في لحظة حاسمة تعكس أولوية الملف الاقتصادي لدى القيادة الجنوبية، توجّه الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، صباح اليوم الإثنين إلى قلب شركة مصافي عدن، في زيارة تفقدية اعتبرتها "العين الثالثة" بمثابة إعلان صريح لخوض "معركة تشغيل المصافي" حتى آخر الطريق.
زيارة ميدانية بحجم الرهان
جاءت الزيارة في وقت تمر فيه مصافي عدن بمرحلة حرجة، وسط تحديات اقتصادية وفنية تعصف بأحد أقدم وأهم الصروح الإنتاجية في البلاد.
وعلى بوابات الشركة، كان في استقبال الرئيس الزُبيدي عدد من مسؤولي الهيئة الإدارية والكوادر الفنية، يتقدمهم المهندس سعيد محمد، القائم بأعمال المدير العام، الذي رافق الزُبيدي في جولة ميدانية شملت وحدات الإنتاج والمرافق الحيوية للمصفاة.
وبحسب "العين الثالثة"، فإن الجولة لم تكن بروتوكولية، بل عكست اهتماماً دقيقاً من الرئيس القائد بكل التفاصيل، من خطوط الإنتاج المتوقفة، إلى صالات التشغيل ومرافق الكهرباء.
اجتماع استثنائي على ركام التحديات
عقب الجولة، ترأس الرئيس الزُبيدي اجتماعاً موسعاً بقيادة المصفاة، استعرض خلاله أبرز التحديات التي تواجه جهود إعادة التشغيل، وعلى رأسها تأهيل الوحدة المصغرة التي ستبدأ بإنتاج نحو 6000 برميل من المازوت والديزل يومياً، بالإضافة إلى الاستعدادات لاستئناف وحدة التقطير الفراغي لإنتاج الأسفلت، المتوقع تشغيلها في مطلع أغسطس المقبل.
كما ناقش الاجتماع، بحسب ما رصدته "العين الثالثة"، أعمال الصيانة الجارية لمحطة الكهرباء التابعة للمصفاة، في خطوة تهدف إلى تعزيز كفاءة التشغيل وضمان استدامته، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل الأزمات المتكررة في تزويد الطاقة.
الزُبيدي: مصافي عدن ليست مصنعاً فقط.. بل رمز للسيادة الاقتصادية
في كلمته خلال الاجتماع، وجّه الرئيس الزُبيدي رسالة بالغة الوضوح للكوادر العاملة، قائلاً: "مصافي عدن ليست مجرد منشأة صناعية، بل شريان اقتصادي استراتيجي وركيزة من ركائز السيادة الوطنية، وأعلم أنكم أمام تحدٍ صعب، لكن ثقتنا بكم كبيرة، وسنخوض هذه المعركة معكم حتى النهاية."
وأضاف: "أنتم جنود في ميدان العمل الوطني، وسنكون إلى جانبكم في كل المراحل، ليس بالشعارات، بل بالدعم المباشر والإرادة السياسية التي لا تتراجع أمام الصعاب."
تصريحات الزُبيدي، كما تابعتها "العين الثالثة"، لم تكن فقط تحفيزية، بل أكدت وجود توجه فعلي لإعادة الاعتبار لهذا المرفق السيادي، وإخراجه من دائرة الإهمال المتراكم إلى مسار الإنتاج والتأثير.
دعم معنوي واستنهاض للكوادر
ردود فعل كوادر المصافي لم تتأخر، حيث عبّر المهندس سعيد محمد وبقية الفريق الفني عن امتنانهم العميق لهذه الزيارة، معتبرين إياها بمثابة دفعة قوية في وقت دقيق.
وأكدوا، في حديث خاص لـ"العين الثالثة"، أنهم ماضون في مهمة تأهيل المصفاة، مهما بلغت التحديات، ومتيقنون أن الدعم السياسي اليوم يمثّل طوق نجاة لاستعادة مكانة الشركة كأحد أهم الأعمدة الاقتصادية في الجنوب.
المصافي بوابة الاقتصاد لا تزال ممكنة
قراءة "العين الثالثة" لهذا الحدث تشير إلى أن الزيارة تحمل أكثر من دلالة: فهي أولاً تأكيد على التزام القيادة الجنوبية بخوض معركة اقتصادية لا تقل أهمية عن المعركة السياسية والعسكرية، وثانياً إنها توجيه ضمني للجهات الحكومية والدولية إلى أن الجنوب يملك مشروعاً واضحاً لإحياء مؤسساته، إذا توفرت الإرادة والدعم.
كما أن الزيارة تؤكد أن ملف الخدمات والإنتاج المحلي قد دخل مرحلة جديدة من الاهتمام، وأن مصافي عدن – رغم ما تعرضت له من تهميش طويل – لا تزال تملك فرصة للعودة كفاعل اقتصادي قوي، بشرط استمرار هذا النوع من الاهتمام المباشر والمستمر.
التعافي يبدأ من هنا
من قلب المصفاة، أطلق الزُبيدي رسالة تتجاوز حدود شركة أو منشأة، إنها رسالة عنوانها أن الجنوب قادر على إعادة البناء، بإرادة كوادره، وبدعم قيادته، وبإيمان لا يتزحزح بأن التعافي يبدأ من هنا.. من الأرض، من المصانع، من الناس.
وبينما تترقب "العين الثالثة" الخطوات التالية في ملف تشغيل المصافي، يظل السؤال الكبير: هل تلتقط الجهات المعنية الإشارة؟ وهل تحسم الإرادة السياسية معركة التشغيل فعلاً؟ الأيام القادمة وحدها تحمل الإجابة.
