آخر تحديث :السبت - 31 مايو 2025 - 01:00 ص

قضايا


من السماء إلى الرماد.. أربع طائرات يمنية اختُطفت باسم الوطن واغتيلت بالصمت!

الخميس - 29 مايو 2025 - 09:10 م بتوقيت عدن

من السماء إلى الرماد.. أربع طائرات يمنية اختُطفت باسم الوطن واغتيلت بالصمت!

العين الثالثة/ تقرير خاص


في بلدٍ أنهكته الحروب والصراعات، تحوّل النقل الجوي – أحد آخر رموز الاتصال اليمني بالعالم – إلى قصة مؤلمة من التدمير والإهمال، فبعد أكثر من ثلاثة عقود من التحليق في سماء المنطقة والعالم، انتهت أربع طائرات مدنية تابعة للخطوط الجوية اليمنية في ظرف عام واحد فقط إلى رماد، نتيجة لعوامل متعددة، على رأسها استغلالها من قبل جماعة الحوثي، وتصاعد التوترات الإقليمية، وصولًا إلى الضربات الجوية المدمرة التي نُفّذت في مطلع مايو الجاري.

من الطيران إلى الاحتجاز: بداية النهاية
لم تكن الطائرات الأربع مجرد أدوات نقل، بل تمثل شرايين حياة لآلاف اليمنيين، ورافداً اقتصادياً نادراً في بلد يفتقر لأبسط مقومات الاستقرار. ومع استئناف رحلات مطار صنعاء في أبريل 2024، عقب اتفاق هدنة رعته الأمم المتحدة، بدا وكأن الأمل قد عاد للركاب العالقين ولقطاع الطيران المنهك. لكن هذا الأمل لم يدم طويلاً.

في يونيو 2024، اختطفت جماعة الحوثي ثلاث طائرات كانت تقل الحجاج اليمنيين من جدة إلى صنعاء، ورفضت كافة الوساطات لنقلها إلى مناطق سيطرة الحكومة، مضيفًا أن "الطائرة الرابعة كانت محتجزة أصلاً منذ أكتوبر 2023 بداعي الصيانة، قبل أن تلحق برفيقاتها".

استخدام عسكري مقنّع
ما حدث بعد ذلك أعاد إلى الأذهان سرديات التوظيف السياسي والعسكري للمؤسسات المدنية، فقد استخدمت الطائرات لنقل قيادات حوثية إلى سلطنة عمان وإيران، واستقبال خبراء في تطوير الطائرات المسيّرة والصواريخ، وهي أنشطة لم تخضع لأي مراقبة من قبل فرق الأمم المتحدة، ما عزز الشكوك حول استغلالها لنقل تقنيات وأسلحة إيرانية إلى الداخل اليمني.

المفارقة أن هذه الطائرات، التي يعود تاريخ بعضها إلى أوائل التسعينيات، كانت في يومٍ ما تُمثل الحلم اليمني في الطيران المدني، قبل أن تتحوّل إلى أدوات تخدم أجندات تتجاوز حدود البلاد.

غارات التحوّل إلى رماد
مع تصاعد هجمات الحوثيين على إسرائيل – والتي وُصفت بأنها رمزية وغير فعّالة – جاء الرد الإسرائيلي قاسيًا ومباشرًا، في السادس من مايو 2025، شنّت المقاتلات الإسرائيلية 15 غارة جوية على مطار صنعاء، مستهدفة مواقع اتُهمت باستخدامها لأغراض عسكرية، دُمرت ثلاث طائرات مدنية بالكامل، بينما نجت الرابعة مؤقتًا، قبل أن تُستهدف مجددًا في 28 مايو.

وبذلك، لم تعد قصة الطائرات الأربع مجرّد أزمة عابرة، بل تحوّلت إلى مثال صارخ على الكيفية التي يتم بها سحق مقدرات اليمن تحت وطأة الصراع الإقليمي، والصمت الدولي، واللامبالاة المحلية.

سنوات من الخدمة.. ثم لا شيء
لعل ما يزيد من مأساوية الحكاية أن هذه الطائرات كانت تنقل، لعقود، آلاف المسافرين اليمنيين في الداخل والخارج، وكانت أقدم الطائرات، وهي من طراز إيرباص A320، قد انضمت إلى الأسطول في عام 1992، بينما تسلّمت الشركة طائرات أخرى حديثة نسبياً مثل A330 وA320 في أعوام 2007 و2011 على التوالي.

الآن، لم يتبقَ من هذه الأسماء إلا صور قديمة وذكريات المسافرين، بينما الحطام هو ما تبقى على مدرج مطار صنعاء.

الحكومة والتحذير المتأخر
وزارة النقل في الحكومة اليمنية عبّرت عن قلقها في بيانات متفرقة، محذّرة من استغلال جماعة الحوثي للطائرات لأغراض غير مدنية، كما نبّهت مرارًا إلى إمكانية استهداف المطار في حال استمر ذلك، لكن، وكما يحدث كثيرًا في اليمن، جاءت التحذيرات بعد فوات الأوان.

خسارة تتجاوز المعدن
ما خسرته اليمن ليس مجرد أربع طائرات، بل رمزًا من رموز السيادة والاتصال بالعالم، وثمرة عقود من العمل في بيئة معقدة، كما خسر المواطنون وسيلة نادرة وآمنة نسبياً للسفر، وانهارت معها آمال آلاف الطلاب والمرضى والمغتربين الذين ظلوا يعتمدون على "اليمنية" رغم كل شيء.

لم يمضِ العام على احتجاز الحوثيين للطائرات، حتى تحولت إلى رماد، وأثر بعد عين بفعل الغارات الإسرائيلية، وهكذا، تنتهي قصة "طائرات اليمن الأربع"، كما انتهت الكثير من قصص البنية التحتية في هذا البلد المنكوب: بحطام على الأرض، وصمت في السماء.

شاهد أيضًا

الإخوان المسلمون وتفكيك الدولة العربية: مشروع سلطة في ثياب ث ...

الجمعة/30/مايو/2025 - 05:25 م

منذ اندلاع ما سُمي بـ"الربيع العربي" في أواخر عام 2010، برزت جماعة الإخوان المسلمين كلاعب سياسي رئيسي في عدد من الدول العربية. غير أن تجربته


مأساة في بحر العشاق بعدن.. غرق ستة شباب وانتشال أربعة منهم ...

الجمعة/30/مايو/2025 - 01:52 م

أفاد شهود عيان ومواطنون في مديرية التواهي بالعاصمة عدن، أن ستة شباب من حي شعب العيدروس تعرضوا للغرق قبل قليل في منطقة بحر العشاق. وأوضح شهود أن فرق ال


قيادي جنوبي يحذّر: تدهور الأوضاع المعيشية يهدد الشرعية والان ...

الجمعة/30/مايو/2025 - 01:15 م

حذر القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح، من خطورة التدهور المعيشي والاقتصادي في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، وعلى رأسها العاص


مصلحة الجوازات: مؤسسة رسمية أم مشروع تجاري بنظام "التكليف ال ...

الجمعة/30/مايو/2025 - 01:00 م

في واحدة من أكثر الملفات فسادًا وإثارة للجدل في مؤسسات الحكومة الشرعية، تكشفت معلومات خطيرة تفيد بقيام مسؤولين رفيعين في وزارة الخارجية ومصلحة الهجرة