آخر تحديث :الثلاثاء - 04 نوفمبر 2025 - 07:00 ص

مأدبة الفساد وهيكلة المؤسسة العامة: بين واقع الانحراف وضرورة الإصلاح

الخميس - 11 سبتمبر 2025 - الساعة 12:15 ص

جسار مكاوي
الكاتب: جسار مكاوي - ارشيف الكاتب




لم يعد الفساد في المؤسسات العامة ظاهرة عارضة أو سلوكًا فرديًا يمكن عزله، بل أصبح نظام إدارة موازٍ يتغلغل في مفاصل الدولة، ويقوّض مقوماتها القانونية والإدارية. هذا الفساد يقوم على تغييب النصوص، وتجاوز اللوائح، واستباحة المال العام تحت مبررات متعددة. ومع مرور الوقت، تحولت المؤسسات إلى بيئة خصبة لتوزيع المنافع وتبادل الولاءات، بدلًا من أن تكون أداة لخدمة المجتمع وتحقيق المصلحة العامة. في مقابل هذا الواقع، يبرز مفهوم هيكلة المؤسسة العامة كخيار إصلاحي لا غنى عنه. فالهيكلة ليست ترفًا تنظيميًا أو تغييرًا شكليًا في الخرائط الإدارية، وإنما هي عملية قانونية وإدارية شاملة تستهدف إعادة بناء المؤسسات على أسس المشروعية والاختصاص والشفافية.

(أولًا): أوجه الخلاف بين الفساد والهيكلة

الفساد يعبر عن حالة انحراف قائمة، حيث تتغلب المصالح الخاصة على القواعد العامة، ويغيب مبدأ المشروعية لصالح أعراف التدخلات والنفوذ.

الهيكلة تمثل أداة للإصلاح، غايتها ضبط الصلاحيات، وتوضيح المسؤوليات، وتحديد آليات اتخاذ القرار بما يتفق مع النصوص القانونية، بعبارة أخرى: الفساد هو صورة الانهيار، بينما الهيكلة هي محاولة إعادة البناء.

(ثانيًا): المرتكزات القانونية

1 . مبدأ المشروعية: يقضي بأن الإدارة لا تعمل إلا وفق ما يجيزه القانون. الفساد يخرق هذا المبدأ بتسيير المؤسسات خارج الأطر القانونية، بينما الهيكلة تعيد ضبطه عبر تنظيم العمل الإداري والمالي وفق نصوص محددة.

2 . مبدأ الاختصاص: الفساد يزدهر عندما تتداخل الصلاحيات وتُستباح الوظائف، أما الهيكلة فتعيد ترسيم حدود الاختصاصات وتمنع تجاوزها.

3 . مبدأ الشفافية والمساءلة: غياب الهيكلة يُضعف المحاسبة ويجعل الرقابة شكلية، بينما الهيكلة توفر آليات واضحة لتقييم الأداء ومساءلة المسؤولين.

4 . مبدأ الكفاءة والجدارة: في بيئة الفساد تُستبعد الكفاءات لصالح الولاءات، بينما الهيكلة تعيد الاعتبار لمعيار الجدارة باعتباره أساسًا للتعيين والترقية.

(ثالثًا): الأثر العملي

إن أي مواجهة للفساد من دون إعادة هيكلة حقيقية تبقى معركة غير متكافئة، إذ كيف يمكن ضبط مؤسسة مترهلة بلا قواعد واضحة؟ وفي المقابل، تبقى الهيكلة وحدها عاجزة إذا لم تُقرن بإرادة سياسية وقانونية جادة لمحاسبة الفاسدين ووقف التدخلات.

الفساد والإدارة المشوهة هما واقع الانحراف، والهيكلة هي ضرورة الإصلاح. ولا سبيل لبناء دولة قادرة على خدمة مواطنيها إلا من خلال تفكيك منظومة الفساد، وإرساء هياكل مؤسسية حديثة قائمة على المشروعية، الاختصاص، الشفافية، و الجدارة. عندها فقط يمكن استعادة ثقة المجتمع، وإعادة الاعتبار للقانون، وضمان فاعلية المؤسسة العامة كركيزة من ركائز الدولة.




شاهد أيضًا

عاجل.. أكسيوس: واشنطن تسعى إلى قرار أممي لإرسال قوة استقرار ...

الثلاثاء/04/نوفمبر/2025 - 02:30 ص

عاجل.. أكسيوس: واشنطن تسعى إلى قرار أممي لإرسال قوة استقرار بغزة


🔴 عاجل | مصرع 4 أشخاص وإصابة 11 آخرين في حادث انقلاب ميكروب ...

الثلاثاء/04/نوفمبر/2025 - 02:30 ص

الإثنين، ٣ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٥ شهدت محافظة كفر الشيخ حادثًا مأساويًا اليوم، إثر انقلاب سيارة ميكروباص تقل عددًا من الركاب، ما أسفر عن مصرع 4 أش


عاجل | الصحة العالمية: مستشفى كرنوي للأطفال والولادة في شمال ...

الثلاثاء/04/نوفمبر/2025 - 02:25 ص

عاجل | الصحة العالمية: مستشفى كرنوي للأطفال والولادة في شمال دارفور تعرض إلى هجوم


عاجل.. 3.2 مليون مسافر تأثروا بـ الإغلاق الحكومي في #الولايا ...

الثلاثاء/04/نوفمبر/2025 - 02:15 ص

الثلاثاء، ٤ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٥ ذكرت رويترز، اليوم الإثنين، أن 3.2 مليون مسافر تأثروا بالإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، وفقا لنبأ عاجل أفاد