آخر تحديث :الأحد - 07 ديسمبر 2025 - 06:10 م

آراء

حين قررت أتابع نشرة الأسعار

الإثنين - 04 أغسطس 2025 - الساعة 01:14 ص

الكاتب: علي محمد سيقلي - ارشيف الكاتب

في يوم مشمس بالكاد، قررت أتصرف كرجل مسؤول، أتابع نشرة الأسعار زي ما كانت أمي تتابع نشرة الأخبار أيام قناة الأبيض والأسود.

قلت لنفسي: "خليني أعرف كيف حال الريال اليوم؟"

فتحت المواقع، دخلت الجروبات، سألت العم "جوجل"، وكلهم أجابوني بجملة واحدة:

الريال المريض يواصل تعافيه أمام العملات الأجنبية، لكني لم ألحظ عليه أي علامات تعافٍ!. بالعكس، كان ممددًا في زاوية سوق الصرافين، يتنفس من فم الدولار، ويشخر بالدرهم الأماراتي، والريال السعودي.

اليوم بالذات، رحت السوق أشتري مقاضي خفيفة: علبة حليب، كيس دقيق، كيس سكر، وقارورة زيت مكتوب عليها "شبيه الزيت".

فوجئت أن البائع ما صدق خبر التعافي، ولا حتى تابع نشرة الأسعار.

قال لي: "نحن نبيع بحسب سعر السوق الموازي، مش سعر الصرف الرسمي، ولا سعر الأمل المستقبلي".

سألته:"طيب، ما تابعتوش أخبار انخفاض الدولار والسعودي؟" ولا حتى مر عليكم معاوية وجنده؟

قال لي: "تابعتها، وحزنت عليكم، بس ما أقدر أبيع بخسارة، أنا مش وزارة إعلام بن لزرق".

سمعت والله أعلم، أن اللجان المجتمعية في الحارة، شغالة على الموضوع وتطمئننا أن الأسعار في انخفاض ملحوظ. فسألتهم: "انخفاض فين؟!" .

قالوا: "في النفَس، الناس بدأت تمسك نفسها من الشراء، وهذا مؤشر ممتاز على ضبط السوق".

قبل قليل، جلست أتابع التلفزيون، شفت المسؤول يصرّح بثقة:"نخوض معركة شرسة ضد غلاء الأسعار". كذا حسّيت أن الحرب هذه تشبه حربنا الضروس التي نخوضها كل شهر مع صاحب البقالة حبيب قلبي "باضروس"، مع فارق أن المسؤول معه تصريحات نارية، وأنا معي دفتر دين.

أخيرا قررت أكون إيجابي، مشيت في السوق الطويل، واقول لأي واحد أقابله: "سمعت؟ الدولار نزل!"

البعض يضحك، البعض يلعن حظه، والبعض قال لي: "إذا نزل، خليه يجزع يسلم على محطات البترول، والغاز المنزلي".

وهكذا، وبعد عناء من متابعة نشرة الأسعار، عدت كما كنت، أدوّن يومياتي على هامش الفاتورة، وأحسب كم باقي في بيتي من "مؤونة الصبر" حتى تنجلي، وأحاول أقنع نفسي أن الريال بخير، بدليل أنهم أنعشوه بين ليلة وضحاها!

السؤال: كيف انتعش الريال اليمني بهذه السرعة الخرافية؟ ولماذا تركونا نحتضر طوال تلك السنوات التي مضت، وهم يحتفظون بالدواء في جيب من لا يرحم؟