تتواصل جهود الأهالي لانتشال جثث القتلى من تحت الأنقاض والركام، فيما تتضاءل فرص العثور على ناجين قيد الحياة من الانزلاق الأرضي الذي ضرب قرية ترسين بمنطقة جبل مرة غرب السودان، الأحد الماضي، وأودى بحياة المئات، في أسوا كارتة طبيعية تشهدها منطقة غرب دارفون المنكوبة أصلاً جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من 870 يوماً.
قبعد نحو يومين من بدء البحث عن ناجين في المنطقة، قال محمد الناير، المتحدث باسم حركة تحرير السودان، التي يقودها عبد الواحد نور، وتسيطر على المنطقة، إنه جرى انتشال 100 جنة على الأقل حتى مساء الأربعاء، من بين 1000 شخص يرجحأنهم لقوا حتفهم في الكارثة. وأضاف في تصريح لـ �الشرق الأوسط�، أن عمليات البحث لا تزال مستمرة، ولم تتمكن بعد من الحصول على أرقام أكثر دقة عن الناجين أو القتلى، وقال إن وعورة الطرق وتساقط الأمطار الغزيرة بحدان من الوصول إلى البلدة الثانية في عمق الجبل، في حين لا توجد وسائل اتصال، مما يصعب مهمتنا في تحديث المعلومات، مشيراً إلى أن الأمر يتطلب السير على الأقدام أو عبر الدواب لعدة ساعات للوصول إلى أقرب منطقة داخل نطاق شبكة الاتصالات لتزويدنا بالمستجدات ..
لا فرق إنقاذ في المنطقة وفي حين لم تصل بعد فرق إنقاذ محلية أو دولية، يبحث الأهالي بين أكوام الطين والصخور المتراكمة مستخدمين المجارف والحفر بالأيدي لإزالة الأنقاض عن الضحايا. وذكر الناير أن رئيس السلطة المدنية، عبد الواحد النور، سيصل خلال الساعات المقبلة إلى منطقة ترسين المنكوبة التي تقع في نطاق سيطرة الحركة بمنطقة جبل مرة غرب دارفور، ويطلق عليها (الأراضي المحررة).
والاثنين الماضي قالت حركة �جيش تحرير السودان. إن أكثر من 1000 شخص لقوا حتفهم في انهيار أرضي دمر القرية، ولم ينج سوى شخص واحد، مناشدة الأمم المتحدة. والمنظمات الإنسانية التدخل والمساعدة في انتشال القتلى الذين ما زال المئات منهم مدفونين تحت الركام وأعلنت الحكومة السودانية في بيان الثلاثاء - الأربعاء، تمديد فتح معبر أدري الحدودي مع الجارة تشاد. تزامناً مع كارثة قرية ترسين.
وناشدت الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الإنسانية تقديم المساعدات المطلوبة للمواطنين ومقابلة الاحتياجات العاجلة في المنطقة بالتنسيق مع أجهزة الدولة المعنية.
دعوات دولية وأهمية ودعت الولايات
المتحدة الأطراف المتحاربة إلى السماحبوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى موقع الكارثة وإلى جميع أنحاء البلاد. وقالت السفارة الأميركية لدى السودان، في بيان على موقع �فيسبوك�، أن الولايات المتحدة تعبر عن تعازيها في حادثة الانهيار الأرضي التي وقعت في غرب دارفور وأضاف البيان: يعد السودان أكبر أزمة إنسانية في العالم، وهذه الكارثة الطبيعية الأخيرة تزيد من معاناة الشعب السوداني. وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي. أنها تعمل على الاستجابة العاجلة لمواجهة الكارثة، وأن الشركاء الإنسانيين للأمم المتحدة يتحركون لتقديم الدعم للسكان
المتضررين.
من جهته أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود على يوسف عن تعاطفه مع المتضررين وأسر ضحايا في كارثة الانهيار الأرضي المأساوي في منطقة جبل مرة
وتبرز مخاوف من تكرار الانهيارات الأرضية في البلدات الواقعة قرب المنطقة المنكوبة مع استمرار هطول الأمطار بغزارة هذه الأيام
وابتلعت الأرض قرية ترسين في جبل مرة بإقليم دارفور غرب السودان في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ البلاد الحديث حيث ظهر نحو ألف شخص تحت الصخور والطين في لحظات، ولم ينج سوى شخص واحد، ليروي مأساة اختفاء قرية باكملها.
وقال الناجي الوحيد إن الانزلاق الأرضي وقع بالتزامن مع أمطار غزيرة، وإنه سمع صرخات النساء والأطفال قبل أن يطمر كل شيء، ولم يتبق في ترسين أي شيء، لا بيوت ولا أشجار ولا أي أثر للحياة، بل صمت يشبه صمت المقابر.
ليست الأولى هذه المأساة ليست الأولى في جبل مرة، ففي عام 2018 شهدت قرية تريا انزلاقاً أرضياً أودى بحياة 20 نازحاً، وإصابة اکثر من 50 آخرين، إضافة إلى 6 مفقودين وفقدت أسر كاملة أبناءها.
ولا تخضع منطقة جبل مرة إدارياً وسياسياً للحكومة السودانية، أو سلطة حاكم الإقليم. أو سلطة الحكومة المدعومة من قوات الدعم السريع التي جرى تشكيلها حديثاً في مدينة نيالا، وذلك منذ اندلاع حرب دارفور الأولى عام 2003. وتسيطر قوات حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور على المنطقة منذ عقود
جبل مرة منطقة سياحية ويعد جبل مرة من أهم المناطق السياحية في السودان بطبيعته الجبلية المتميزة، وشلالاته وغاباته الساحرة. ويتكون من مجموعة قمم بركانية يبلغ ارتفاعها نحو 3 آلاف متر فوق سطحالبحر وتقع في وسط إقليم دارفون وهي منطقة تسكنها قبيلة الفور التي اشتق اسم الإقليم منها.
وتمتد سلسلة جبل مرة مئات الأميال من مدينة كاس جنوباً إلى ضواحي الفاشر شمالاً، وتغطي مساحة تقدر بنحو 12800 كيلومتر مربع، ويعد جبل مرة ثاني أعلى قمة في السودان، إذ يبلغ ارتفاعه نحو 10 آلاف قدم فوق مستوى سطح البحر.
ويسبب ارتفاعها، فإن مناخ المنطقة معتدل. وتهطل عليها الأمطار طوال فصول السنة تقريبا، وتنمو فيها الكثير الأشجار مثل
الموالح والتفاح والأشجار الغابية المتشابكة. وعبر التاريخ كانت منطقة جبل مرة ملاذاً للهاربين من نيران الحروب يحتمون بكهوفها وشعابها، لكنها تحولت اليوم إلى فخ قاتل.
ترادف المأسي وتضاف كارثة ترسين إلى سجل المعاناة التي يعيشها سكان دارفور منذ اندلاع الحرب الأولى في الإقليم عام 2003، وصولاً إلى النزاع الدائر بين الجيش و قوات الدعم السريع منذ 15 أبريل (نيسان) 2023. وطوال أكثر من 20 عاماً. ظل سكان الإقليم يعيشون حروباً وحصاراً ونزوحاً دائماً، وتحيط بهم المجاعات التي تهدد حياة الملايين، وتضربهم الأوبئة
والأمراض، في حين يحصد وباء الكوليرا الناس هناك بضراوة الآن، في ظل الهيار شبه كامل المبنى الصحية، لتكمل الكوارث الطبيعية دورة المأساة بـ ابتلاع قرية كاملة ..
واستقبلت منطقة جبل مرة في الأشهر الماضية أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في شمال دارفور وكان رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، قد تعهد بتقديم الدعم والمساندة للمتضررين من الانهيار الأرضي، داعياً إلى تدخل إنساني عاجل واسع النطاق.