آخر تحديث :الأربعاء - 24 سبتمبر 2025 - 12:40 ص

اخبار وتقارير


مرصد الشرق الأوسط: الزعيم الجنوبي عيدروس الزبيدي يوجه خطوة حاسمة لإعادة التوازن داخل مجلس القيادة الرئاسي

الأربعاء - 24 سبتمبر 2025 - 12:30 ص بتوقيت عدن

مرصد الشرق الأوسط: الزعيم الجنوبي عيدروس الزبيدي يوجه خطوة حاسمة لإعادة التوازن داخل مجلس القيادة الرئاسي

العين الثالثة/ خالد اليماني


هل يستطيع مجلسُ القيادة الرئاسيُّ تحويلَ النصِّ التأسيسيِّ إلى آليةٍ تنفيذيةٍ مُلزِمةٍ، بدلًا من اتفاقٍ رمزيٍّ؟

> لم يعد إعادة تشكيل ميزان القوى في اليمن تفصيلًا إداريًّا عابرًا. ففي العاشر من سبتمبر 2025، أقدم عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وعضو مجلس القيادة الرئاسي، على إصدار تعيينات داخل بنية «الحكومة المعترف بها دولياً». خطوة كسرت أعراف التوازن الهش الذي ساد عمل مجلس الثمانية منذ تشكيله، وأطلقت جرس إنذار للتحالف بقيادة السعودية وبقية أطراف الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، بريطانيا، الإمارات)، مفادها أن الزبيدي لم يعد مستعدا للتغاضي عن استمرار التصدع داخل مجلس القيادة الذي شُكّل في أبريل 2022 لإدارة المرحلة الانتقالية بعد استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي.

هذه الخطوة لم تمر مرور الكرام؛ إذ دفعت مجلس القيادة الرئاسي إلى الانعقاد في الرياض في 18 سبتمبر، حيث أصدر بيانًا أكد فيه التزامه بمبدأ «الشراكة والقيادة الجماعية» وفق إعلان نقل السلطة والمرسوم رقم 9 لسنة 2022. وفي هذا التأكيد إقرار ضمني بأن رئيس المجلس رشاد العليمي تجاوز صلاحياته بممارسته سلطات رئاسية مطلقة، رغم أن اتفاق الرياض منح تلك السلطات بشكل جماعي لأعضاء المجلس الثمانية.

كما أشار الاجتماع إلى قرار رقم 119 لسنة 2025، والذي ينظم عمل المجلس وهيئاته، وقام بتكليف لجنة قانونية بمراجعة التعيينات التي أصدرها العليمي منذ أبريل 2022 وتلك التي أعلنها الزبيدي مؤخرًا. كان البيان محاولة لإظهار الوحدة بينما تُرحّل الخلافات الجوهرية إلى لجان فنية، لكنه كشف جوهر الأزمة: من يملك حق القرار في نظام صُمم لكبح الحكم الفردي؟

منذ مشاورات الرياض عام 2022، صاغت الرباعية ومجلس القيادة نظام الحكم على أنه قيادة جماعية، لا رئاسة فردية. وجاءت تركيبة المجلس مناصفة بين ممثلين شماليين وجنوبيين، بوصفها شراكة انتقالية وليست رئاسة دستورية. حتى التفسيرات القانونية الأولى أكدت أن إعلان نقل السلطة لم يؤسس لرئاسة دستورية، بل كان «تفويضاً بالسلطة» للمجلس ككل، ما يجعل المجلس برمته لا رئيسه، مصدر الشرعية التنفيذية.

انطلاقًا من ذلك، لم يكن تحرك الزبيدي خارجًا عن إطار اتفاق الرياض، بل تذكيرًا صارخًا به. فقد أراد أن يعيد التوازن ويمنع انجراف العليمي نحو التفرد بالقرار. كانت رسالته واضحة: أي محاولة لإحياء الحكم الفردي ستصطدم بالأسس القانونية والسياسية للمرحلة الانتقالية.

لكن أهمية هذه الخطوة ليست قانونية فقط، بل سياسية أيضًا. فمشروع المجلس الانتقالي الجنوبي المتمثل في «استعادة الدولة الجنوبية» انتقل من خانة الشعارات إلى الممارسة المؤسسية، من خلال قرارات تُتخذ داخل بنية الدولة المعترف بها، لا من خارجها. وهذا يعكس أن الجنوب لم يعد يفاوض من الهامش، بل يختبر عملياً حدود الشراكة وصلاحيات اتخاذ القرار داخل مجلس القيادة ذاته.

أما رد فعل المجلس الرئاسي، الذي شدد على التماسك ووعد بالمراجعة، فكان محاولة لاحتواء التصعيد عبر آليات إجرائية، من دون رفض خطوة الزبيدي علناً أو إقرارها بالكامل. وهو تكتيك مألوف في التحالفات الهشة حيث تتنازع مراكز القوى المتداخلة على النفوذ. إلا أن الدلالة واضحة: الزبيدي يضغط نحو آلية أكثر توازناً لاتخاذ القرار داخل المجلس، انسجاماً مع الدعوات المتزايدة لوضع «آلية تشاركية ملزمة» في رئاسة المجلس بدلاً من ترك الملفات الحساسة لإدارة متضاربة بين أقطاب متنافسة.

وفي خلفية هذا الصراع السياسي، تتراكم الحقائق القاسية. فسنوات من ضعف الحكم أفرزت اقتصادًا موازيًّا، وشبكات تهريب، وتواطأت غير معلنة، فيما استغل الحوثيون الهدوء النسبي لتعزيز قدراتهم العسكرية عبر تدفق السلاح والتكنولوجيا من إيران والصين وكوريا الشمالية وروسيا.

لقد أعادت هذه المعطيات رسم قواعد الاشتباك بحرًا وبرًا، في مشهد يفضح هشاشة الحكومة والتحالف أمام عدو مركزي التنظيم. وكل انقسام داخل «معسكر الشرعية» يتحول إلى مكسب للحوثيين وحلفائهم الإيرانيين.

من المنظور الجنوبي، خطوة الزبيدي اختبار لقدرة المجلس الانتقالي على إعادة التوازن إلى الشراكة الانتقالية، مع إبقاء الهدف النهائي – استعادة الدولة الجنوبية – في المتناول. وهو يدرك أن التراجع عن ممارسة هذا الدور القيادي سيعني انكماش تأثير المجلس الانتقالي على الأرض.

بيان 18 سبتمبر 2025 ترك الباب مفتوحاً بين تأكيد الشراكة والاعتراف بالمشروع الجنوبي. لكنه في الوقت نفسه أقر بالمرجعية النهائية: إعلان نقل السلطة والقرارات التنظيمية اللاحقة. ومع ذلك، يظل عامل الوقت ضاغطاً على القضية الجنوبية؛ فكل يوم بلا تقدم نحو استعادة الدولة هو يوم تزداد فيه الانقسامات الداخلية ويستغله الآخرون لتفكيك المشروع.

التجارب التاريخية تثبت أن تفتيت الحركات السياسية هو الوسيلة الأرخص والأكثر فعالية لتحييدها. وإذا لم يُحسم الجدل داخل مجلس القيادة عبر تقليص عدد أعضائه، أو وضع آلية تصويت رسمية، أو تقسيم الصلاحيات بين رئيس شرفي ونائبين شمالي وآخر جنوبي، فإن شبح الشلل سيظل مخيماً على عمله.

في النهاية، أعاد بيان 18 سبتمبر تثبيت القواعد على الورق: قيادة جماعية، شراكة انتقالية، والالتزام بإطار 2022. لكن خطوة الزبيدي أظهرت مدى هشاشة هذه القواعد في التطبيق. لقد فرض السؤال الجوهري: هل يستطيع المجلس تحويل النص المؤسس إلى آلية عملية ملزمة، أم سيظل مجرد اتفاق رمزي؟

وإن لم يحدث ذلك، فسيظل النظام الحالي ينتج أزمة تلو أخرى، ليدفع اليمن نحو مزيد من التشرذم، فيما يحصد الحوثيون وإيران الثمار.

شاهد أيضًا

مرصد الشرق الأوسط: الزعيم الجنوبي عيدروس الزبيدي يوجه خطوة ح ...

الأربعاء/24/سبتمبر/2025 - 12:30 ص

هل يستطيع مجلسُ القيادة الرئاسيُّ تحويلَ النصِّ التأسيسيِّ إلى آليةٍ تنفيذيةٍ مُلزِمةٍ، بدلًا من اتفاقٍ رمزيٍّ؟ > لم يعد إعادة تشكيل ميزان القوى في ال


من عدن إلى نيويورك.. هل يوحّد الخارج ما فرّق الداخل؟ ...

الأربعاء/24/سبتمبر/2025 - 12:00 ص

لم يكن مشهد ظهور رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي إلى جانب نائبه اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في قاع


الزُبيدي والعليمي على هامش الأمم المتحدة.. تعزيز التحالفات ا ...

الثلاثاء/23/سبتمبر/2025 - 11:05 م

شارك الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، مع الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، والدكتور عبدالله العليمي، نائب رئيس ال


الإعلاميون في عدن.. جبهة جديدة لمكافحة الشائعات الصحية ...

الثلاثاء/23/سبتمبر/2025 - 02:55 م

أطلق المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي بالتعاون مع منظمة اليونيسف، الثلاثاء، ورشة تدريبية متخصصة في عدن لتعزيز دور الإعلاميين في دعم القضايا الصحية