آخر تحديث :الإثنين - 21 أبريل 2025 - 08:15 م

من الحقبة الإيرانية إلى الحقبة الصهيونية

الأربعاء - 26 مارس 2025 - الساعة 04:15 م

صالح علي الدويل
الكاتب: صالح علي الدويل - ارشيف الكاتب


يقول الدكتور الماروني المسيحي نبيل خليفة في كتابه "استهداف أهل السنة: المخطط الإستراتيجي للغرب وإسرائيل وإيران للسيطرة على الشرق الأوسط واقتلاع النفوذ السني منه": (تسعى الأقليات المحيطة بالعالم السني إلى "أبلسة السنة"؛ لتسويغ العدوان عليهم).

لكن هل الصراع الحالي لإيران وساحاتها مع أمريكا وإسرائيل هو مقاومة للأجندات الصهيونية والغربية في فلسطين عامة وغزة خاصة، أم في سياق أجندات أخرى؟

استغلت إيران حالة الهوان التراكمي العربي وملأته بمشروعها. صراعها لا يتعلق بمقاومة الصهيونية وأجندات الغرب إلا بالشعارات والبيانات، بل هو في وجهه الأساسي "تحالف الأعداء" لتفكيك العالم العربي السني. وكانت الحركيات الإسلامية المحسوبة على السنة، بشقيها الإرهابي والربيع الإخواني، جزءًا منه، وثبت ذلك في فوضى الدول التي اجتاحها. أما إيران وساحاتها فتمثل الجزء الأساسي فيه، حيث استطاعت مع حلفائها من الأقليات أن يشيطنوا السنة عمومًا وليس الحركيات فحسب خلال عقود ما بعد الحرب الباردة وانتصار الخميني. ساعدتهم تلك الحركيات بعملياتها المتطرفة أو المنسوبة إليها ونتائجها، فمورس ضدهم حرب "قلب المفاهيم" لخلق حالة فكرية وثقافية لشيطنتهم.

السني، وفق هذه المفاهيم، هو انتحاري داعشي إرهابي دموي، يفجر المفخخات في الأبرياء، ويفجر الكنائس، ويقتل العلويين والشيعة والدروز والإباضية والأيزيديين والزيدية والمسيحيين. السني خذل فلسطين وموالٍ للصهيونية! هذه الصورة النمطية لقلب المفاهيم رسّخها المشروع الإيراني وتحالف الأقليات لتأجيج الطائفية أينما حل وتمدد، بهدف تدمير الأوطان والفتك بالحواضن السنية.

بداية مشروع الهيمنة الشيعية لم تبدأ مع الخميني، بل مع موسى الصدر في لبنان، إذ قام مشروعه على خلق كثافة شيعية تفوق بقية الطوائف، حيث تولت المرجعيات دعم الأسر الفقيرة، وتعليم أبنائها، ونشرهم خارج جغرافيتهم التقليدية. كان الهدف أن يصوت الشيعي للمسيحي في دائرته التقليدية بما يضمن الأجندات الشيعية وتحالفاتها. ركز المشروع على خلق القوة الناعمة الشيعية عبر الإعلام المرئي والمسموع، والصحفيين، والمحامين، ومراكز الدراسات، ومنظمات العمل المدني والحقوقي، وتأهيل قطاع نسائي في هذه المجالات. ثم جاء الغطاء العسكري عبر حزب الله.

استخدمت الزيدية الأسلوب ذاته قبل الحوثي، حيث عملت على بناء القوة الناعمة ومنظماتها وتأهيل كوادرها، ثم جاء الحوثي تتويجًا لذلك الجهد الناعم. أكمل الهلال الإيراني وساحاته هذا الدور، وأججوا الطائفية، لكنه وصل إلى مرحلة صار بقاؤه خطرًا على المصالح الاستراتيجية العليا للغرب والصهيونية، ويعيق الدخول في مرحلة جديدة بسماتها وعداواتها وأطماعها وتحالفاتها. إنها مرحلة التمدد الصهيوني وفرض صيغ الأمر الواقع في المنطقة، بعد أن وصلت الأمة إلى الهوان التاريخي في كل المجالات، وهو الهوان الذي عززته الحقبة الإيرانية وتحالف الأقليات عبر القتل الطائفي، فكان من الضرورة كسره، لا اجتثاثه.

كانت سوريا المكان الاستراتيجي لهذا الكسر. يقول حسين أمير عبد اللهيان، وزير خارجية إيران، في كتابه "إستراتيجية الاحتواء المزدوج":"إن خسارة إيران لإقليم الأحواز بكل ما فيه من مساحة جغرافية وموارد وثروات ستكون أخف وطأة علينا من خسارة إيران لسوريا!" فخسارة سوريا تعني نهاية المشروع الإيراني!

ختامًا
إن آثار الحروب الطائفية التي صنعتها وغذّتها الحقبة الإيرانية وتحالفاتها لن تتعافى منها المنطقة في المستقبل القريب، بل ستظل تلقي بظلالها لعقود قادمة، مما يؤهل المنطقة للدخول في المرحلة الصهيونية وتمهيد الأرض لها.




شاهد أيضًا

الريال في مهب الريح.. أسعار الصرف تشعل الأسواق في عدن! ...

الإثنين/21/أبريل/2025 - 08:15 م

سجّل الريال اليمني مساء الاثنين 21 أبريل 2025، تراجعًا جديدًا أمام العملات الأجنبية في عدن والمناطق المحررة، حيث بلغ سعر صرف الدولار 2469 ريالًا للشرا


الزُبيدي ينعي البابا فرنسيس: عاش من أجل الإنسانية ورحل مخلدً ...

الإثنين/21/أبريل/2025 - 05:25 م

عبّر عضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، عن خالص تعازيه ومواساته لشعب الفاتيكان وكافة أتباع الكنيسة الكاثوليكية في العالم، بوفاة قد


الانتقالي على أبواب المعركة اليمنية الكبرى... شراكة مشروطة ب ...

الإثنين/21/أبريل/2025 - 04:00 م

بين احتمالات الحرب وتسويات السياسة، تقف القوات الجنوبية اليوم على أعتاب محطة فارقة في مسار الصراع اليمني، حيث لم تعد مجرّد رقم عسكري في المعادلة، بل ط


بين الإنكار والاعتراف.. من يُنقذ عدن من وباء الحُميات؟ ...

الإثنين/21/أبريل/2025 - 09:10 ص

عدن، المدينة المنهكة بالأزمات، لا تقتل الحُميات فقط، بل يقتل معها التضارب الرسمي والإنكار المؤسسي، ففي الوقت الذي يخرج فيه مدير مكتب الصحة لينفي وجود