؤكد تعزيز دوره ...

الأربعاء/17/ديسمبر/2025 - 03:26 م

تفقد الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، اليوم الأربعاء، سير العمل في وزارة الإدارة الم


لقور: عودة إخوان اليمن إلى لندن ارتداد إلى الأصل وإقرار بانت ...

الأربعاء/17/ديسمبر/2025 - 03:20 م

قال الدكتور حسين لقور بن عيدان إن عودة جماعة الإخوان المسلمين في اليمن إلى بريطانيا، عبر زيارة وفد من حزب التجمع اليمني للإصلاح إلى لندن ولقائه أعضاء


الرئيس الزُبيدي: تحرير الشمال مرهون بوحدة القوى الوطنية وجاه ...

الأربعاء/17/ديسمبر/2025 - 02:24 م

جدّد الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، التأكيد على أهمية تضافر جهود القوى الوطنية الم