آخر تحديث :السبت - 20 سبتمبر 2025 - 11:46 م

منوعات


إنفيديا في الصين.. رحلة مليئة بالتقلبات

السبت - 20 سبتمبر 2025 - 10:20 م بتوقيت عدن

إنفيديا في الصين.. رحلة مليئة بالتقلبات

العين الثالثة/ متابعات

يشهد سباق التكنولوجيا العالمي تحولات متسارعة مع اشتداد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة في ميدان الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.

تُدرك بكين أن السيطرة على هذه الصناعة تمتد لتشمل أبعاداً أمنية واستراتيجية، ما يجعل الرقائق بمثابة "وقود العصر الرقمي" الذي لا غنى عنه لضمان النفوذ الدولي.

وتسعى الصين في هذا السياق إلى تقليص اعتمادها على الشركات الأجنبية وتعزيز قدراتها الذاتية، في ظل القيود الأميركية المتزايدة على تصدير الشرائح المتقدمة. وبينما تتحرك واشنطن لكبح الطموحات الصينية

تعمل بكين على تحويل الضغوط إلى فرصة لتعجيل بناء منظومة محلية متكاملة قادرة على المنافسة والصمود أمام التحديات المستقبلية.

موقف الصين
وفي الوقت الذي تكثف فيه بكين جهودها لتعزيز صناعتها المحلية والتنافس مع الولايات المتحدة، كشفت صحيفة "فايننشال تايمز"، عن أن هيئة تنظيم الإنترنت في الصين حظرت على أكبر شركات التكنولوجيا في البلاد شراء شرائح الذكاء الاصطناعي من شركة إنفيديا.

أبلغت إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين الشركات، بما في ذلك علي بابا وبايت دانس هذا الأسبوع بإنهاء اختباراتها وطلباتها على RTX Pro 6000D، منتج إنفيديا المصمم خصيصاً للبلاد.

وكانت عدة شركات قد أشارت إلى أنها ستطلب عشرات الآلاف من RTX Pro 6000D، وبدأت في اختبار العمل والتحقق مع موردي الخوادم لشركة إنفيديا. فيما نقلت الصحيفة عن مصادرها أن "الشركات أبلغت مورديها بوقف العمل بعد تلقي أمر هيئة المنافسة".

يتجاوز هذا الحظر التوجيهات السابقة الصادرة عن الجهات التنظيمية التي ركزت على H20، وهي شريحة أخرى من إنتاج إنفيديا مخصصة للصين فقط، وتُستخدم على نطاق واسع في مجال الذكاء الاصطناعي.

يأتي ذلك بعد أن خلصت الجهات التنظيمية الصينية إلى أن أداء الرقائق المحلية يُضاهي أداء نماذج إنفيديا المستخدمة في الصين.
وتضغط بكين على شركات التكنولوجيا الصينية لتعزيز صناعة أشباه الموصلات المحلية في البلاد وكسر اعتمادها على شركة إنفيديا حتى تتمكن من المنافسة في سباق الذكاء الاصطناعي ضد الولايات المتحدة.

وقال مسؤول تنفيذي في إحدى شركات التكنولوجيا: "الرسالة الآن واضحة وضوح الشمس.. في السابق، كان الناس يأملون في تجديد إمدادات إنفيديا إذا تحسن الوضع الجيوسياسي. أما الآن، فالجميع متكاتف لبناء النظام المحلي".

وكانت شركة إنفيديا قد بدأت في إنتاج شرائح مخصصة للسوق الصينية بعد أن منع الرئيس الأميركي السابق جو بايدن الشركة من تصدير منتجاتها الأقوى إلى الصين، في محاولة لكبح تقدم بكين في مجال الذكاء الاصطناعي.

استدعت الجهات التنظيمية في بكين مؤخرا شركات تصنيع الرقائق المحلية مثل هواوي وكامبريكون، بالإضافة إلى علي بابا وشركة محرك البحث العملاقة بايدو، والتي تصنع أيضا أشباه الموصلات الخاصة بها، للإبلاغ عن كيفية مقارنة منتجاتها مع رقائق إنفيديا الصينية، وفقا لأحد الأشخاص المطلعين على الأمر.

وذكر التقرير أنهم خلصوا إلى أن معالجات الذكاء الاصطناعي التي تنتجها الصين وصلت إلى مستوى مماثل أو يتجاوز مستوى منتجات إنفيديا المسموح به بموجب ضوابط التصدير.
أهداف بكين
تقول الكاتبة الصحافية الصينية، سعاد ياي شين هوا، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه "من منظور الحكومة الصينية، يحمل القرار أبعاداً استراتيجية عميقة؛ فالولايات المتحدة تستمر في تصعيد القيود على صادرات الرقائق إلى الصين، بدءاً من منع بيع أحدث شرائح إنفيديا وصولًا إلى تقييد النسخ المخففة مثل A800 وH800، في محاولة واضحة لإبطاء التقدم الصيني في الذكاء الاصطناعي."


وتشير إلى أن "إجراءات الصين تأتي كرد فعل مشروع على هذه القيود، لكنها في الوقت نفسه تمثل دفعة قوية لصناعة الرقائق المحلية، وهو انتقال من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، بما يعكس عزم بكين على التخلص من الاعتماد الخارجي وضمان أمن سلاسل التوريد."

وتضيف شين هوا: "لقد أصبحت الرقائق بمثابة نفط العصر الرقمي، وهي ترتبط بالأمنين الاقتصادي والدفاعي للدول. والاعتماد على الشرائح الأجنبية لا يعرّض فقط لمخاطر انقطاع الإمدادات، بل قد يحمل أيضاً تهديدات أمنية. ومن هنا تسعى الصين إلى السيطرة على التقنيات الحيوية وإدارتها ذاتياً".

وتستطرد: "هناك أيضاً بُعد بيئي مهم؛ إذ إن بعض شرائح إنفيديا، مثل H20، تقدم قدرة حسابية محدودة مقارنة بالشريحة الرائدة H100، لكنها تستهلك كميات هائلة من الطاقة، وهو ما يتعارض مع المعايير البيئية الصينية. لذلك، فإن الحظر يوجّه السوق نحو حلول محلية أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة، بما يتماشى مع استراتيجية التنمية الخضراء وتقليل الانبعاثات الكربونية."

وتتابع : "أما من منظور الشركات الصينية، فالتحديات على المدى القصير واضحة؛ حيث تواجه ضغوطاً لإعادة هيكلة سلاسل التوريد وإعادة تصميم أنظمتها لتتلاءم مع الشرائح المحلية مثل منتجات هواوي، وهو ما قد يؤخر بعض المشاريع. لكن على المدى الطويل، يفتح القرار الباب أمام نمو هائل لسوق الرقائق المحلية." وتشير شين هوا إلى أن "شركات كبرى مثل بايت دانس بدأت بالفعل في رفع نسبة اعتمادها على الشرائح المحلية (..)".
وأعرب الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، جنسن هوانغ، عن خيبة أمله إزاء التطورات الأخيرة في السوق الصينية، مشيراً خلال مؤتمر صحافي في لندن إلى أن استمرار عمل الشركة هناك مرهون بقرار السلطات، رغم أن إنفيديا قدّمت إسهامات تفوق ما قدّمته دول أخرى. وأوضح أن للصراع بين بكين وواشنطن أبعاداً أوسع من قطاع التكنولوجيا، ما يجعل وضع الشركة في الصين غير مستقر، لافتاً إلى أنه طلب من المحللين الماليين استبعاد السوق الصينية من التوقعات المستقبلية بسبب تقلباتها واعتمادها الكبير على مسار العلاقات السياسية بين القوتين.


خيبة أمل
وتحدث الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، جينسن هوانغ، عن معاناة عملاق التكنولوجيا الأميركي في الصين، قائلاً إنه شعر بخيبة أمل، بعد أن ذكرت صحيفة فاينننشال تايمز يوم الأربعاء أن إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين أمرت الشركات بما في ذلك شركة بايت دانس، الشركة الأم لتيك توك، وعلي بابا بعدم شراء RTX Pro 6000D من إنفيديا، وهي شريحة تم تصنيعها للبلاد.

وأضاف: "لا يمكننا أن نكون في خدمة السوق إلا إذا كانت البلاد تريد ذلك.. ربما أسهمنا في السوق الصينية أكثر مما أسهمت به معظم الدول. وأنا أشعر بخيبة أمل مما أراه. لكن لديهم أجندات أوسع نطاقًا للعمل عليها بين الصين والولايات المتحدة، وأنا أتفهم ذلك"، بحسب ما نقلته شبكة "سي إن بي سي" الأميركية.
ويأتي ذلك بعد سنوات مضطربة بالنسبة لأعمال إنفيديا في الصين، والتي وصفها هوانغ بأنها "أشبه برحلة مليئة بالتقلبات".

قال هوانغ للصحفيين يوم الأربعاء في مؤتمر صحافي بلندن: "لقد وجهنا جميع المحللين الماليين بعدم إدراج الصين في التوقعات المالية.. السبب في ذلك هو أن هذا الأمر سيقتصر بشكل كبير على مناقشات حكومتي الولايات المتحدة والصين".

الآثار المحتملة
من جانبه، يقول أستاذ علم الحاسوب وخبير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات في السيليكون فالي كاليفورنيا، الدكتور حسين العمري، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن:

منع الصين لشركاتها من شراء شرائح الذكاء الاصطناعي من إنفيديا وإلغاء الطلبات "هذا إجراء ذو تبعات كثيرة، ويمكن فهمه من عدة جوانب سياسية واقتصادية وأمنية وتكنولوجية.
القرار جاء في سياق رغبة صينية واضحة لتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية، وبالتحديد شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدمة، وتنفيذ استراتيجية تقنية تركز على القدرات المحلية.
الصين تقول إن أمثال تلك الشرائح لم تعد ضرورية لأنها تقدر أن رقائقها المحلية أصبحت تقارن أو تنافس هذه المنتجات الأمريكية من حيث الأداء في بعض الاستخدامات
ويشرح الدوافع المحتملة من جانب الصين، على النحو التالي:

السيادة التكنولوجية: الصين تريد أن تكون أكثر اعتماداً على نفسها في مجال الشرائح والمعالجات، لتقليل التأثر بالعقوبات الخارجية أو القيود المفروضة من الولايات المتحدة أو غيرها. هذا جزء من استراتيجية أوسع لتعزيز الصناعات المحلية.
السياسات الأمنية والخصوصية: بعض الطلبات الصينية ربما مبنية على مخاوف من أن الشريحة الأميركية قد تحتوي على مكوّنات برمجية أو عتادية تُستخدم في التجسس أو مراقبة البيانات. لذا التحكم بالاستيراد يُنظر إليه كجزء من حماية البيانات والأمن.


وحول الآثار المتوقعة على إنفيديا، يشير إلى احتمالات:

خسارة المبيعات والإيرادات في سوق كبير مثل الصين، خاصة لشرائح موجهة خصيصًا له مثل RTX Pro 6000D.
تأثير سلبي محتمل على سمعتها في الصين، وعلى علاقاتها مع الشركات الصينية الكبرى التي كانت تفكّر في أو قامت بطلبات قبل القرار.
قد تدفع إنفيديا إلى مزيد من الابتكار في الشرح عندما يكون هناك تنافس أو الحاجة لتقديم منتجات تحقق توازناً بين الأداء والامتثال للقيود القانونية والسياسات التصديرية.

ردّ على العقوبات والضغط الأميركي: الولايات المتحدة سبق أن فرضت قيود تصدير على بعض شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدمة، مما حد من قدرة إنفيديا ومنتجين آخرين على بيع هذه الرقائق إلى الصين بسهولة. الصين تردّ بخطوات لضمان أن لا تكون في موقف ضعف أو اعتماد كامل.
تعزيز الصناعة المحلية: الاتجاه نحو دعم الشركات التكنولوجية الصينية لإنتاج شرائح محلية أفضل، وربما أرخص، مع بناء خبرة وابتكار في هذا المجال.
أما لجهة الآثار المرتبطة بالصين، فيضيف:

الضغط على الشركات المحلية لتسريع تطوير رقائقها الخاصة، مما قد يُدعم الاستقلال التقني على المدى الطويل.
قد تواجه بعض الشركات تأخيرات أو صعوبة للحصول على الشرائح ذات الأداء العالي إذا كانت الشرائح المحلية لم تصل بعد إلى نفس المستوى في كل المجالات.
تأثير على البحث والتطوير، أو المشاريع التي كانت تعتمد على تقنيات معينة من إنفيديا، حيث قد تحتاج إلى تعديل البُنى التحتية أو الاعتماد على بدائل.

عالمياً، هذا القرار يزيد من التنافس في سوق الشرائح؛ ربما تنهض شركات صينية وتحقق قدرات منافسة، مما قد يقلل من هيمنة بعض الشركات الأميركية على هذا المجال. كما أنه من ناحية أخرى، مثل هذه الخطوات قد تُفاقم التوترات بين الولايات المتحدة والصين بخصوص التكنولوجيا والتجارة، وربما تؤدي إلى مزيد من القيود المتبادلة

شاهد أيضًا

حملة مأجورة تفشل في التشويش على مالية وبشرية القوات المسلحة ...

السبت/20/سبتمبر/2025 - 05:25 م

شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية ظهور مقالات مجهولة المصدر، سعت إلى التشويش على أداء الدائرتين المالية والبشرية في القوات المسلحة الجن


طلاب جامعة عدن بين فكي "الدولار" و"الريال".. التزام مبكر يتح ...

السبت/20/سبتمبر/2025 - 03:14 م

حصلت العين الثالثة على رسالة مسربة من طلاب كلية الطب بجامعة عدن، تكشف عن أزمة مالية وأكاديمية جديدة تهدد ثقة الطلاب في مؤسستهم التعليمية، وتطرح تساؤلا


إفتـهان صرخت بأسماء قتلتها.. لكن السلطات تجاهلت حتى نفّذوا ا ...

السبت/20/سبتمبر/2025 - 12:33 م

تتكشف يوماً بعد آخر تفاصيل مأساة مقتل الشابة إفتـهان في مدينة تعز، والتي تحولت قضيتها إلى مرآة للفوضى الأمنية والتواطؤ المؤسسي الذي يغلّف أجهزة الدولة


ناشطون يذكّرون بتجربة عدن.. منتقدو ضبط السلاح اليوم يذوقون ج ...

السبت/20/سبتمبر/2025 - 12:26 م

في خضم موجة الغضب الشعبي التي تعصف بمدينة تعز، تداول ناشطون مقاطع فيديو سابقة تظهر حملات الشرطة العسكرية في العاصمة عدن أثناء مصادرتها للأسلحة غير الم