تمضي البشرية نحو ثلث حياتها نائمة، لكن النوم ليس وقتًا ضائعًا كما يظن البعض، بل عملية نشطة وحيوية لاستعادة الجسد وحماية الدماغ. إلا أن اضطرابه قد يترك آثارًا خفية تتراكم عبر السنوات، لتجعل الدماغ �أكبر عمرًا� من صاحبه.
في دراسة حديثة نشرت في مجلة EBioMedicine، حلّل باحثون أنماط النوم وصور الرنين المغناطيسي لأكثر من 27 ألف شخص في المملكة المتحدة تتراوح أعمارهم بين 40 و70 عامًا، فوجدوا أن من يعانون من نوم سيئ بدت أدمغتهم أكبر عمرًا بيولوجيًا مقارنة بعمرهم الزمني.
🔹 ما معنى أن يبدو الدماغ أكبر سناً؟
يشير ذلك إلى تسارع الشيخوخة البيولوجية للدماغ، والتي تُقاس اليوم عبر الذكاء الاصطناعي بتحليل صور الرنين المغناطيسي للكشف عن ترقق القشرة الدماغية وتضرر الأوعية الدموية وفقدان الأنسجة العصبية.
وتوضح الباحثة "أبيغيل دوف" أن هذا التسارع يرتبط بزيادة خطر التدهور المعرفي والخرف والوفاة المبكرة.
🔹 خمسة عوامل تحدد جودة النوم:
الدراسة صنّفت المشاركين وفق 5 مؤشرات رئيسية:
1. النمط الزمني (مسائي أم صباحي)
2. عدد ساعات النوم (7–8 ساعات مثالية)
3. الأرق
4. الشخير
5. النعاس النهاري
وبحسب النتائج، فإن كل نقطة انخفاض في مؤشر النوم الصحي تعني أن الدماغ يبدو أكبر بستة أشهر من عمره الفعلي. أما أصحاب النوم السيئ فكانت أدمغتهم تبدو أكبر بعام كامل تقريبًا.
🔹 ما الذي يحدث داخل الدماغ؟
يشير الباحثون إلى أن أحد الأسباب هو الالتهاب المزمن الناتج عن اضطراب النوم، إذ تتلف الأوعية الدموية وتتسارع شيخوخة الخلايا العصبية.
كما أن اضطراب النوم يُعطل عمل الجهاز اللمفاوي الدماغي المسؤول عن تنظيف الدماغ من السموم، مما يؤدي إلى تراكم مواد ضارة مثل بروتينات "بيتا أميلويد" المرتبطة بمرض ألزهايمر.
🔹 الجانب المطمئن:
تؤكد الدراسة أن الدماغ يمكنه استعادة عافيته عبر تحسين عادات النوم، وأبرز التوصيات هي:
الالتزام بموعد نوم واستيقاظ ثابت.
تقليل الكافيين والشاشات قبل النوم.
تهيئة غرفة مظلمة وهادئة.
🧩 الخلاصة:
حتى ساعات النوم التي نغفل عنها قد تحدد عمر دماغنا الحقيقي. فالنوم ليس رفاهية، بل هو �الصيانة اليومية� للعقل والجسد.