في توقيت مشحون بالتحولات الإقليمية والداخلية، اختار الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي أن يرفع مستوى التنسيق العسكري عبر اجتماع واسع بالقادة الميدانيين، في خطوة تحمل دلالات تتجاوز الترتيبات التنظيمية إلى رسائل سياسية موجهة لأطراف الداخل والخارج.
الاجتماع، الذي عُقد في العاصمة عدن بحضور قيادات من الصف الأول، لم يكن مناسبة بروتوكولية، بل محطة مفصلية تندرج ضمن مسعى استراتيجي لبناء منظومة عسكرية جنوبية محترفة وموحدة، قائمة على الانضباط والجاهزية الكاملة.
لحظة ما قبل الحسم
في تحليل "العين الثالثة"، تعكس هذه الخطوة شعور القيادة الجنوبية بأن الجنوب دخل مرحلة جديدة تتطلب الحسم لا الانتظار، وبدا لافتًا أن لغة الزُبيدي كانت حاسمة ومباشرة، تتجنب المجاملات وتُحمّل كل قائد مسؤولياته دون مواربة.
كما أن تأكيده على "تحصين الجبهة الداخلية" لا ينفصل عن الإدراك العميق لحجم المخاطر التي تواجه الجنوب من بوابات الاقتصاد والإعلام والحرب النفسية، وليس فقط عبر الرصاص والقذائف.
ما وراء الصورة الجماعية
صورة الرئيس محاطًا بالقادة العسكريين كانت رسالة بصرية مدروسة، أرادت أن تقول: الجنوب موحد خلف قيادة واحدة، والميدان ليس في فراغ، لكنها أيضًا تضمنت رسائل ردع واضحة للجهات التي لا تزال تراهن على تفكيك الجبهة الجنوبية من الداخل.
من زاوية "العين الثالثة"، فإن هذه الصورة ليست فقط لإثبات الوجود، بل لتثبيت إرادة التغيير من الداخل وبأدوات جنوبية بحتة، دون الحاجة لوساطات أو إملاءات.
معركة بناء الدولة تبدأ من الانضباط
الزُبيدي لم يتحدث عن معركة في الحدود فقط، بل عن معركة بناء، وبناء المؤسسات الأمنية والعسكرية هو مقدمة لبناء الدولة، لذا شدد على أن "كل من لا يستطيع تحمل المسؤولية عليه أن يترجل"، وهي عبارة قد تُقرأ كإنذار مبكر لتغييرات مرتقبة في هيكلية القيادة.
في المحصلة، تبدو الخطوة بمثابة بداية مرحلة جديدة عنوانها: لا تسامح مع الفوضى، ولا قبول بالولاءات المزدوجة.