نشرت قناة عدن المستقلة مقابلة خاصة مع يعقوب السفياني، الكاتب والصحفي ومدير مكتب مركز سوث42 للدراسات، الذي وجه فيها انتقادات لاذعة لوزير التعليم العالي، الدكتور خالد الوصابي، فيما يتعلق بملف المنح الدراسية في اليمن.
واعتبر السفياني أن الفساد المتفشي في هذا الملف هو أمر غير مقبول، موجهًا أصابع الاتهام إلى الوصابي بوصفه المسؤول الرئيسي عن تدهور هذا الملف المهم.
وأكد السفياني أن ملف المنح الدراسية كان يجب أن يكون على رأس أولويات الحكومة المعترف بها دوليًا، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
وأوضح أن هذه المنح تعدّ شريان حياة لعدد كبير من الطلاب المتميزين في اليمن، الذين يعول عليهم أن يصبحوا مستقبلاً قادة في مجالات مختلفة بعد تلقيهم التعليم في الخارج، غير أن الواقع الحالي، بحسب السفياني، يشير إلى استشراء الفساد، حيث باتت المنح توزع بطريقة غير عادلة، مما يحرم الطلاب المستحقين، وخاصة من الجنوب، من فرصهم في التعليم.
تهميش متعمد للجنوب: حقائق وأرقام
أشار السفياني إلى أن التوزيع الجغرافي للمنح الدراسية يظهر تهميشًا واضحًا للجنوب.. من أصل 15 منحة دراسية تم الإعلان عنها مؤخرًا، كانت الغالبية الساحقة من نصيب الطلاب القادمين من المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي، فقد جاءت تسعة أسماء من العاصمة صنعاء وحدها، بينما تم تخصيص ثلاثة طلاب من مأرب، دون وجود تمثيل يُذكر للطلاب من عدن أو محافظات الجنوب الأخرى.
وتحدث السفياني بتفصيل عن هذه القضية، مشيرًا إلى أن هذه الأسماء جاءت كصفعة للمجتمع الجنوبي، الذي طالما عانى من التهميش ليس فقط في قطاع التعليم بل في مختلف مجالات الحياة.
كما أعرب عن استغرابه من غياب أي تحقيقات أو مساءلة حقيقية حيال هذه التجاوزات، على الرغم من انتشار الأخبار حول بيع المنح وتوزيعها بشكل غير نزيه على أبناء المسؤولين والدبلوماسيين.
اتهامات خطيرة ضد وزير التعليم العالي
ووجه السفياني خلال المقابلة اتهامات مباشرة لوزير التعليم العالي خالد الوصابي، متهمًا إياه ببيع المنح الدراسية للطلاب غير المستحقين واستغلال هذا الملف لتحقيق مصالح شخصية.
وقال السفياني إن الوصابي مسؤول بشكل مباشر عن هذه الفوضى، ويجب أن يكون هناك تحقيق شفاف ومستقل للكشف عن الحقيقة وإنصاف الطلاب المستحقين.
كما أضاف أن الفساد في توزيع المنح الدراسية ليس مسألة جديدة، بل يعود إلى سنوات طويلة، وأن الجنوبيين قد عانوا بشكل خاص من هذا الظلم.
وأشار إلى أن هناك حالة من الوعي الجنوبي المتنامي تجاه هذا الظلم، وهو ما يمكن أن يشكل ضغطًا على الحكومة لإجراء إصلاحات حقيقية.
وسبق لموقع "العين الثالثة" الإخباري أن نشر تقريرًا حول توزيع المنح الدراسية بشكل غير عادل، مسلطًا الضوء على التهميش الذي يتعرض له طلاب الجنوب في هذا المجال.
وقد أكد التقرير على ما ذهب إليه السفياني في مقابلة "عدن المستقلة"، مشيرًا إلى أن حصة الجنوب من المنح تكاد تكون معدومة، ما يعزز الشعور بالتهميش الذي يعاني منه أبناء المنطقة في مختلف المجالات.
وأفاد التقرير بأن توزيع المنح الدراسية تم دون معايير واضحة أو شفافة، حيث يستفيد منها غالبًا أبناء المسؤولين والدبلوماسيين الذين يعيشون في الخارج، ما يعني أن الفرص تضيع على الطلاب المتفوقين الذين يستحقون تلك المنح.
ردود الفعل الجنوبية
أثارت هذه القضية سخطًا واسعًا في أوساط الشارع الجنوبي، حيث عبّر الكثيرون عن غضبهم من التمييز المستمر والتهميش المتعمد الذي تتعرض له المحافظات الجنوبية.
ودعا عدد من النشطاء الجنوبيين إلى تنظيم حملات احتجاجية والضغط على الحكومة لإجراء إصلاحات في نظام توزيع المنح الدراسية.
كما طالب البعض بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لمراجعة كل ملفات المنح السابقة وضمان توزيعها بشكل عادل وشفاف. ويرى المراقبون أن هذه القضية قد تعيد تسليط الضوء على قضايا الفساد داخل الحكومة اليمنية وتزيد من الضغط على المسؤولين للقيام بإصلاحات جذرية.
الحاجة إلى إصلاحات شاملة
من الواضح أن قضية المنح الدراسية في اليمن تعكس جانبًا آخر من الفساد المستشري في البلاد، وهو أمر يتطلب تدخلًا عاجلاً، ويجب ان يكون إصلاح هذا الملف ليس فقط لمصلحة الطلاب المتفوقين الذين يحرمون من حقهم في التعليم، بل سيكون أيضًا خطوة نحو بناء نظام حكومي أكثر شفافية وعدالة.
السؤال الآن: هل ستتخذ الحكومة الخطوات اللازمة لمعالجة هذه الأزمة؟ أم أن هذه القضية ستظل مجرد حلقة أخرى من حلقات الفساد المستمر في اليمن؟ فقط الوقت سيخبرنا.