آخر تحديث :الأربعاء - 16 يوليو 2025 - 12:33 ص

جدتي... الغياب الذي لا يُعوّض، والفراغ الذي لا يُملأ!

السبت - 22 فبراير 2025 - الساعة 08:53 ص

حسين القملي
الكاتب: حسين القملي - ارشيف الكاتب



سبع سنوات مضت منذ أن رحلتِ، لكن الحزن الذي خلّفه غيابكِ لم يهدأ يومًا، بل صار جزءًا من روحي، كظلٍّ لا يفارقني، وكجرح لا يلتئم مهما مرّ الزمن، كنتِ لي أكثر من جدة، كنتِ أمي الثانية، وملاذي في الأوقات الصعبة، واليد التي تمسح عني وجع الأيام، والروح التي كانت تجعل العالم أكثر دفئًا وأمانًا.

أتساءل كثيرًا، كيف تستمر الحياة رغم كل هذا الغياب؟ كيف يستيقظ الصباح دون صوتكِ الذي كان يملأ البيت دفئًا؟ كيف يمضي العمر دون نظرة عينيكِ التي كانت تخبرني دون كلمات أنكِ معي، وأن كل شيء سيكون بخير؟ منذ أن غبتِ، وأنا أشعر أن شيئًا ما قد انكسر داخلي، شيء لم يعد الزمن قادرًا على إصلاحه، فراغ لا يملؤه شيء، ولا يخفف ثقله سوى الذكرى.

جدتي، لم يكن فقدانكِ مجرد لحظة حزن، بل كان نقطة تحول في حياتي، لحظة فاصلة بين زمن كنتُ أشعر فيه بالأمان مهما قست الدنيا، وزمن آخر فقدتُ فيه جزءًا من روحي، وكأنني أصبحتُ شخصًا آخر، شخصًا يحمل داخله حنينًا لا نهاية له، كنتِ الحضن الذي ألجأ إليه كلما شعرتُ بالضياع، كنتِ اليد التي تنتشلني من ضعفي، والصوت الذي يمنحني الطمأنينة عندما يعلو ضجيج الحياة.

لا زلتُ أذكر تفاصيل وجهكِ، رائحة يديكِ، دفء حضنكِ، وطريقة نطقكِ لاسمي التي كانت تحمل من الحب ما لا يستطيع العالم كله أن يمنحني إياه.. أشتاق إليكِ في كل لحظة، في كل موقف كنتِ ستكونين فيه أول من أخبره، وأول من يحتضن فرحتي أو يواسيني في حزني، كنتِ أول من يفرح بنجاحي، وأول من يحمل عني همومي، واليوم، وأنا أقف أمام هذه الحياة بدونكِ، أشعر وكأنني فقدتُ بوصلتي، وكأن روحي تائهة في عالم لم يعد يشبهني.

جدتي، أتذكركِ في أبسط الأشياء، في دعائكِ الذي كنتِ ترددينه كل صباح، في صوت ضحكاتكِ التي كانت تملأ البيت نورًا، في يديكِ اللتين كنتِ تربتين بهما على كتفي وكأنكِ تطمئنين قلبي أنني لست وحدي، لكنني الآن وحدي، أشعر أن العالم صار أبرد، وأكثر وحدة، وأكثر قسوة.

أعلم أنكِ في مكان أفضل، حيث لا ألم ولا تعب، لكن ذلك لا يخفف من وجعي، ولا يجعلني أشتاق إليكِ أقل، بل ربما يزيد شوقي إليكِ، فأنا أعيش على أمل أن يجمعني الله بكِ يومًا ما، حيث لا فراق بعده، ولا دموع، ولا حزن.

جدتي، كنتِ دائمًا تقولين لي: "لا تخف، أنا معك"، واليوم، وأنا أواجه الحياة بدونكِ، أشعر أنني خائف أكثر من أي وقت مضى، وحيدًا رغم كل من حولي، لأن وجودكِ كان يجعل كل شيء أكثر احتمالًا، وأكثر دفئًا.

رحلتِ، لكنكِ لم ترحلي عن قلبي، لم ترحلي عن دعواتي، لم ترحلي عن كل نجاح أخطوه، لأنني أعلم أنكِ هناك، تبتسمين لي من بعيد، فخورة بي كما كنتِ دائمًا، تباركين طريقي بصمت، كما كنتِ تفعلين حين كنتِ هنا.

جدتي، أسأل الله أن يجعل قبركِ روضة من رياض الجنة، وأن يسكنكِ الفردوس الأعلى، وأن يجمعني بكِ يوم القيامة تحت ظل رحمته.. حتى ذلك اليوم، ستبقين دائمًا في قلبي، حيّة في روحي، نابضة في ذاكرتي، لأن الحب الذي زرعتِه فيني لا يمكن أن يموت، ولأنكِ ببساطة... كنتِ كل شيء.




شاهد أيضًا

الرئيس الزُبيدي في جولة تفقدية بهيئات الانتقالي: الانضباط ال ...

الثلاثاء/15/يوليو/2025 - 05:23 م

قام الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، اليوم الثلاثاء، بزيارة تفقدية لهيئات المجلس الا


الزُبيدي يعود إلى عدن بعد جولة خارجية ...

الثلاثاء/15/يوليو/2025 - 07:24 ص

عاد الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، مساء الإثنين، إلى العاصمة عدن، عقب جولة خارجية


طارق صالح يرفض حضور لقاء العليمي ويوفد نائبه.. خلافات عميقة ...

الإثنين/14/يوليو/2025 - 10:28 م

رفض العميد طارق محمد عبدالله صالح، عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، حضور اللقاء الذي دعا إليه رئيس مجلس القيادة الرئا


طفل وجالون ماء.. صورة تختصر أزمة وطن! ...

الإثنين/14/يوليو/2025 - 08:50 ص

في زقاقٍ منسيّ بمدينة لحج، يقف طفل صغير بجانب دِبب الماء، في مشهدٍ عابرٍ للعدسات، لكنه جارح للضمير. بين أنابيب صدئة وصفوف الجالونات الصفراء، تتجلّى حق