تسعى الولايات المتحدة إلى تسريع نشر واحد من أكثر المفاعلات النووية تقدماً في العالم، وهو مفاعل AP1000� الذي صمّمته شركة ويستينغهاوس إلكتريك، بالاستعانة بخبرات الإمارات في التشغيل التجاري لمحطة براكة للطاقة النووية السلمية.
ويُعدّ المفاعل AP1000� ركيزة "الجيل الثالث " من التكنولوجيا النووية الآمنة والفعّالة. وقد تبلور هذا التوجه من خلال مذكرة تفاهم بين شركة الإمارات للطاقة النووية و"ويستنغهاوس للكهرباء"، في خطوة تعكس تصميماً متزايداً على تعزيز أمن الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، خاصة في ظل التنافس الدولي المحتدم في قطاع الطاقة النووية.
يُعدّ مفاعل AP1000 مفاعلاً من نوع الماء المضغوط (PWR) بقدرة إنتاجية تقارب 1,100 ميغاواط كهربائي، ويتميّز بتقنيات أمان سلبية فريدة تتيح له التعامل مع حالات الطوارئ دون الحاجة إلى كهرباء أو تدخّل بشري مباشر. تعتمد أنظمة التبريد فيه على قوانين الجاذبية والحرارة الطبيعية، ما يمنحه تفوقاً على مفاعلات الجيل الأقدم، خاصة بعد التجارب المريرة التي شهدها العالم في كارثة فوكوشيما.
يمتاز AP1000 بتصميم هندسي معياري يسمح بتجميع أجزائه في مصانع متخصصة ثم تركيبها في موقع المفاعل، مما يقلّص وقت البناء والتكاليف. وهو مصمَّم للعمل لستين عاماً على الأقل، مع إمكانية تمديد عمره التشغيلي.
يتزامن هذا التوجه الأمريكي مع تصاعد الحملة التي يقودها مشرّعون ومختصون في الولايات المتحدة للدفع نحو نهضة نووية جديدة، في وقت تتقدّم فيه كل من الصين وروسيا في تصدير التكنولوجيا النووية حول العالم، مستفيدتين من تباطؤ الولايات المتحدة في بناء مفاعلات جديدة خلال العقود الماضية.
كما يأتي في سياق التحول نحو الطاقة الخضراء وخفض انبعاثات الكربون، إذ يرى الخبراء أن الطاقة النووية تبقى أحد أعمدة �مزيج الطاقة� المستقبلي إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة.
رغم التحديات، حققت الولايات المتحدة اختراقاً فعلياً في هذا المسار عبر مشروع Vogtle في ولاية جورجيا، حيث تم تشغيل أول مفاعل AP1000 في 2023، فيما يُتوقع دخول الثاني الخدمة الكاملة قريباً ما يمنح ويستينغهاوس تجربة تشغيلية مثبتة.
وتتفوق الصين حتى الآن على الولايات المتحدة في هذا النوع من المفاعلات، حيث يوجد أربعة مفاعلات AP1000 قيد التشغيل في الصين حالياً.
وتسعى الولايات المتحدة من وراء مذكرة التفاهم الأخيرة مع الشركة الإماراتية إلى تعزيز أمن الطاقة القومي، واستعادة الريادة العالمية في تصدير المفاعلات، توفير بديل آمن ونظيف في ظل أزمة المناخ وتذبذب أسواق الطاقة.
وتواجه الصناعة النووية في أميركا تحديات تتعلق بالتكلفة، والبيروقراطية التنظيمية، ومواقف الرأي العام. إلا أن الدعم الفيدرالي المستمر، وعودة الاستثمارات إلى الطاقة النووية، والتغيرات في السياسات المناخية قد تفتح الباب أمام �الصحوة النووية الأميركية�.