آخر تحديث :السبت - 27 يوليه 2024 - 12:14 م

قرارات مجلس الرئاسة القيادي وتعزيز العصبية المناطقية في الجنوب.

الإثنين - 01 أبريل 2024 - الساعة 01:54 ص

د. صبري عفيف العلوي
الكاتب: د. صبري عفيف العلوي - ارشيف الكاتب


إن سياسة ثقافة التعصب بكل أشكاله، السياسي، والايدلوجي، والفكري، والثقافي، والمناطقي، والقبلي، في المجتمع الجنوبي، لم تكن ثقافة منتشرة وليس لها امتداد متجذر في بنية المجتمع الجنوبي العربي، وما يؤكد ذلك أن حقبة زمنية تقدر 300 عاما عاشت وتعايشت 23 سلطة ومشخية وإمارة حتى صباح يوم الاستقلال المجيد، وأن وجدت بعض الصراعات السياسية والعسكرية فقد كانت ذات طابع حدودي خاضعا لتقسيم النفوذ ولم يسجل التاريخ أي صراع مرير بين تلك الكيانات السياسية الجنوبية العربية, رغم أن تواجد الاستعمار البريطاني في الجنوب ومحاولاته في بعض الفترات صنع أزمات وإدارتها، لكنها ظلت محدودة وسريع ماتنتهي.

من تلك حقيقة التاريخية يتضح جليا أن ثقافة التعصب والعصبية ليست جنوبية النشأة بل هي مستوردة من المحتلين والدخلاء على هوية الجنوب وثقافته وعاداته الاجتماعية أي أن عمره الثقافة المدمرة للحضارات لا يتجاوز عمرها 50 عاما وهذا يؤكد أن التأثير والتأثر بشعب اليمن الشقيق كان العامل الرئيس في تأصيل هذه الثقافة والمتحفص جيدا يرى أنها لم تكن عفوية بل كانت استراتيجية متبعة لدى القوى اليمنية السياسية والعسكرية والقبلية والدينية، لهدف يسعون إليه منذ بداية القرن العشرين، والمتأمل في تاريخ تجلي ثقافة العصبية وتدرج أشكالها يرى أنها برزت في مراحل تاريخية مفصلية وولدت كوارث وصراع مميت، ففي بداية السبعينيات القرن المنصرم وبالتحديد صباح يوم الاستقلال بدأ رسم مخطط الفكري الايدلوجي ذات التوجه ( الاشتراكي الماركسي)، وكان أبناء العربية اليمنية هم رواده وعملوا على ترسيخ ثقافة التعصب منذ أول يوم لبناء الدولة الوطنية الجنوبية الفتية، فكانت نتيجته دامية وموجعة فدارت موجات صراع عنيفة لفرض ذلك التعصب على ثقافة شعب عربي أصيل، رغم مرارة الصراع ظلت اللحمة الوطنية الجنوبية عالية وموحدة وكان القيادات الوطنية الجنوبية تجمعها مواقف مشتركة رغم إصرار الآخر على تعميق الجراح أكثر وأكثر، وفي منتصف الثمانينات أشعلت نار الفتن بين صفوف قيادتنا حتى تجلى الفرز المناطقي المخطط والمدرس وكان الرفاق اليمنين هم من دفع بهذه الثقافة إلى قمة السلطة، حين عملوا على تسيد بعض أطراف الصراع على عدد من الحقائب الوزارية الرئاسية والحمومية في دولة الجنوب وتم إقصاء الطرف الآخر بغرض إيقاد الفتنة على قاعدة التعصب المناطقي بين كل أبين وشبوة من جهة ولحج من جهة أخرى، فكانت فرصة لهم لإدارة الصراع بين أبناء الجنوب والذي كان نتيجة كارثة ٨٦ المدمرة للجميع والقاسمة للظهر لمشروع دولتنا الوطنية الجنوبية، وعلى الرغم من قسوة تلك الفتنة إلا إن شعبنا استطاع أن يتجاوزها نسبيا، لكنه أصبح منقادا ضعيفا مطيعا فرمي به في مستنقع مشروع وحدة شكلية، وهذا ما انتبه لها شعب الجنوب حين اصطف قاطبة في انتخابات 93 وكانت النتائج واضحة أن هناك شعبين وثقافتين، لكن تلك الصحوة والتلاحم الوطني الاصيل لم يستثمر بالشكل المطلوب، حينها لم يكن أمام قوى صنعاء إلا تصدير ثقافة التعصب الديني والقبلي، لغرض تمزيف الصف الجنوبي وتحويله إلى لقمة سهلة، وعلى الرغم من أن ثقافة العصبية القبلية في الجنوب كانت أقرب إلى الحكم المدني, وكان احتمال التمزيق صعبا إلا زرع بذور التعصب الديني التكفيري كان هو المدخل الرئيسي، مما جعل حرب صيف عام ٩٤ نتيجة كارثية مازلنا نعاني منها حد اللحظة، واستمر سياسة إشعال فتنة الثأر في الجنوب بشكل عام وشبوة وأبين والصبيحة ويافع على وجه الخصوص كانت هي العامل الرئيس لاستمرار احتلالهم للجنوب وشعبه وثروته.

وعندما أطلق شعب الجنوب ثورة التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي في عام 2007م عزز نظام صنعاء أدواته التدميرية فكان التعصب الفكري الإرهابي العنيف هو العامل الرئيس لتحقيق أهداف نظام الاحتلال فجعلوا من أبين وشبوة وحضرموت موطنا للإرهاب فخاض شعبنا حرب الإرهاب وعندما أدرك نظام الاحتلال اليمني فشل هذا المشروع التدميري لجاء إلى اخر وسائله ألا وهو أشعال التعصب المذهبي الشيعي السني ومازال هذا المشروع التدميري يتصدر المشهد السياسي والعسكري.

وإضافة إلى تلك الحقيقة
وبعد مرور ١٠ أعوام نرى أن المجلس القيادي وحكومة الشرعية المحاربة من صنعاء أطلعت بمشروع تمزيقي قديم جديد وتتجلى مؤشراته يوما بعد يوم ألا أنه تعزيز ثقافة العصبية المناطقية في المشهد الجنوبي وتحت إشراف العليمي وشركاءه في السلطة والحكومة وبرعاية دول التحالف العربي، إذ
أن تعزيز قيادة سياسية من جهة معينة، في مؤسسات الدولة، بغرض تصفية طرف آخر، وتلك السياسة ليست بعيدة عن استراتيجية قوى صنعاء التي تعمل ليل نهار لتعزيز ثقافة العصبية المناطقية في الجنوب، وما تجلى في المشهد السياسي للحالة اليمنية اليوم في كثير من القرارات والتعيينات والوزارية تصب في هذا المخطط الغذر, ومما سبق تبين أن هناك مؤشرات خطر كبيرة ترسم وأن لم يتدارك صانعي القرار السياسي الجنوبي لهذه اللعبة الخطيرة فأن النتيجة ستكون قاتلة ومدمرة لمشروع الجنوب.

اللهم أني بلغت اللهم فأشهد.




شاهد أيضًا

الأجندات الخبيثة.. تهديدات الاستقرار في الجنوب ...

الجمعة/26/يوليه/2024 - 01:15 م

تشهد الساحة اليمنية حملات ابتزاز شرسة تقودها قوى الاحتلال، تستهدف تقويض سيادة الجنوب الأمنية والسياسية في ظل تطورات متسارعة، تتعرض قضية شعب الجنوب لمح


صفقات سرية تكشفها أزمة تذاكر الطيران بين صنعاء والأردن ...

الجمعة/26/يوليه/2024 - 08:00 ص

شهدت أسعار تذاكر الطيران بين صنعاء والأردن انخفاضاً مفاجئاً، حيث تراجعت من 750 دولاراً إلى 270 دولاراً، وأثارت هذه التطورات تساؤلات عديدة حول الأسباب


أزمات متفاقمة في عدن.. هل من أمل في الأفق؟ ...

الخميس/25/يوليه/2024 - 06:53 م

منذ فترة، يعاني سكان العاصمة عدن من تدهور الأوضاع المعيشية بشكل كبير، الفقر والحرمان أصبحا جزءاً لا يتجزأ من حياتهم اليومية، حيث يجد الكثيرون أنفسهم غ


الانتقالي الجنوبي يحدد شروطه للسلام ...

الخميس/25/يوليه/2024 - 05:30 م

عقدت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم الخميس، اجتماعها الدوري برئاسة الأستاذ علي عبد الله الكثيري القائم بأعمال رئيس المجلس، رئيس الجمعية الو