تعرضت منطقة وادي شعب بمديرية طورالباحة، ناحية الصبيحة محافظة لحج، الوقع إلى الشرق من مركز مديرية طورالباحة بــ 5 كيلو، يوم السبت الــ 23 من أغسطس آب 2025م، لسيول مدمرة، تشهدها المنطقة للمرة الأولى في تاريخها، جرفت كل شيء وقع في طريقها وغيرت وجه المنطقة إلى الأبد .
وكانت السيول قد بدأت في التدفق بالتصاعد التدريجي منذ الأسبوع الماضي، لكن آخرها واكبرها كانت السيول التي تدفقت منذُ فجر أمس السبت الـ 23 من أب اغسطس الجاري، بشكل لم تشهد المنطقة له مثيلاً في تاريخها، وذلك نتيجة كثافة وغزارة الأمطار التي بدأت بالهطول والتساقط ابتدأ من الساعة الرابعة فجراً وحتى الساعة الثامنة من صباح يوم السبت، بسبب المنخفض الجوي والعاصفة المدارية التي تضرب السواحل اليمنية حالياً .
المشهد في وادي شعب بات خارج السيطرة وسط عجز الأهالي عن إيصال مناشداتهم ونقلها لكافة الجهات العليا في الدولة الحكومة، وكذلك المديرية والمحافظة والجهات المعنية كافة، أذ لم يعد المشهد القائم في منطقة وادي شعب مديرية طورالباحة اليوم شبيهاً هذه المرة بالمرات السابقة، حينما كانت تتعرض المنطقة لأضرار وخراب وتدمير السيول الموسمية وتهملها وتهمل إعادة إصلاح اضرار السيول السلطات المحلية والمنظمات الدولية، منذ سنوات خلت وظلت منطقة شعب خارج اهتمام الجميع على عكس باقي المناطق الأخرى ، لتتحول المنطقة هذه المرة برمتها لمشهد مأساوي وبؤرة لكارثة إنسانية بحته لكوارث الطبيعة ومهددات الحياة .
فمنذُ الساعات الأولى لفجر السبت اجتاحت السيول وجرفت كل ما يقع في طريقها، وغمرت كامل اراضي الوادي بالمياه بعدما وصل ارتفاعها لمستوى ومنسوبات غير مسبوقة، محولة وادي شعب من أقصاه إلى أقصاه لمنطقة منكوبة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني ومفردات .
هذه الكارثة التي حدثت فجر السبت لم تشهد المنطقة مثيلاً لها حتى في العقود والأزمنة الغابرة، ألحقت دماراً مهولاً في كل شيء ، وجرفت السيول كافة الأراضي الزراعية، والبنى التحية، والطرق ودمرت الممتلكات، والحقت أضرار جسيمة وكبيرة جداً بما تبقى من الاراضي، وافقدت الآلاف من سكان المنطقة مصدر دخلهم ومعيشتهم من الزراعة التي كانوا يعتمدون عليها، وحولت الطرق إلى كومة من الخراب، وطمرت آبار المياه الجوفيه التي يتعمد عليها السكان للشرب وهي شريان حياتهم وبقائهم الوحيد، كما سحقت وجرفت السيول كل شيء في طريقها وكل ما وصلت إليه، وعزلت المنطقة بشكل كامل عن الوصول لمركز المديرية، مسببه خسائر بمئات الملايين .
- منطقة شعب منكوبة بكل ما تعنيه الكلمة وفي قلب الكارثة
مع ساعات الصباح الأولى ليوم السبت، استفاق سكان وادي شعب بمديرية طورالباحة محافظة لحج على هول الكارثة التي حدثت، وعلى مشهد مروع لم تشهده ولم تألفه المنطقة في تاريخها المعاصر، حينما وجدوا أنفسهم محاصرين وسط سيول جارفة تحاصرهم من كل حدب وصوب، تدفقت من جبال المنطقة ومن جبال مديريات مجاورة كمديرية القبيطة وحيفان، والتقت مع السيول المنهمرة والمتدفقة بغزارة من السلال الجبلية لوادي شعب الواقع والرابض في أحضان هذه السلال الجبلية التي تحيط به من جميع الاتجاهات من عاليه إلى أسفله .
اجتاحت السيول الشعاب والأودية وجرفت الأراضي الزراعية والطرق الرئيسية والفرعية، وكافة الممتلكات الأهلية والخدمية والمساجد ، ليعلن اهالي وسكان المنطقة بأن منطقة "وادي شعب" أضحت منطقة منكوبة مناشدين كافة الجهات والسلطات الحكومية والمنظمات الدولية بضرورة التدخل .
ومنذُ صباح السبت بدأ الأهالي والسكان المحليون بتوجيه مئات المناشدات وندأت الاستغاثة الإنسانية، إلى كافة السلطات المحلية والرسمية والحكومية والمنظمات الدولية، وفي مقدمتها السلطة المحلية في المديرية ممثلة بمدير المديرية أ. عفيف الجعفري، والسلطة المحلية في المحافظة ممثلة بمحافظة المحافظة اللواء الركن أحمد عبدالله تركي محافظ المحافظة رئيس المجلس المحلي، وكذلك الأمين العام للمجلس المحلي وأعضاء المجلس، بضرورة التحرك العاجل لارسال فرق ومعدات لرفع وإنقاذ مايمكن إنقاذه، والمحافظة على ماتبقى من مشاريع خدمية وأهلية كأبار المياه ومنظومات الطاقة الشمسية، التي لازال جزء بسيط منها قائماً وانشاء مصدات ودفاعات لها من للسيول، ومخاطبتهم للجهات العليا في الدولة والمنظمات الإنسانية بالتدخل .
- مناشدات للحكومة ومجلس القيادة والمنظمات الدولية والإنسانية
ناشد الأهالي وزارة الزراعة والري ممثلة بمعالي الوزير الأستاذ عوض السقطري، لإعادة تأهيل وإصلاح الأراضي الزراعية التي جرفتها السيول وحماية وإصلاح الأضرار الجزئية وانشاء مصدات وحواجز تجنب المنطقة كوارث اكبر، بعدما أصبحت المنطقة مفتوحة على مصراعيها من كافة الجوانب، وتحولت الأراضي الزراعية بفعل السيول إلى وادي مليئ بالاحجار والصخور .
كما ناشد السكان المحليون كلاً من وزارة التخطيط والتعاون الدولي ممثلة بمعالي الأخ الوزير الدكتور واعد باذيب، ووزارة الأشغال العامة ممثلة بمعالي الوزير المهندس سالم الحريزي، ودولة رئيس الحكومة الأستاذ سالم بن بريك، وباقي أعضاء الحكومة، ورئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي ممثل بفخامة رئيس المجلس الدكتور رشاد العليمي وباقي أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وفي مقدمتهم سيادة اللواء عبدالرحمن أبو زرعة المحرمي عضو مجلس القيادة قائد ألوية العمالقة، وكذلك سيادة اللواء عيدروس الزُبيدي عضو مجلس القيادة الرئاسي رئيس المجلس الانتقالي، بضرورة تدخلهم جميعاً، واعلان خطة طوارئ عاجلة، وإرسال معدات وفرق هندسية تتولى إعادة اصلاح كافة الأضرار وفق خطة إنسانية طارئة.
وأطلق السكان المحليون مناشدات وندأت استغاثة للمنظمات الدولية والأممية والإنسانية، وفي مقدمتها منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة، والصندوق الإجتماعي للتنمية، والى الصليب الأحمر الدولي وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي والبرنامج السعودي لإعادة إعمار اليمن، ومركز الملك سلمان للأغاثة والأعمال الإنسانية، والهيئة الكويتية للأعمال الخيرية والإغاثية، والجمعية الخيرية الكويتية للتنمية .
- ابرز الأضرار التي رصدها الأهالي
وفقاً للاحصائيات الأولية التي رصدها الأهالي يوم أمس السبت فإن السيول " دمرت أجزاء ومساحات شاسعة وكبيرة من الأراضي الخصبة وسحقت المدرجات الزراعية، وتعد الزراعة مصدر دخل وحيد لغالبيه السكان، الذين يتعمدون على الزراعة والرعي، وجرفت الأشجار والزراعة وطمرت الأراضي والتربة الخصبة بالاحجار والصخور وحولتها إلى مناطق خراب غير قابلة للزراعة .
وألحقت السيول اضرار واسعة بالأبار الرئيسية للمياه في المنطقة، وفقاً لإحصائيات الأهالي فإن أبرز الآبار المتضررة هي "بئر القبع ، وبئر الحفار، بئر القرينة ، بئر السبيل، وبئر هيجة العشر، بئر الوزد، وبئر الكيمة والعطر، وبئر ضوكة وشعب الاعلى ، فضلاً عن تضرر جزء كبير من حواجز وخزانات مياه الشرب .
وجرفت السيول بحسب الأهالي مضخات الطاقة الشمسية ومنظومات الضخ، وجرفت معها مصدات الحماية الترابية للآبار والمنظومات، ما يهدد بأزمة خانقة لمياه الشرب في المنطقة .
كما جرفت السيول جميع المصدات والشبوك وأنظمة حماية الأراضي الخاصة بالأهالي والتي كانت تحمي تلك الأراضي من السيول.
تضرر عدد من المساجد خاصة مسجد قرية العطر في شعب الاسفل ومسجد أسفل قرية ضوكة.
كما جرفت جزء كبيرة من شبكة المياة .
جرف كامل لجميع المزروعات والمحاصيل .
اضرار مادية تتجاوز مئات الملايين تكبدها السكان .
- أهم المطالبات العاجلة والسريعة للأهالي
طالب السكان المحليون من السلطات المحلية والحكومية، والمنظمات الدولية لسرعة الاستجابة الإنسانية والطارئة، بضرورة إعادة تأهيل وإصلاح ابار مياه الشرب وتوفير منظومات طاقة شمسية جديدة بديلة عن المنظومات التي جرفتها السيول والتي تعرضت للأضرار .
مناشدين الجميع حكومة ومنظمات دولية إلى الاستجابة الإنسانية العاجلة، بهدف إنقاذ السكان وإعادة إصلاح ما دمرته السيول، وإصلاح الأراضي الزراعية، وإعادة اصلاح الدمار الكلي والجزئي الذي لحق بالمنطقة، وحماية ماتبقى من آبار مياه الشرب، وحماية المساجد ودور العبادة، وتوفير مصدات وحمايات للأراضي وإرسال فرق هندسية ومعدات ثقيلة من (شيولات وجرارات وحراثات ) لإعادة اصلاح الأراضي من الدمار والخراب الذي لحق بأراضي المواطنين الزراعية الخصبة، والوقاية من السيول والحد من تكرار الكارثة.
كما طالب الأهالي بإنشاء مصدات حماية حجرية وخرسانية وحواجز لحماية للأراضي الزراعية والوقاية من السيول والحد من تكرار الكارثة، وكذلك فتح وإصلاح الطرق ورفع الركام ومخلفات السيول ، وانشاء مصدات وحمايات خرسانية متينه لحماية أبار المياه ومنظومات الطاقة .
واصلاح الطرق ورفع مخلفات السيول منها، وإنقاذ منطقة وادي شعب المنكوبة جراء السيول العارمة والجارفة التي دمرت الممتلكات الخاصة والعامة وشردت السكان وقطعت أوصال المنطقة .
إلى جانب اطلاق خطة مستدامة لاستصلاح كامل الأراضي المتضررة، وانشاء حمايات اكبر تشمل كافة مناطق وادي شعب من اي سيول مستقبلية ودعم المتضررين والمنكوبين الذين فقدوا كامل أراضيهم .
- استغاثات السكان تتعالى ولا استجابة حتى الآن
رغم المناشدات والندأت التي إطلقها السكان لكافة الجهات الرسمية في الدولة والحكومة، والمنظمات الدولية والأممية، كادت أن تبح اصوات أبناء المنطقة والنشطاء على مختلف وسائل التواصل الإجتماعي، وهم يناشدون الضمير المحلي والدولي ويوجهون مئات المناشدات في صورة صرخة جماعية، تطالب السلطات المحلية والحكومة وقيادة الدولة والمنظمات الإنسانية الدولية، والإقليمية وتستجدي الجميع بضرورة التحرك الفوري والسريع قبل أن تتحول الكارثة إلى مأساة حقيقية لا نهاية لها، لكنه رغم كل المناشدات تلك لم تتم اي استجابة حتى اللحظة ولم تلقى اذان صاغية .
كما تغيب حتى لحظة كتابة هذا التقرير اي احصائيات رسمية لحجم وحصر الأضرار جراء الكارثة التي عصفت صباح السبت بمنطقة وادي شعب مديرية طور الباحة، وذلك بسبب غياب لجان الاستجابة الطارئة والإغاثية، وتظل المعلومات حتى الساعة مغيبه، باستثناء تلك الأضرار الجزئية التي يرصدها الأهالي بهواتفهم الشخصية، في ظل غياب السلطات المحلية والجهات المعنية.