آخر تحديث :الإثنين - 21 يوليو 2025 - 05:45 ص

اخبار العالم


المرأة التونسية تحجز مكانة متقدمة عالميا في العلوم والبحوث الأكاديمية

الأحد - 20 يوليو 2025 - 09:32 م بتوقيت عدن

المرأة التونسية تحجز مكانة متقدمة عالميا في العلوم والبحوث الأكاديمية

العين الثالثة/ متابعات

لم يأت اختيار لجنة التحكيم التابعة لموسوعة الشخصيات النسائية العربية للتونسية عقيلة المليتي، كواحدة من أبرز الشخصيات النسائية العربية لعام 2025، غريبا أو استثناء بالنظر إلى ما حققته النساء التونسيات من إنجازات علمية واجتماعية وصلت إلى العالمية وأكدته الدراسات والإحصاءات العديدة منذ سنوات.

وتوجت موسوعة “الشخصيات النسائية العربية الرائدة” التي تصدر عن شبكة إعلام المرأة العربية، المليتي تقديرا لسيرتها الذاتية الغنية وإنجازاتها المتميزة في مجال تمكين المرأة والعمل المجتمعي.

ويُعد هذا التكريم اعترافا بمكانة المرأة التونسية ودورها الريادي في مختلف المجالات، ويؤكد على قدرة الكفاءات النسائية في تونس على التميز والتأثير في المحيطين الوطني والعربي.

وتعيش تونس تحوّلا مجتمعيا هائلا يتجلى في اهتمام الأسر التونسية بارتفاع مستوى التعليم بين الإناث مقارنة بالذكور، وهو توجّه يترسّخ بشدة مع ارتفاع نسبة الإناث المسجّلات بمؤسسات التعليم العالي التونسي.

وأكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي في تونس منصف بوكثير أن تونس تقطف اليوم ثمار الآثار الإيجابية للسياسات المتبعة منذ الاستقلال لضمان النفاذ المبكر للفتيات إلى المدرسة وترسيخ السّلم الاجتماعي القائم على الجدارة.

اهتمام الأسر التونسية برفع مستوى التعليم توجه يترسخ بشدة مع ارتفاع نسبة الإناث المسجلات بمؤسسات التعليم العالي

وأضاف الوزير في كلمة خلال مشاركته في أشغال المنتدى العالمي لليونسكو في باريس خلال الاحتفال بالذكرى الـ25 لبرنامج “لوريال – اليونسكو” لصالح النساء في مجال العلوم، أنّ تونس ومنذ استقلالها كانت سبّاقة في اعتماد خيارات تقدّمية وجريئة قائمة على الحقّ العالمي في النفاذ إلى التعليم وتعزيز حقوق المرأة. كما أشار إلى أن المشاركة تهدف إلى الاطلاع على تجربة البرنامج في مجال تشجيع المرأة في الاختصاصات العلمية.

وذكّر الوزير بأنّ تونس تسجّل اليوم نسبة 66 في المئة من الإناث من مجموع الطلبة في الجامعة التونسية، إذ بلغ متوسط نسبة الطالبات في مجال العلوم 62 في المئة، ووصل إلى حدود 73 في المئة في مجال الصحة والخدمات الاجتماعية، كما تمثّل الإناث نسبة 48 في المئة من الطلبة في مجال الهندسة والصناعات الإنتاجية والبناء.

وتسجل الجامعات التونسية أداء أفضل للإناث، إذ إن 70 في المئة من الخرّيجين هم من الإناث.

كما أن عدد الأطباء الإناث في تونس يفوق عدد الأطباء الذكور، وتمثل الإناث الأغلبية من بين خرّيجي الدكتوراه في الصحة والعلوم الاجتماعية والاقتصادية والتّصرّف والقانون. وإضافة إلى ذلك، بلغت تونس مستوى متساويا بين الجنسين في العلوم الطبيعية والهندسة.

ويضمّ إطار التدريس في الجامعات التونسية أكثر من خمسين في المئة من الإناث من مختلف الرتب والتخصصات. كما يغلب على قطاع البحث العلمي الحضور النسائي، حيث تمثل الإناث أكثر من 56 في المئة من مجموع الباحثين.

مسار النساء يعكس الاهتمام العلمي في تونس، وقدرة الكفاءات الوطنية على التميز داخل أعرق المحافل العلمية الدولية

وتعكس الأرقام التي تسجّلها تونس أهمية سياسات التعليم الشامل التي تتخذها الدولة في مرحلة مبكرة جدا، فكلما ارتفع مستوى التعليم، زادت أهمية مكانة المرأة في مناصب صنع القرار وفق الوزير.

واحتلت تونس المرتبة الثانية عالميا في مشاركة الفتاة والمرأة في مجال العلوم، متفوقة في ذلك على نساء فرنسا وإيطاليا، فيما أحرزت هولاندا المرتبة الأولى، وذلك وفق دراسة عالمية.

وتعتبر رانية التوكابري، المهندسة التونسية في علوم الفضاء، أحد الوجوه الصاعدة في مجال البحث الفضائي العالمي. ففي العشرين من يونيو 2025، حازت على “جائزة التميز النسائي” من قبل منظمة “فرنسا أوروبا – المتوسط” خلال حفل رسمي نُظّم بمقر مجلس الشيوخ في باريس.

وقد تولّى سفير تونس في فرنسا ضياء خالد تسليم هذه الجائزة المرموقة إلى التوكابري، بحضور عدد كبير من الشخصيات السياسية والعلمية والأكاديمية والثقافية من فرنسا وخارجها.

وتأتي هذه الجائزة تقديرا لمسار علمي استثنائي، يغذّيه شغف عميق بتكنولوجيا الفضاء وانضباط أكاديمي صارم تشكّل منذ مقاعد الجامعة التونسية. فقد تخرّجت التوكابري من المعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا ثم واصلت دراستها العليا في فرنسا، حيث نالت عدة شهادات ماجستير متخصصة، قبل أن تلتحق بألمانيا كباحثة في جامعة لوبيك.

وبفضل خبرتها، أصبحت التوكابري جزءا من كبرى المهمات الفضائية في العالم حاليا، من بينها مشروع “آرتيميس”، أول مهمة مأهولة إلى القمر في القرن الحادي والعشرين، بإشراف وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، وبشراكة مع الوكالة الفضائية الأوروبية وشركة أيرباص.

في المئة نسبة الإناث من مجموع الطلبة في مختلف الجامعات التونسية

لكن مساهماتها العلمية لا تقتصر على هذا المشروع فحسب، إذ تشارك التوكابري أيضا في برنامج الدفاع الكوكبي، ومهمة لاستكشاف أقمار كوكب المشتري الجليدية، بالإضافة إلى مشاركتها في تطوير تلسكوب فضائي، ومؤخرا في المشروع الطموح لبناء محطة فضاء خاصة تحت اسم ستارلاب.

ويعكس هذا المسار المتميّز الاهتمام العلمي في تونس، وقدرة الكفاءات الوطنية على التميّز داخل أعرق المحافل العلمية الدولية. وقد وصفت السفارة التونسية في باريس التوكابري بأنها “فخر وطني” و”نموذج مشرق للمرأة العالمة التونسية”.

وتُعدّ قصة رانية التوكابري مصدر إلهام حقيقي للشباب التونسي، وخاصة للفتيات اللواتي يطمحن إلى دخول مجالات العلوم، وهي تبرهن أن الجرأة والمثابرة والانضباط تفتح الأبواب على مصراعيها حتى أبواب الفضاء.

وتناهز نسبة طالبات العلوم في تونس الـ67 في المئة، كما تمثّل النساء اللّواتي يدرسن بالجامعات التونسية نسبة هامّة، وهي نجاحات توارثتها أجيال وجعلت المرأة تحتلّ مكانة هامة في مواقع القرار، وفق تصريحات مديرة العلوم بمدينة العلوم في تونس نجوى باي.

وأكدت نساء تونسيات رائدات في مجال العلوم أنّ المثابرة والعزيمة والشغف وراء نجاحهن في مجال عملهن.

وقالت النساء المختصات في مجالات الهندسة والرقمنة والتكنولوجيا، خلال مشاركتهن في تظاهرة علمية نظمتها مدينة العلوم بتونس بمناسبة اليوم العالمي للمرأة والفتاة في مجال العلوم، الموافق للحادي عشر من فبراير من كل عام، إن مسارهن المهني لم يكن سهلا إلا أنهن نجحن في تحدي كل الصعوبات والعقبات التي اعترضتهنّ بفضل شغفهن بالمجال الذي يعملن فيه.

مكان في المقدمة

ولفتت المهندسة المختصّة في الهندسة المدنية والرئيسة المديرة العامة لوكالة التجديد والتهذيب العمراني بوزارة التجهيز والإسكان سندس الباجي كريّم إلى أنّ ما يميّز مسارها المهني هو تعدد مجالاته، فقد تولت عدة مرات رئاسة مشاريع عمل يختلف كل مشروع منها عن الآخر في الاختصاص والأهداف، الأمر الذي مكّنها من التزوّد بخبرة واسعة ومن اكتساب كفاءات متنوّعة ساعدتها كثيرا على التدرّج نحو مناصب أرفع في عملها.

ونصحت المتحدّثة الفتيات والنساء النشاطات في مجال العلوم بالخصوص بعدم الاكتفاء بما تعلّمنه في الجامعة أو من تجربة عمل وحيدة والحرص على النّهل من مختلف الاختصاصات العلمية ومواكبة المستجدات خاصة وأنّ مجال العلوم يشهد تطورات سريعة عبر العالم.

من جهتها، أوصت مديرة الموارد البشريّة بأحد أكبر المجامع الصناعيّة بتونس عفاف خضير بضرورة عدم التردد في العمل في مجال مختلف تماما عن اختصاص الدراسة، مشددة على أن الشغف عندما يتوفر بمجال ما يتحقق التميّز والتألّق.

وبينت خضير أنها تحصلت على شهادة علميّة جامعية في مجال الهندسة، إلا أنها تنشط حاليا في مجال مختلف تماما عن اختصاصها وهو مجال إدارة الموارد البشرية، مستدركة أن العمل في مجال مغاير للاختصاص يتطلّب في المقابل الحرص على التكوين المستمرّ وإثراء التجارب وتعميقها.

وأفادت مديرة العلوم بمدينة العلوم في تونس نجوى باي بأن النساء والفتيات التونسيات اقتحمن اليوم جميع المجالات المهنية بما في ذلك العلوم، وتمكنّ من تحقيق نجاحات كبيرة وصلت حدّ التفوّق على الرجل في العديد من الأحيان، الأمر الذي أثبتته العديد من الدراسات والإحصائيات الرسمية، وفق قولها.

وفي عام 2020، منح تصنيف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) المرأة التونسية المرتبة الأولى ضمن قائمة الأفريقيات والعربيات الرائدات في مجال البحث العلمي، حيث إن 55.1 في المئة من الباحثين التونسيين من الإناث، وهي أكبر نسبة في أفريقيا والعالم العربي.

واستند التصنيف إلى بيانات يونيو 2020 لمعهد الإحصاء التابع للأمم المتحدة، ومنح الدولة الواقعة شمال أفريقيا أفضل ترتيب، متقدمة في ذلك على الجزائر بنسبة 47.1 في المئة ومصر 45.6 في المئة وجنوب أفريقيا 44.9 في المئة وكذلك على المغرب 33.8 في المئة.

وتصدرت تونس للمرة الثانية على التوالي العالم العربي وأفريقيا في ترتيب اليونسكو، حيث حققت في عام 2021 درجة مماثلة تقريبا. وأشارت اليونسكو في تقرير منفصل في عام 2021 إلى أن 65 في المئة من التونسيين الحاصلين على درجة البكالوريوس و69 في المئة من حملة الدكتوراه كانوا من الإناث.

كما كشف تقرير صادر عن نفس المنظمة في العام 2019، عن تفوق الباحثات التونسيات دوليا في مجال البحث العلمي والابتكار. وأكد التقرير أن المرأة التونسية تصدرت قائمة الدول العربية بنسبة 55 في المئة مقابل متوسط 39 في المئة للمنطقة العربية، وذلك في إطار مقاربة جندرية حول حصة المرأة في مجال البحوث العلمية مقارنة مع الرجل.

وقالت سامية الشرفي قدور، مدير عام البحث العلمي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي التونسية، إن البحث العلمي هو مصعد اجتماعي للمرأة يمكّنها من كسب استقلاليتها عن طريق البحث والمثابرة والحصول على شهادات عليا، مشيرة إلى أنه يشمل الرياضيات والفيزياء والعلوم الصحيحة بصفة عامة وأيضا علوم الحياة والأرض والعلوم الطبية والإنسانية والاجتماعية.

وأضافت أن في الجامعات وفي مؤسسات البحث العلمي التونسية يوجد 600 مخبر ووحدة بحث و24 ألف أستاذ جامعي 50 في المئة منهم يقومون بالبحث والتأطير، وهو ما ساعد المرأة الباحثة على التميّز.

وأكدت الشرفي قدور أن تطور البحث العلمي في تونس يأتي كنتيجة لاستثمار الدولة في التعليم العالي والبحث العلمي، مشيرة إلى أن تونس وحسب أرقام للمنظمة الدولية للملكية الفكرية في عام 2018 احتلت المرتبة الـ66 في البحث والتجديد، والمرتبة الـ14 في ما يخص المنشورات العلمية، والمرتبة الـ43 عالميا في ما يخص مؤشرات الإنتاج العلمي.

وأشارت إلى أن 60 في المئة من الطلبة في الجامعات التونسية هم من الإناث وثلثي المتخرجين نساء.

وقالت قدور إن نسبة 70 في المئة من المتخرجين في الطب هم من الإناث لكن ليس لدى النساء والرجال نفس الحظوظ في سوق الشغل بعد التخرج، مشيرة إلى أن “لدينا شوط كبير في مجال المساواة بين الجنسين”.

شاهد أيضًا

عدن على حافة فقدان أملٍ طبي.. "وحدة المناظير" في مستشفى الصد ...

الأحد/20/يوليو/2025 - 10:30 م

في قلب العاصمة عدن، وتحديداً داخل مركز الأورام بمستشفى الصداقة، تقاوم "وحدة المناظير" في صمت الانهيار الوشيك الذي يهدد بقاءها، وسط ظروف اقتص


جنوبٌ على حافة التحوّل.. ما بين هيكلة القوة وبناء السيادة ...

الأحد/20/يوليو/2025 - 10:00 م

في زمن التقلّبات الإقليمية والعواصف الداخلية، لا تُولد الدول إلا من رحم النظام والانضباط، ومن هنا، يعيد الجنوب ترتيب بنيته العسكرية ليس كاستعراض قوة،


الرئيس الزُبيدي يعين أنور التميمي ناطقًا رسميًا باسم المجلس ...

الأحد/20/يوليو/2025 - 09:09 م

أصدر الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم الأحد الموافق 20 يوليو، القرار رقم (14) لعام 2025، قضت مادته الأولى بتعيي


وحدة القيادة ليست رفاهية.. الزُبيدي يعيد تعريف دور القائد في ...

الأحد/20/يوليو/2025 - 09:00 م

في اللحظات الفارقة من مسار الشعوب، لا تُقاس قوة الجيوش بعدد البنادق، بل بمدى وعي القادة ووضوح البوصلة، وفي الجنوب، حيث تتقاطع المعركة مع المشروع، يقدّ